بوغوتا: خلال النهار يعملون كممرضين أو بائعين في السوق أما في الليل، فيتسللون بين القنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية لإنقاذ المتظاهرين الذين يشاركون في الانتفاضة الشعبية التي تهز كولومبيا منذ أكثر من شهر.

بعضهم حاصل على تدريب طبي والبعض الآخر يتعلم خلاله قيامه بالعمل.

وقال شاب يعمل في مجال الإعلانات يبلغ 32 عاما ويساعد في عيادة أقيمت موقتا في ملعب لكرة السلة في جنوب بوغوتا "لدي معرفة أساسية بالإسعافات الأولية... وأشعر بالحاجة إلى تطبيقها في وضع مثل الذي نعيشه في كولومبيا".

وأوضح مواطن آخر يبلغ 23 عاما ينضم إلى هذه المجموعة ليلا بعد إنهاء عمله في السوق "تعرضت صديقة لي لاعتداء جنسي من قبل الشرطة هنا". وقال آخر "نحن نقوم بما يجب على الشرطة فعله: إنقاذ الأرواح".

وأقيمت هذه العيادة التي يديرها متطوعون يبلغ عددهم 12 شخصا وتتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما، قرب الحاجز المقام في محطة بورتال دي لاس أميريكاس، وهي تحصل على إمداد كهربائي من منازل جيران قريبة.

ومنذ أسابيع، يغلق متظاهرون مركز النقل احتجاجا على ما قالوا إنه احتجاز غير قانوني لعشرات من بينهم.

وأصبحت المحطة معروفة باسم "بوابة المقاومة" وهي رمز للاحتجاجات المستمرة منذ خمسة أسابيع ضد حكومة الرئيس إيفان دوكي، فيما أثار الفقر والبطالة وعدم المساواة وتداعيات فيروس كورونا، غضبا واستياء واسعي النطاق.

في خمسة أسابيع من الاضطرابات، قتل 59 شخصا في كل أنحاء كولومبيا وفقا لبيانات رسمية، وأصيب أكثر من 2300 من المدنيين والقوات الامنية.

جميع القتلى مدنيون باستثناء شخصين، فيما أثارت حملة القوات الامنية القمعية لحركة الاحتجاج، إدانة دولية.

وقالت ممرضة تبلغ 24 عاما تطوعت أيضا لمعالجة الأشخاص الذين أصيبوا على حاجز بورتال دي لاس أميريكاس "استخدمنا النقالة كدرع".

وأضافت ممرضة أخرى تبلغ 34 عاما "شاهدت في الأخبار العدد اليومي للجرحى وشعرت بأنني عديمة الفائدة في المنزل... قررت أن آخذ حقيبة الإسعافات الطبية وأذهب لتقديم المساعدة".

ولا يرغب مقدمو الرعاية والمهنيون والهواة على حد سواء كشف أسمائهم خوفا على سلامتهم.

في 24 أيار/مايو، قتل أرماندو ألفاريز وهو طبيب عالج متظاهرين أصيبوا بجروح في مدينة كالي، بالرصاص أثناء مغادرته مكان عمله.

ومساء 26 أيار/مايو، عند حاجز "بوابة المقاومة"، كان منقذون يقومون برحلات من خط المواجهة وإليه حيث واجه متظاهرون مسلحين بالحجارة والدروع المصنوعة من الخشب والصفيح، شرطة مكافحة الشغب المدججة بالسلاح.

سقط المصابون واحدا تلو الآخر مختنقين بالغاز المسيل للدموع أو بعدما اصيبوا بمقذوفات الشرطة.

وكانت أخطر الإصابات في الوجه والعينين.

قرابة الساعة 21,30، نقل رجل مسافة 200 متر من خط الجبهة إلى العيادة الموقتة. إنه أول مريض لهذه الليلة وهو يعاني من ألم في الكاحل بعدما أصابته عبوة غاز قال إنها أطلقت من مبنى قريب.

وبعد فترة وجيزة، وصل شاب مصابا في كتفه نتيجة مقذوفة غير محددة أطلقتها الشرطة.

وقالت الممرضة البالغة 34 عاما لوكالة فرانس برس إن بعض الأيام تكون أصعب من غيرها.

وأضافت "هناك أمور تصدمك مثلما عندما يقول لك شاب: أخبروني بالحقيقة. هل فقدت عيني؟"

ورغم أن الاشتباكات أثرت أيضا على الأحياء المجاورة، يواصل الجيران التبرع بالأدوية والغذاء للمتطوعين.