ايلاف من لندن: حذر الرئيس العراقي برهم صالح الاحد من خطر التدخلات الخارجية في شؤون بلاده، وشدد على انه لا استقرار للمنطقة من دون دولة عراقية وطنية مقتدرة ذات سيادة مؤكدا تهريب 150 مليار دولار من اموال البلاد الى الخارج منذ عام 2003.

وشدد الرئيس صالح على ضرورة ان يكون مشروع العراق وطنيّاً من الداخل، عبر التأسيس لدولة مقتدرة ومحترمة تخدم مواطنيها وتُسخر موارد البلد لخدمتهم وتكون في أمن مع شعبها وجوارها، معتبراً أن الخلل الأكبر الذي ينتهك سيادة العراق هو انتهاك إرادة الناخب العراقي والتلاعب بصوته.

واشار الى ان "تحقيق السيادة يبدأ من صوْن أصوات المواطنين في الانتخابات، لافتاً إلى أن فتوى الجهاد الكفائي للمرجعية الدينية كانت مشروعاً وطنياً لإنقاذ العراق" في اشارة الى فتوى المرجع الشيعي الاعلى في العراق السيد علي السيستاني في منتصف عام 2014 بالتطوع لمواجهة تنظيم داعش اثر احتلاله لمدينة الموصل ومساحات شاسعة من محافظات البلاد الغربية.

لا استقرار بدون عراق ذات سيادة

وقال الرئيس برهم صالح في كلمة خلال ملتقى حواري في بغداد وزعت الرئاسة العراقية الاحد مضمونها الذي تابعته "ايلاف" إنه لا يمكن للمنطقة أن تستقر دون دولة عراقية وطنية مقتدرة وذات سيادة، مشروع العراق يجب أن يكون مشروعاً وطنياً في الداخل .

وشدد على أهمية الدولة المقتدرة الخادمة لمواطنيها التي تُسخّر موارد بلدها لخدمة المواطنين وتكون في أمن مع شعبها وجوارها. ولفت الرئيس إلى أن التدخل في الشأن العراقي والقيمومة والوصاية سيؤدي إلى تدخلات متقابلة والكل سيتضرر من هذه الحالة.

استحقاقات عراقية

وأشار الرئيس صالح إلى أن أمام العراق استحقاقات كبيرة في التنمية الاقتصادية والتمهيد لعقد سياسي جديد والأوضاع الجديدة في المنطقة، .. مبينا أن البلد يعاني من اختناقات سياسية خطيرة بحاجة إلى حلول خارج المألوف، ومن المهم الاستفادة من النخب الأكاديمية والجامعات ومراكز الأبحاث في هذا الصدد.

وأضاف أن المرجعية الدينية في النجف لعبت أدواراً مهمة تاريخياً وفي الأحداث والتحولات الكبرى، ودوما ما كانت مواقفها مساندة للقرار الوطني والسيادة العراقية منذ ثورة العشرين وحتى اليوم، لافتا إلى أن فتوى الجهاد الكفائي جاءت في لحظة مصيرية ولبّاها الشباب والكهول، وهي ليست فتوى لمذهب أو طائفة وإنما كانت مشروعاً وطنياً لإنقاذ العراق في لحظات خطيرة، وينبغي أن نتوقف عندها وندرسها عبر الباحثين ومراكز الفكر.

تابع أن في مثل هذه اللحظات تتبين أهمية المرجعية ودورها التاريخي والريادي كصمام الأمان المدافع والمساند لسيادة العراق وقراره الوطني وأمن جميع العراقيين، مشيراً إلى أن المرجعية تاريخياً كانت دوماً في حماية المظلومين وانبرت للدفاع عن الكرد والمسيحيين والإيزيديين.

اختلالات

ولفت الرئيس العراقي إلى أن ما تحقق بعد 2003 ليس بالقليل ولكن يجب أن تكون لنا الجرأة بالقول إن فيها الكثير من الاختلالات ولا تلبي ما يتطلع إليه العراقيون من حكم رشيد ودولة مقتدرة ومحترمة ذات سيادة.

