"إيلاف" من لندن : بحث قادة مسيحيي العراق مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ما قالوا انها اوضاع مكونهم المهمشة وظروف البلاد المعقدة مؤكدا لهم انه انه يعمل بعقلانية على حلّ الأمور عبر الحوار لحقن الدماء.
وقال الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم الاثنين انه اجتمع الليلة الماضية في القصر الحكومي بالمنطقة الخضراء وسط بغداد رفقة المعاون روبرت سعيد جرجيس مع الكاظمي وناقش معه الاوضاع العامة للبلاد وظروف المسيحيين في العراق.

وأشار في بيان تابعته إيلاف الى ان رئيس الوزراء قد علق على رسالة كان قد وجهها اليه في الثاني من الشهر الحالي وقدم فيها رؤيته حول شكل الدولة ومستقبلها وتطرق للتوقعات بتأجيل الانتخابات حيث وصفها بانها "عبّرت بدقة عن الوضع المعقّد في العراق".

وأضاف انه قدم للكاظمي شرحا لوضع المكون المسيحي المهمَّش والذي يعاني من البطالة وغياب مشاريع تنموية في بلدات سهل نينوى الشمالي ورد عليه مؤكدا انه "يعمل من أجل حلّ الامور بعقلانية وعِبر الحوار خصوصاً لحقن الدماء" موضحا ان "المشكلة هي سياسية بامتياز وتمنى ان ينهض البلد الذي لا تنقصه الثروات الطبيعية والقدرات البشرية". وقد اثنى الكاردينال على أسلوب الكاظمي واسلوبه الهاديء وأعتماده على الحوار.

رسالة ساكو الى الكاظمي
وكان ساكو قد وجه في الثاني من الشهر الحالي رسالة الى الكاظمي قدم فيها رؤيته بعدة نقاط تخص شكل الدولة ومستقبلها وتطرق للتوقعات بتأجيل الانتخابات قال فيها إن "ضمان الاستقرار في العراق يقوم باتّخاذ خطوات ملموسة وشجاعة للاتفاق على شكل الدولة والمشكلة البنيوية هي أنه لم يتم حتى الآن واقعياً الاتفاق على شكل الدولة أو لا توجد القناعة عند معظم السياسيين بدولة نظامية يكون فيها الولاء للوطن وحصر السلاح بيد الدولة دفاعاً عن سيادتها المطلقة".

وأضاف متسائلاً "ما هو شكل الدولة واقعياً وليس نظرياً في العراق؟ هل هو فيدرالي، ديمقراطي ، مدني، ديني ..الخ؟ في اعتقادي لا يزال الموقف غامضاً ومعقداً جداّ". وبين أن"المعضلة هي في شكل الدولة وليس في تشكيل الحكومة حيث يمكن الاتفاق على الحكومة، لكن يبقى كل طرف محافظاً على دولته وسلطته ومصالحه ويبدو أن كل مسارات المصالحة متوقفة الى حد الآن والكلام عن حوار مفتوح أراه غير مجدٍ من دون وجود إرادة سياسية ووطنية مسؤولة لبناء علاقات جديدة صادقة للتعاون في تحقيق المساواة بين جميع العراقيين وضمان حقوقهم ومساواتهم وتوفير الخدمات لهم.

ورأى أن "ذلك يحتاج الى الاتفاق على شكل الدولة والدستور والنظام وسياسيونا يحتاجون إلى أن يكونوا إنسانيين ووطنيين وساعين الى السلام والمحبة كما أكّد البابا فرنسيس خلال زيارته الاخيرة للعراق".
ولاحظ أن "ثمة شعور بامكانية تأجيل الانتخابات المبكرة المنتظرة في العاشر من تشرين الاول اكتوبر المقبل أو عدم إجرائها .. منوها الى انه إذا أجريت هذه الانتخابات ولم تكن لصالح بعض الأحزاب السياسية فلن تقبل بنتائجها ويرجع البلد الى المربع الأول".

وخاطب القيادي المسيحي الكاظمي قائلا "دولة الرئيس، بعد 18 سنة من زوال النظام وتفاقم الأزمة السياسية والأمنية والاقتصادية والصحية فان على السياسي العراقي أن يطوّر فكره ويجدد انتماءه والتزامه بخدمة شعبه.. وأتمنى من دولتكم المؤقرة أن تعملوا على دراسة هذه النقاط التي ذكرتها مع الرئاسات الأخرى والبرلمان".
يشار الى ان العراق يعاني ظروفا سياسية وأمنية صعبة نتيجة تجاوزات المليشيات العراقية المؤيدة لايران على سيادة البدولة وخرقها للقانون وتنفيذها لهجومات مسلحة ضد مواقع القوات الدولية والبعثات الدبلومسية الاجنبية في البلاد.

يشار الى ان موجة نزوح واسعة للمسيحيين من العراق قد بدأت بعد بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 وتسارعت وتيرتها في عهد تنظيم داعش الذي لم تفرق وحشيته بين الأقليات والمسلمين حيث غادر مئات الآلاف منهم إلى المناطق المجاورة وإلى الدول الغربية.

وعبر سهول نينوى في شمال العراق، وهي موطن لبعض من أقدم الكنائس والأديرة في العالم، يعيش أغلب المسيحيين الباقين نازحين في قرى سقطت بسهولة في قبضة داعش في عام 2014 أو داخل جيوب بمدن أكبر مثل الموصل والمنطقة الكردية القريبة.

ولا يزال الدمار المادي والخراب الاقتصادي ماثلا للعيان هناك وتواجه السلطات العراقية صعوبات في إعادة بناء المناطق التي دمرتها الحرب، وتتنافس جماعات مسلحة خارجة عن سيطرة الحكومة على الأرض والموارد بما في ذلك في معاقل المسيحيين.

ويقول المسيحيون إنهم أمام معضلة - إما العودة إلى منازلهم المدمرة، أو إعادة توطينهم في أماكن أخرى في العراق، أو الهجرة من بلد أثبتت التجارب أنه لا يستطيع حمايتهم. ويقدر عدد المسيحيين في العراق حاليا بنحو 300 ألف، أي 20 في المئة فحسب من مليون ونصف المليون مسيحي الذين كانوا يعيشون في البلاد قبل عام 2003.