الخليل (الاراضي الفلسطينية): توفي الناشط الفلسطيني المعارض للسلطة الفلسطينية نزار بنات بعد ساعات على توقيفه الخميس على أيدي عناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية، في حين تحدثت عائلته عن"اغتيال" وأكد تقرير طبي تعرضه للضرب.

وقال طبيب معتمد من قبل مؤسسات حقوقية اطلع على تشريح جثة بنات أن وفاة بنات لم تكن طبيعية وانه تعرض للضرب.

وقال الطبيب سمير ابو زعرور في مؤتمر صحافي عقد في مقر الهيئة المستقلة لحقوق الانسان "من خلال المشاهدة والكشف الظاهري، شاهدنا اصابات عديدة وكدمات في مناطق عديدة من الجسم، في الرأس والعنق والصدر والكتفين والاطراف العلوية والسفلية".

واضاف ابو زعرور" لم نشاهد على الجسم اثار توحي بانه توفي نتيجة جلطات".

وقال " الاثار على الجسم تؤكد ان الوفاة وقعت بعد اقل من ساعة من اعتقاله".

بدوره قال مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين خلال المؤتمر الصحافي "الكشف الطبي هذا يؤكد ان طريقة الاعتقال كان فيها عنف بالغ".

في مدينة رام الله حيث مقر السلطة الفلسطينية خرج مئات المتظاهرين بعد الظهر مطالبين بكشف حقيقة وفاة بنات وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

تدهورت حالته الصحية

وكان محافظ الخليل جبرين البكري قال في بيان إن قوة من الأجهزة الأمنية قامت باعتقال بنات فجر الخميس موضحا "خلال ذلك، تدهورت حالته الصحية وفورا تم تحويله الى مستشفى الخليل الحكومي وتمت معاينته من أطباء، فتبيّن أنه متوف".

لكن عائلة بنات أكدت أنه توفي نتيجة ضربه على الرأس لدى اعتقاله، ما دفع مؤسسات حقوقية إلى المطالبة بالتحقيق في ظروف وفاته.

وكان نزار بنات (43 عاما) من أشد المنتقدين للسلطة الفلسطينية ولرئيسها محمود عباس عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وأعلن قبل حوالى شهرين تعرض منزله لإطلاق نار من جانب مجهولين.

وروى قريبه حسين بنات الذي كان حاضرا لدى اعتقاله في بلدة دورا القريبة من الخليل أن "قوة أمنية داهمت المنزل وضربته بهراوات على رأسه بمجرد استيقاظه".

وقال عمار بنات، ابن عم نزار، في مقابلة إذاعية إن عناصر القوة "سحلوه وضربوه اثناء جره الى سيارة الاعتقال وقاموا بشتمه وإهانته، وكانت الدماء تسيل منه".

وطالبت مؤسسات حقوقية فلسطينية بالتحقيق في ظروف وفاة بنات، فيما اشتعلت منصة "فيسبوك" بمنشورات تنتقد السلطة الفلسطينية بسبب وفاته.

وقالت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في بيان "حسب إفادات شهود عيان وأفراد من العائلة كانوا معه تمّ الاعتداء عليه بالضرب والرش بالغاز أثناء اعتقاله".

وكان نزار بنات مرشحا للمجلس التشريعي في الانتخابات التي كان من المفترض أن تجري في أيار/مايو عن قائمة "الحرية والكرامة" المستقلة، ولكنها أرجئت.

في 21 حزيران/يونيو، نشر بنات على صفحته على "فيسبوك" شريط فيديو تساءل فيه عمن يقف وراء صفقة اللقاحات المضادة لكورونا المنتهية صلاحيتها مع إسرائيل. وقال "فضيحة اللقاحات ليست سلوكا جديدا عليهم".

وأعلنت إسرائيل الأسبوع الماضي عن اتفاق مع السلطة الفلسطينية لنقل مليون جرعة من لقاح "فايزر" تنتهي صلاحيتها قريبا إلى الفلسطينيين، في مقابل منحها "الكمية نفسها من الجرعات" عندما يتسلمها الفلسطينيون من المختبر الأميركي في الأشهر المقبلة.

مسيرة احتجاجية

وخرج مئات من الفلسطينيين الخميس إلى الشارع في رام الله والخليل مسقط رأس بنات احتجاجا على وفاته، مطالبين بـ "إسقاط النظام".

وشارك في الاحتجاج سياسيون وحقوقيون وناشطون شباب.

ورفع المحتجون الذين حاولوا الوصول إلى "المقاطعة"، مقر القيادة الفلسطينية قبل أن تلقي قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع في اتجاههم، لافتات كتب على إحداها "لا للرواية البوليسية"، ورددوا هتافات منددة بالسلطة الفلسطينية.

وأصيب أحد المحتجين بقنبلة غاز في وجهه نقل على إثرها إلى المستشفى.

وقال محتجون لوكالة فرانس برس إنهم بصدد تنظيم احتجاج دائم في وسط مدينة رام الله بالقرب من مقر الرئيس محمود عباس "حتى يتم التغيير الشامل في عمل السلطة".

ووجهت دعوات لاحتجاجات مماثلة على وفاة بنات مساء الخميس، وكذلك في مدينة نابلس، على الرغم من إعلان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية تشكيل لجنة تحقيق في ملابسات الحادثة.

وقال اشتية عبر صفحته على فيسبوك، إن اللجنة ستبدأ "فورا البحث والتقصي والوقوف على أسباب وفاة بنات".

وحمّلت حركة حماس الإسلامية التي تدير قطاع غزة "رئيس سلطة أوسلو محمود عباس وسلطته المسؤولية الكاملة عن كل تداعيات ونتائج جريمة اغتيال الناشط والمعارض السياسي نزار بنات".

وعبّرت بعثة الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية عن "صدمتها وحزنها" لوفاة بنات، وطالبت بإجراء "تحقيق كامل ومستقل وشفاف فورا".

أما منسق الأمم المتحدة الخاص بالشرق الأوسط تور وينسلاند فدعا إلى إجراء تحقيق مستقل في وفاته ومحاسبة المسؤولين.

وفي بيان لها دعت منظمة العفو الدولية إلى تحقيق "شفاف وفعال ومستقل وحيادي" في وفاة بنات التي قالت إنها أثارت "قلقها الشديد".

ساعة واحدة

ونقلت المنظمة عن محامي عائلة بنات ويدعى شاكر طميزي أن "ساعة مرت ما بين اعتقال نزار بنات ووفاته".

وعلّق الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب الذي شارك في التظاهرة الاحتجاجية أن "الأمور باعتقادي ستتدهور أكثر لأن المجتمع الفلسطيني لم يعد يتحمل كثيرا إخفاقات السلطة الفلسطينية".

ورأى أن "استخدام العنف ضد المتظاهرين سيؤجج الأمور أكثر".

الثلاثاء احتجزت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية الناشط عيسى عمرو لفترة وجيزة على ما أكد بعد نشره تصريحات تنتقد الاعتقالات السياسية عبر صفحته على فيسبوك.

وأظهر استطلاع للرأي نشره المركز الفلسطيني للبحوث المسحية في وقت سابق من هذا الشهر أن 84 في المئة من الفلسطينيين يعتقدون أن السلطة الفلسطينية فاسدة.