وقال ان مفهوماً يتبلور حاليا من البصرة إلى النجف والعمارة والأنبار والموصل والسليمانية وأربيل بضرورة وجود دولة مقتدرة تكون حامية لمواطنيها.

وبيّن إن الانتخابات المقبلة جاءت تجاوباً مع مطالب الناس الذي لمسوا في الوضع السياسي الحالي بأنه غير قادر على خدمتهم، وردَّ فعلٍ على ما اعتبروه تزويرا وتلاعبا بأصواتهم في الانتخابات السابقة.

وشدد على أن الخلل الأكبر الذي ينتهك سيادة العراق هو انتهاك إرادة الناخب العراقي والتلاعب بصوته، والسيادة تبدأ من احترام صوت المواطن في الانتخابات، واستعادة شرعية النظام والدولة تستند إلى الانتخابات الحرة بدون قيمومة وتزوير وتلاعب.

وأضاف الرئيس العراقي منوها الى أن هناك حالة تشكيك في الانتخابات من قبل المواطنين، بالاستناد إلى أن ما حصل في الانتخابات السابقة ليس بالقليل، منوّهاً الى أن المفوضية تعمل بشكل جدي من أجل ضمان نزاهة الانتخابات، وللرقابة الأممية دورٌ مهمٌ، ولكن أيضا على منظماتنا وفعاليتنا الاجتماعية دور كبير في الرقابة وطمأنة المواطنين.

تهريب 150 مليار دولار

واوضح إنه وبحسب خبراء تبلغُ وارداتُ العراق من النفط منذ العام 2003 وحتى الآن الف مليار دولار، وُتشير التخمينات الى 150 مليار دولار منها انتهت الى الخارج بصفقات مشبوهة مرتبطة بالفساد الذي يعتبر الاقتصاد السياسي للعنف والفوضى وإضعاف الدولة وانتهاك السيادة وإبقاء العراق في هذه الحالة، وبدون معالجة قضية الفساد واسترداد أمواله باعتبارها ركناً من اركان الدولة لا يمكن ان نحقق ما نطمح إليه من حكم رشيد.

وحول الأوضاع الإقليمية، قال صالح إن ارض الرافدين كانت تاريخياً نقطة توازنات وصراعات المنطقة، واليوم لا يمكن للمنطقة أن تستقر دون دولة عراقية وطنية مقتدرة وذات سيادة، وأن أي تدخل من طرف في شؤونه سيكون مدخلا لتدخلات أخرى وستستمر دوامة الأزمة والجميع خاسر فيها.

وأوضح أن عدد نفوس العراق سيكون 80 مليون نسمة بحلول 2050، وتشير بيانات الى أن وارادات النفط المالية ستنخفض بحلول عام 2030 لجهة انخفاض الطلب عليه بعد تحوّل العالم الى الطاقة الكهربائية البديلة، مشيرا الى أن الاحتياطات الهائلة للعراق لن تؤمّن مستقبل أجيالنا ونفس الامر ينطبق على إيران والسعودية والأردن وكل جيراننا، وهذا يستوجب التعاون معا لمواجهة هذه التحديات بالاستناد الى دولة عراقية وطنية مقتدرة وذات سيادة.

يشار الى ان القادة العراقيين يحاولون بناء علاقات ايجابية مع دول المنطقة وخاصة المجاورة منها والنأي ببلادهم عن الصراعات فيها ويسعون الى الموازنة في هذه العلاقات بين القطبين الكبيرين المتنازعين فيها الولايات المتحدة وايران واللذين لهما تدخل في الشؤون العراقية اذا يبل هلاء القادة جهودا كبيرة لتهدئة هذا الصراع والتوسط بين اطرافه لنزع فتيل خطورته على بلادهم.