"إيلاف" من لندن: اعلنت الامم المتحدة والاتحاد الاوربي الاثنين عن اطلاقهما مبادرة بقيمة 15 مليون يورو في مشروع لمواجهة الفساد يعتبر الاكثر تعقيدا وتحديا في البلاد بهدف تخليصها من وبائه استجابة لآمال مواطنيها.

وتهدف المبادرة الى تأتي بعد يوم واحد من اعلان الرئيس العراقي برهم صالح عن تقديمه مشروع قانون الى البرلمان اطلق عليه "استرداد عائدات الفساد" إلى الحد من الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة العامة في العراق بالشراكة بين بعثة الاتحاد الأوروبي في البلاد وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسات الدولة الإتحادية وإقليم كردستان.

ويعتمد المشروع الذي اطلق عليه "دعم مبادرات العدالة لمكافحة الفساد وتعزيز تسوية المنازعات التجارية " على الجهود الوطنية العراقية لتعزيز الشفافية والمساءلة عبر مؤسسات الدولة ودعم العراق للوفاء بالتزاماته الوطنية والدولية فيما يتعلق بمكافحة الفساد.. اضافة الى تحسين الإطار التشريعي والاستراتيجي في البلاد لمكافحة الفساد ودعم قطاع العدالة لمعالجة جرائم الفساد بشكل أكثر فعالية ودعم جهود تطوير المحاكم التجارية وآليات التحكيم وبما يمكن المجتمع المدني العراقي من القيام بدور فاعل في هذا المجال بحسب ما اوضحت بعثة الامم المتحدة في العراق "يونامي" في تقرير بعثت بنصه الى "ايلاف" اليوم.

امتثال العراق للاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد
واضافت يونامي ان هذا البرنامج يدعم بشكل عام امتثال العراق لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تم المصادقة عليها عام 2008، ويساهم في خلق بيئة أكثر ملاءمة لجذب الاستثمارات الاقتصادية كما يؤدي بشكل أساسي إلى تحسين العلاقة بين المواطن والدولة والشفافية ورفع الوعي العام.

تشمل أنشطة المشروع على وجه الخصوص دعم مؤسسات الدولة لمراجعة القوانين الوطنية لمكافحة الفساد وتعزيز مواءمتها مع المعايير الدولية وتوفير فرص التدريب والإرشاد المتخصصة حسب الطلب لمحققي الفساد وقضاة النزاهة.

كما يعتمد المشروع على تعاون وثيق مع عدد من مؤسسات الدولة الإتحادية وإقليم كوردستان بما في ذلك مجلس القضاء الأعلى والمجلس القضائي لإقليم كوردستان وهيئتي النزاهة الاتحادية والإقليمية ومجلس النواب العراقي ومجلس نواب إقليم كوردستان ومكتبي رئيس الوزراء الاتحادي والإقليمي وكذلك منظمات المجتمع المدني العراقية.

تخليص العراق من وباء الفساد
ومن جانبه شدد سفير الاتحاد الأوروبي في العراق مارتن هوت على أن "مكافحة الفساد تتطلب جهداً مشتركاً وموحداً من الحكومة العراقية ومؤسسات الدولة والمجتمع العراقي اليقظ والمترقب على الدوام".

وأشار الى انه مع إطلاق هذه المبادرة المهمة يقدم الاتحاد الأوروبي دعماً كبيراً لمؤسسات الدولة العراقية المكلفة في مجال النزاهة كما يساعد هذا المشروع العراق على الوفاء بالتزاماته الوطنية والدولية والاستجابة لآمال المواطنين العراقيين الواضحة لتخليص العراق من وباء الفساد.

وقال السفير"إنني أتطلع إلى رؤية الإرادة السياسية القوية المستمرة والمِلكية الوطنية والتوجيه المشترك لهذه المبادرة لصالح العراق وشعبه".

أكثر المشاريع تعقيداً وتحدياً في العراق
أما الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق زينة علي أحمد فقد نوهت الى ان "الشعب العراقي قد خرج إلى الساحات للمطالبة باتخاذ إجراءات فعالة ضد الفساد حتى أصبحت أصوات المواطنين أعلى من أي وقت مضى ولا ينبغي تجاهلها بعد الآن".

وأضافت انه من "خلال تعزيز الشفافية والمساءلة العامة عبر إصلاحات رصينة لمكافحة الفساد، نهدف إلى تعزيز سيادة القانون واستعادة الثقة الشعبية في المؤسسات التي تخدمهم". وقالت "نحن ممتنون للغاية لشراكتنا العريقة مع الاتحاد الأوروبي، الذي أبدى التزاماً شجاعاً لدعم واحدة من أكثر المشاريع تعقيداً وتحدياً في العراق ولشركائنا في جميع مؤسسات الدولة الإتحادية وإقليم كردستان العراق لائتمانهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بقيادة هذا الجهد".

استرداد عائدات الفساد
وفي وقت سابق اليوم اعلنت الرئاسة العراقية ان مشروع قانون "استرداد عائدات الفساد" الذي كشف الرئيس العراقي برهم صالح امس عن تقديمه الى البرلمان يشمل جميع المسؤولين وكذلك اصحاب القرار منذ عام 2004 وتقديمهم موافقة برفع السرية عن ارصدتهم والدول التي توجد فيها حساباتهم المصرفية مع افراد عائلاتهم والمقربين منهم كما ينص على التعاقد مع شركات تحقيق عالمية رصينة من اجل التحري عن اموال العراق المهربة للخارج وعوائدها.

وأشارت الرئاسة في بيان تابعته "ايلاف" الى إن "القانون يشمل جميع مسؤولي الدولة العراقية الذين تسنموا المناصب العليا الأكثر عرضة للفساد، ومنذ عام 2004 وحتى الآن من درجة مدير عام فما فوق وتقوم الجهات المالية المختصة بإعداد قائمة موثّقة بشاغلي هذه المناصب خلال 17 سنة الماضية".

وأوضح الرئيس صالح ان مشروع القانون يهدف الى استعادة 150 مليار دولار تم تهريبها الى الخارج عبر صفقات فاسدة منذ عام 2004 ومحاكمة الفاسدين داعيا الى تحالف دولي لمكافحة الفساد مشيرا الى ان الفساد عطّل إرادة الشعب بالتقدم والبناء وتسبب بخروج الشباب المتظاهرين للمطالبة بوطن يخلو من الفساد .

وكانت منظمة الشفافية الدولية قد خلصت في تقريرها الصادر مطلع العام الحالي عن مؤشرات الفساد لعام 2020 إلى أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تزال شديدة الفساد موضحة ان العراق احتل المرتبة 160 من بين الـ 180 دولة في العالم في مؤشرها للفساد حيث تحدثت عن مستويات الفساد فيه متقدما على ليبيا والسودان وسوريا واليمن والصومال وجنوب السودان وحصل على 21 نقطة من بين 100 نقطة التي تصنف الدول من الأكثر إلى الأقل فسادا.

يشار الى ان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي كان قد اعلن في 30 أغسطس 2020 عن تشكيل لجنة عليا تختص بالتحقيق في قضايا الفساد الكبرى والجرائم الاستثنائية . وكانت موجة من الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية قد انطلقت في العاصمة العراقية بغداد ومحافظات أخرى في وسط وجنوب البلاد اواخر عام 2019 للمطالبة بمحاربة الفساد وتوفير الخدمات وفرص العمل أوقعت المئات من القتلى من المتظاهرين وآلاف الجرحى بينهم عناصر من قوات الأمن.