باماكو: عاد الكولونيل أسيمي غويتا الاثنين الى مالي بمهمة رئيسية هي تعيين رئيس وزراء انتقالي بعدما بدا أن دول غرب افريقيا المجاورة أخذت علما بتوليه السلطة في انقلاب عسكري هو الثاني الذي تشهده البلاد خلال تسعة أشهر.

وعاد أسيمي القائد السابق لكتيبة القوات الخاصة من غانا حيث التقى قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي عقدت قمة استثنائية الأحد مخصصة لوضع مالي. كان يفترض أن يبتوا المسألة الشائكة المتعلقة بالرد على الانقلاب الثاني الذي نفذه غويتا والضباط الانقلابيون خلال تسعة أشهر في بلد يعتبر مهما من أجل استقرار منطقة الساحل التي تواجه انتشارا للجهاديين.

هزة سياسية أخرى في بلد يشهد اضطرابا، فقد أطاح غويتا الأسبوع الماضي بالرئيس باه نداو ورئيس الوزراء مختار أواني اللذين كانا يؤمنان الانتقال المدني بعد انقلاب 18 آب/اغسطس 2020 والذي كان يفترض أن يعيد المدنيين الى السلطة في غضون 18 شهرا.

ثم أعلنته المحكمة الدستورية رئيسا للمرحلة الانتقالية ورئيسا للدولة.

وقد علقت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا عضوية مالي ومؤسساتها ما يمنع على سبيل المثال قادة مالي من المشاركة في قمم المنظمة.

هذا التعليق "يدخل حيز التنفيذ فورا" وسيبقى ساريا حتى شباط/فبراير 2022 الموعد المقرر لاجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بهدف تسليم السلطة الى المدنيين كما أعلنت وزيرة خارجية غانا شيرلي أيوركور بوتشوي للصحافيين في ختام القمة.

لكن مجموعة دول غرب افريقيا التي كانت فرضت حظرا تجاريا وماليا على مالي في آب/اغسطس 2020 امتنعت هذه المرة عن فرض مثل هذه العقوبات سواء كانت عامة او تستهدف العسكريين.

لكنها دانت ما سمته "انقلابا" وبقيت في الوقت نفسه صامتة ازاء قرار المحكمة الدستورية الذي جعل من أسيمي غويتا رئيسا. ولم تطالب المنظمة الإقليمية بعودة الرئيس ورئيس الحكومة المعزولين، لكنها طلبت إنهاء الإقامة الجبرية المفروضة عليهما.

وجاء في بيان نشر إثر القمة أن "رؤساء الدول يدينون بشدة الانقلاب الأخير" و"قرروا تعليق عضوية مالي في مؤسسات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وفقا لأحكامها".

وتكون المجموعة بذلك قد كرست واقع رئاسة غويتا كما اعتبر العديد من الخبراء.

وكتب المبعوث الأميركي الخاص السابق لمنطقة الساحل بيتر بام على تويتر أن مجموعة دول غرب افريقيا قررت "قبول الأمر الواقع وإلغاء العقوبات التي فرضتها العام الماضي بالكامل" مضيفا "وعبر عدم ذكرها تولي الكولونيل أسيمي غويتا الرئاسة والدعوة الى تعيين رئيس وزراء مدني جديد (من قبل الرئيس) فهي اعترفت ضمنا برئيس الدولة".

أثارت بعثة للمجموعة أوفدت الأسبوع الماضي الى مالي إمكانية فرض عقوبات. لكن فرض اجراءات قسرية جديدة يثير انقساما في صفوف قادة دول غرب افريقيا.

والعقوبات التي فرضت في آب/اغسطس 2020 شعر بها بشدة السكان الذين يعانون أساسا في بلد منهك.

من جانب آخر، وجدت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا نفسها في مواجهة صدع مع التساهل الذي أبدته حيال الانتقال العسكري في تشاد، وهي دولة أخرى في منطقة الساحل تولى فيها مجلس عسكري انتقالي مؤلف من 15 جنرالا السلطة في 20 نيسان/ابريل بعد وفاة إدريس ديبي إتنو يرأسه أحد أبناء الرئيس السابق.

ولوحت فرنسا والولايات المتحدة اللتان انخرطتا عسكريا في منطقة الساحل، بفرض عقوبات بعد انقلاب مالي في 24 أيار/مايو.

واعتبرت فرنسا الاثنين ان "الأولوية المطلقة" هي ابقاء موعد الانتخابات في شباط/فبراير بدون التلويح بتهديد العقوبات.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في بيان إن "فرنسا تشاطر المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا رأيها لجهة أن الاولوية المطلقة هي تنظيم الانتخابات الرئاسية في 27 شباط/فبراير 2022 ضمن الشروط المشددة التي عبر عنها رؤساء الدول والحكومات في بيان 30 أيار/مايو".

وكانت باريس نددت سابقا بـ"انقلاب غير مقبول" وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة مع صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" نشرت الأحد من أن باريس "لن تبقى إلى جانب بلدٍ لم تعد فيه شرعيّة ديموقراطيّة ولا عمليّة انتقال".

كما حذر ماكرون من أن باريس ستسحب قواتها من مالي في حال سار هذا البلد باتجاه "الإسلام الراديكالي" وذلك في تنبيه قبل تعيين رئيس للوزراء قد يبدي تساهلا مع الجهاديين.

أبدى الضباط انفتاحهم على الحوار مع بعض قادة الجهاديين. والشخصية التي يجري تداول اسمها كثيرا لشغل منصب رئيس الوزراء شوغيل كوكالا مايغا يعتبر أن له علاقات وثيقة بالإمام المحافظ النافذ محمود ديكو المؤيد أيضا لمثل هذا الحوار الذي ترفضه باريس.

وكان الكولونيل أسيمي غويتا أعلن الجمعة أن حكومة يمكن أن تشكل في الأيام المقبلة.