واشنطن: يأمل المخرج باتريك فوربس في أن يكون فيلمه الوثائقي "ذي فانتوم" (الشبح) "الشرارة" الكفيلة دفع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى التحرك في شأن عقوبة الإعدام، لانطوائه على رسالة "واضحة جداً"، مفادها أن بريئاً أعدِم.
يتناول الفيلم الذي تبدأ عروضه في دور السينما في 2 يوليو المقبل قصة جريمة قتل واندا لوبيز التي تعرضت للطعن في إحدى ليالي عام 1983 في محطة وقود في كوربوس كريستي (ولاية تكساس) حيث كانت تعمل موظفة صندوق.
إذ اتصلت الشابة بالشرطة قبل وقت قصير من مصرعها للإبلاغ عن رجل يثير الشبهة. ويبدأ الفيلم الوثائقي الذي يعيد بناء الوقائع بدقة، بتسجيل لكلمات واندا الأخيرة وهي تخاطب الرجل: "هل تريدها (النقود)؟ خذها، سأعطيك إياها. لن أفعل لك شيئاً، من فضلك!".
وصلت الشرطة لإنقاذها لكنّ الأوان كان قد فات، فانطلق عناصرها لملاحقة الجاني الذي رآه شهود يهرب مشياً. بعد 40 دقيقة، تمكنوا من توقيف كارلوس دي لونا الذي كان في العشرين من عمره وله سوابق كثيرة أصلاً، وكان يختبئ تحت سيارة.
ولم يواصل عناصر الشرطة البحث أبعد من ذلك، اقتناعا منهم بأنهم قبضوا على القاتل، مع أن الموقوف أكد لهم براءته ولم تظهر عليه أي بقع دم.
وشرح كارلوس دي لونا خلال محاكمته أنه لاذ بالفرار خشية الاشتباه به، وأكد أنه يعرف الجاني ويدعى كارلوس هيرنانديز، وقال إنه تعرفه إليه في السجن.
ولكن عندما عُرضت عليه صور رجال يحملون هذا الاسم، لم يتمكن من التعرف عليه. وأضعفت بعض الأكاذيب في المحكمة صدقيته. واستنتج المدعي العام أن كارلوس هيرنانديز من نسج خياله ومجرّد "شبح"، وفي نهاية النطاق حُكم عليه بالإعدام. وبعد ردّ كل طلبات استئناف الحكم التي تقدّم بها، نفذ الحكم بإعدامه عام 1989.
قال البريطاني باتريك فوربس الذي سبق أن تولى إخراج "ويكيليكس: أسرار وأكاذيب" عام 2012، إن "الحقيقة بدأت تظهر ببطء اعتباراً من هذه اللحظة".
في العام 2004، أطلق أستاذ القانون في جامعة كولومبيا جيمس ليبمان تحقيقاً مضاداً بمساعدة طلابه وتحرٍّ خاص.
واكتشفوا أن كارلوس هيرنانديز موجود بالفعل. وبدا هذا الرجل الذي توفي في السجن عام 1999 بينما كان يقضي عقوبة بتهمة الاعتداء على امرأة بسكين، شديد الشبه بكارلوس دي لونا.
وفي العام 2012، نشر البروفيسور ليبمان وطلابه مقالاً طويلاً في مجلة قانونية بعنوان "الكارلوسان: تشريح لخطأ قضائي"، ارتكز عليه فيلم فوربس.
ومع ذلك، أكد باتريك فوربس أنه بدأ استقصاءاته من دون موقف مسبق. وقال "إذا كان فيلمي عبارة عن مقطع فيديو لحملة مناهضة لعقوبة الإعدام ، فسيكون سيئًا".
بحث فوربس منهجياً عن جميع المعنيين بالقضية، وأجرى مقابلات مع شرطيين ومدعين عامين ومحامين وشهود ... وكذلك مع نساء كن ضحايا لكارلوس هيرنانديز وما زلن يعانين من العنف الذي مارسه عليهن.
وروت إحداهن أنه تفاخر أمامها بقتل واندا لوبيز وبهروبه من العدالة بفضل الـ"توكايو" الخاص به، وهي كلمة إسبانية تشير إلى شخص يحمل الاسم الأول نفسه.
يعتقد باتريك فوربس اليوم أنه يمتلك الحقيقة. وقال في هذا الصدد "إنه أمر مروع، لكنه أيضاً بشري جداً، فالناس يرتكبون أخطاء" ، وفي هذا الملف، "ارتُكبَت كل الأخطاء الممكنة".
لكنه رأى أنها جزء من نظام قانوني لا يوفر فرصاً متساوية للفقراء والأقليات. ولاحظ أن "الجاني رجل فقير من أصل إسباني، والبريء الذي أعدم رجل فقير من أصل إسباني، ولم يكونا تالياً ليُعامَلا بإنصاف".
لذلك يأمل في أن يساهم فيلمه في إعادة الاعتبار إلى كارلوس دي لونا، ولكن أيضاً في "إحداث تغييرات" أكبر.
وسعياً إلى ذلك، وافق على وضع "ذي فانتوم" في تصرّف عريضة تطالب الرئيس جو بايدن بتخفيف الأحكام الصادرة على من حكم عليهم القضاء الفدرالي بالإعدام.
قال الرئيس المنتمي إلى الحزب الديموقراطي خلال حملته الانتخابية إنه يعارض عقوبة الإعدام لكنه لم يتخذ أي قرار في هذا الشأن منذ توليه منصبه. لا بل على العكس من ذلك، دعا وزير العدل الأميركي أخيراً إلى فرض عقوبة الإعدام على مرتكب تفجير ماراثون بوسطن.
وأمل باتريك فوربس في أن تساهم قضية كارلوس دي لونا في "دفع (بايدن) إلى التغيير". وقال "ألن يكون من الرائع أن يحدث الفيلم فرقاً حقيقياً؟".
التعليقات