طهران: يرجح أن تنحصر الانتخابات الرئاسية الإيرانية بين سبعة مرشحين أعلنت وزارة الداخلية أسماءهم الثلاثاء، بينهم خمسة من المحافظين المتشددين أبرزهم ابراهيم رئيسي، بعد عملية مصادقة من قبل مجلس صيانة الدستور لقيت انتقادات واسعة لاستبعادها شخصيات بارزة يتقدمها علي لاريجاني، ويخشى أن تؤدي الى توسيع الامتناع عن المشاركة.
وتجري الجمهورية الإسلامية الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الثالثة عشرة في 18 حزيران/يونيو، لاختيار خلف للرئيس المعتدل حسن روحاني الذي لا يحق له دستوريا الترشح هذه المرة بعد ولايتين متتاليتين في منصبه.
ومنح مجلس صيانة الدستور الذي تعود إليه صلاحية المصادقة النهائية على الأسماء، الأهلية لسبعة مرشحين من أصل زهاء 600 تسجلوا لدى وزارة الداخلية خلال مهلة الترشح.
ووفق تركيبة اللائحة التي نشرتها الوزارة قبل 24 ساعة من الموعد المتوقع، يبدو الطريق ممهدا أمام رئيسي للخروج فائزا، علما بأنه نال 38 بالمئة من الأصوات لدى خوضه انتخابات عام 2017 التي انتهت باحتفاظ روحاني بمنصبه.
واستبعد المجلس، وهو هيئة غير منتخبة يهيمن عليها المحافظون وتتألف من 12 عضوا، أسماء بارزة مثل المحافظ المعتدل لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، والمحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد الذي تولى الرئاسة بين 2005 و2013، والإصلاحي اسحاق جهانغيري، النائب الأول لروحاني.
وبرزت بين الانتقادات للمجلس، تلك الصادرة عن شقيق علي آية الله صادق آملي لاريجاني، وهو عضو المجلس ورئيس مجمع تشخيص النظام.
وقال في بيان "لطالما دافعت عن مجلس صيانة الدستور (...) لكن لم يسبق لي أن وجدت قرارات المجلس غير قابلة للدفاع عنها لهذا الحد، أكان على صعيد الأهلية أو الاستبعادات".
وانتقد آملي لاريجاني الذي ترأس السلطة القضائية الى أن خلفه رئيسي عام 2019، نفوذ "أجهزة أمنية" في قرارات المجلس، معتبرا أن الحجج التي قدمها هو لتزكية أسماء بعض المرشحين كانت "غير فاعلة".
ومن النادر أن تشهد الساحة السياسية الإيرانية، انتقادات لهيئة رسمية من مسؤول بارز يشغل أيضا عضوية مجلس خبراء القيادة.
وفي حين كان استبعاد أحمدي نجاد مرجحا نظرا لأنه واجه المصير نفسه لدى ترشحه لانتخابات 2017، شكل إقصاء لاريجاني الذي تولى رئاسة مجلس الشورى (البرلمان) بين 2008 و2020، إضافة الى جهانغيري، خطوة مفاجئة.
في المقابل، صادق المجلس على ترشيح خمسة محافظين متشددين يتقدمهم رئيسي.
وضمت لائحة الأسماء كذلك أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، ومحافظ المصرف المركزي عبد الناصر همتي (إصلاحي)، والأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي (محافظ متشدد)، والنائب السابق للرئيس محسن مهر علي زاده (إصلاحي)، والنائب علي رضا زاكاني (محافظ متشدد)، والنائب أمير حسين قاضي زاده هاشمي (محافظ متشدد).
وأقر لاريجاني باستبعاده، وقال في بيان نشر عبر حسابه على تويتر "الأمة الإيرانية العزيزة، الآن وقد تقرر أن تكون الانتخابات على هذا النحو، لقد أتممت واجبي".
وأضاف "أنا راضٍ بما ارتضاه الله"، داعيا مواطنيه للاقتراع من أجل "تقدم" بلادهم.
