مونتريال: أعلنت مجموعة من السكان الأصليين الخميس العثور على أكثر من 750 قبرا لمجهولين في موقع مدرسة داخلية سابقة في مقاطعة ساسكاتشيوان في غرب كندا، في حادثة جديدة تعكس معاناة أطفال هؤلاء لعقود في مراكز تعليمية تديرها الكنيسة الكاثوليكية.

وكان التعرف على بقايا 215 طفلا بالقرب من مركز تعليمي مماثل الشهر الماضي اثار استياء كبيرا في البلاد. وقال كادموس ديلورم زعيم أمة كاويسيس في مؤتمر صحافي افتراضي إن الرادارات المستخدمة في عمليات البحث "رصدت 751 قبرا لا تحمل أسماء" في موقع مدرسة داخلية سابقة كانت تأوي أطفالا من السكان الأصليين في مارييفال في ساسكاتشيوان. واضاف أن "هذه ليست حفرة جماعية (...) بل قبور لمجهولين".

ومعظم الضحايا من الأطفال لكن روايات ناجين تشير إلى أنه قد يكون هناك بالغون أيضا، على حد قول ديلورم.

وتابع أنه يفترض أن يتم تحديد العدد الدقيق للضحايا في الأسابيع المقبلة بسبب هامش خطأ للرادارات وإمكانية أن يكون كل قبر يحوي رفات عدد من الضحايا.

وكان للكثير من القبور شواهد تحمل أسماء الضحايا على الأرجح لكن بعضها أزيل في ستينات القرن الماضي من قبل "ممثلي الكنيسة الكاثوليكية"، وهو عمل إجرامي في كندا حسب ديلورم.

وحول سبب نزعها، قال رئيس اتحاد الشعوب الأصلية في مقاطعة ساسكاتشيوان بوبي كاميرون لشبكة "سي بي سي" إنهم "كانوا بلا شك يحاولون إخفاء عدد الأطفال الذين تعرضوا لسوء المعاملة والقتل في هذه المؤسسات".

وأضاف في المؤتمر الصحافي نفسه "كانت هناك معسكرات اعتقال في كندا"، مشيرا إلى أن "كندا ستُذكر كأمة حاولت إبادة الأمم الأولى".

ويحيي اكتشاف هذه القبور ذكرى الصدمة التي عاشها حوالى 150 ألف طفل من الهنود الأميركيين والخلاسيين وغيرهم، الذين فصلوا عن عائلاتهم ولغاتهم وثقافاتهم وأدخلوا بالقوة حتى تسعينات القرن الماضي، إلى 139 مدرسة داخلية من هذا النوع في البلاد.

وتعرض كثيرون منهم لسوء المعاملة أو انتهاكات جنسية، وتوفي أكثر من أربعة آلاف هناك، حسب نتائج توصلت إليها لجنة التحقيق تحدثت عن "إبادة ثقافية" حقيقية من قبل كندا.

وصف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الخميس العثور على هذه القبور بأنه "تذكير مخز بما تعرّضت وما زالت تتعرّض له الشعوب الأصلية في هذا البلد من عنصرية ممنهجة وتمييز وظلم".

ودعا ترودو إلى "الإقرار بهذه الحقيقة واستخلاص العبر من ماضينا والمضي قدما في مسار مشترك للمصالحة لكي نتمكّن من بناء مستقبل أفضل".

من جهته، قال وزير خدمات السكان الأصليين مارك ميلر إن اكتشاف هذه القبور "لم يؤد سوى إلى زيادة الألم الذي تشعر به العائلات والناجون والسكان الأصليون". واضاف "كانت حقيقة يتم إنكارها في كثير من الأحيان. لكن هذا لن يحدث بعد الآن".

وبدأت عمليات البحث في محيط مدرسة مارييفال في نهاية أيار/مايو بعد العثور على رفات 215 تلميذا مدفونين في موقع مدرسة كاملوبس الداخلية السابقة للسكان الأصليين في مقاطعة كولومبيا البريطانية في غرب كندا.

وسبب هذا الاكتشاف صدمة في كندا وأعاد فتح النقاش حول هذه المؤسسات المكروهة التي أرسل أبناء السكان الأصليين قسراً إليها لدمجهم في الثقافة السائدة.

كما أحيت الدعوات الموجهة إلى البابا والكنيسة للاعتذار عن الإساءة والعنف الذي تعرض له طلاب هذه المدارس الداخلية. لكن الحبر الأعظم رفض تقديم اعتذارات من هذا النوع ما أثار غضب مجتمعات السكان الأصليين في كندا وخيبة أملها.

من جانبهم حث خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أوتاوا والفاتيكان على إجراء تحقيق سريع وكامل.

وقال بيري بيلغارد رئيس مجلس الأمم الأولى الذي يمثل أكثر من 900 ألف من السكان الأصليين في كندا "إنه أمر مفجع بالمطلق تماما لكنه ليس مفاجئا".

واستقبلت مدرسة مارييفال الداخلية أطفالا من السكان الأصليين بين 1899 ومنتصف تسعينات القرن المضي قبل أن يتم هدمها وبناء مدرسة في مكانها.

وبعد اكتشاف رفات الأطفال في مدرسة كاملوبس الداخلية، أجريت عمليات بحث حول العديد من هذه المدارس السابقة في جميع أنحاء كندا بمساعدة السلطات الحكومية.

ورأى بوبي كاميرون أن "الجريمة الوحيدة التي ارتكبوها (الضحايا) هي أنهم ولدوا لسكان أصليين" داعيا الحكومة والكنيسة إلى التعاون. وتابع "سنجد مزيدا من الرفات ولن نتوقف إلا بعد العثور على كل الأطفال".