أما جهانغيري فكان أكثر انتقادا، واعتبر في بيان نشرته وسائل إعلام محلية "أن استبعاد العديد من المرشحين القديرين، هو تهديد جدي للمشاركة العامة والمنافسة العادلة بين الأطراف والحركات السياسية لا سيما الاصلاحيين".
وحتى أولى ساعات المساء، لم يعلق أحمدي نجاد على قرار المجلس، علما بأنه كان حذّر من أنه سيقاطع الانتخابات في حال استبعاده.
وردت الأنباء عن استبعاد لاريجاني وأحمدي نجاد وجهانغيري، بداية في تقرير لوكالة "فارس" القريبة من المحافظين المتشددين ليل الإثنين الثلاثاء، وتناقلته وسائل الإعلام صباحا.
كما نشرت الوكالة أسماء سبعة مرشحين نهائيين، وفق مصادر لم تحددها، جاءت مطابقة للائحة الرسمية التي صدرت اليوم.
ورأت "فارس" ان اللائحة النهائية تظهر أن مجلس صيانة الدستور "ركّز على سجل الأفراد (المرشحين) من دون النظر الى مواقعهم".
وأثار استبعاد أسماء بارزة محليا، انتقادات من أطراف مختلفة في توجهاتها السياسية.
وكتب الصحافي الاصلاحي مصطفى فقيهي عبر تويتر "لم أر سابقا على الاطلاق مجلس صيانة الدستور يواجه انتقادات كثيفة كهذه، من أقصى اليمين الى أقصى اليسار (في الخريطة السياسية المحلية) على خلفية المصادقة على أهلية أو استبعاد هذا أو ذاك" من المرشحين.
وقال رئيس تحرير وكالة "تسنيم" القريبة من المتشددين كيان عبداللهي، إن القرارات "غير قابلة للتبرير لدى الرأي العام"، وأن "جزءا مهما" من المحافظين يعارضونها.
ونشرت وكالة فارس الثلاثاء استطلاعا للرأي قالت إن مركزا "مرموقا" أجراه، يشير الى أن 72,5 بالمئة من الأشخاص الذين سيشاركون في عملية الاقتراع، سيصوتون لصالح رئيسي، وأن نسبة التصويت ستبلغ 53 بالمئة.
وتواجه الانتخابات أسئلة حول نسبة المشاركة، بعد امتناع قياسي تجاوز 57 بالمئة في آخر عملية اقتراع في إيران، وهي انتخابات مجلس الشورى في شباط/فبراير 2020، والتي انتهت بفوز ساحق للمحافظين، بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور آلاف المرشحين، العديد منهم كانوا من المعتدلين والاصلاحيين.
كما تأتي الانتخابات في ظل أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة، تعود بشكل أساسي الى العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها على إيران اعتبارا من عام 2018، بعد انسحابها الأحادي من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني. وتخوض طهران والقوى الكبرى حاليا، مباحثات في فيينا سعيا لإحياء الاتفاق.
وشدد المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي الثلاثاء على أن "مشاركة محدودة ليست في مصلحة أحد"، وأن الحكومة تتوقع "من كل الهيئات التي تؤدي دورا في الانتخابات (...) أن تحضر الأرضية لاستعادة الأمل والحماسة".
وردا على سؤال بشأن تقارير عن رسالة وجهها روحاني لخامنئي يطلب منه فيها إجازة مشاركة بعض المستبعدين، اكتفى ربيعي بالقول إن لا "معلومات" لديه بهذا الشأن.
وتخول القوانين الإيرانية المرشد الأعلى، صاحب الكلمة الفصل في القضايا الكبرى، إجازة تقدم مرشحين استبعدهم مجلس صيانة الدستور. وسجّل ذلك في حال اثنين من المرشحين الاصلاحيين لانتخابات 2005، أحدهما محسن مهر علي زاده.
التعليقات