إيلاف من لندن: اكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للبابا فرنسيس الاول خلال اجتماعهما في الفاتيكان الجمعة ان حكومته ماضية في اعمار الكنائس التي دمرها داعش فيما بحثا اجراءات تسهيل تفويج المجاميع المسيحية الى مدينة أور الاثرية العراقية.
وخلال اجتماع الكاظمي اليوم مع البابا فقد اشاد بزيارته التاريخية الى العراق في آذار مارس الماضي "وما انطوت عليه من رسائل دعم للعراق واكدت وحدة الانسانية في التطلع الى السلام والتعايش والوقوف بوجه التطرف بكل اشكاله".
واكد التزام الحكومة العراقية بالعمل من اجل ترسيخ المسيحيين العراقيين والاقليات الاخرى في اراضيهم كجزء اساسي من نسيج مجتمعاتهم، وتسهيل عودة النازحين والمهاجرين منهم الى مناطقهم الاصلية وكذلك العمل على حث الجهات الكنسية العراقية لتفعيل انشطتها الانسانية سيما التعليمية والصحية وتقديم كل العون المطلوب لها كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي تابعته "ايلاف".
واشار الكاظمي الى ان حكومته ماضية في اعمار ما دمر من الكنائس الاثرية على يد عصابات داعش الإرهابية، اضافة الى سعي الحكومة الجاد لاعمار مدينة اور نظرا لاهميتها التاريخية ولتكون مهيئة لاستقبال الوفود المسيحية للمدينة، وبين اهمية اتخاذ الاجراءات وتقديم التسهيلات اللازمة لتفويج المجاميع السياحية والدينية الى مدينة اور الأثرية.
من جانبه، شدد البابا فرانسيس الاول على اهمية تعزيز جهود السلام في المنطقة وبما يحقق ازدهار الشعوب واستقرارها.
كما التقى الكاظمي بعد ذلك مع رئيس وزراء دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين حيث جرى بحث العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون والتنسيق المشترك لتسهيل تفويج المجاميع السياحية والدينية الى مدينة اور التاريخية، وجدد الدعوة للجنة الحوار الدائمية العليا بين العراق والفاتيكان لعقد الاجتماع الثالث لها في بغداد العام الجاري.
وتأتي هذه اللقاءات اليوم في وقت اعلن العراق ان مدينة أور الأثرية في محافظة ذي قار الجنوبية تستعد لاستقبال أكبر رحلة للحج تضمّ 13 ألف حاج مسيحي لزيارة مسقط رأس النبي إبراهيم وأداء الصلاة الإبراهيمية قريبا .
وقال مدير مفتشية آثار وتراث ذي قار عامر عبد الرزاق إنَّ "رئيس مؤسسة السياحة والحج المسيحي ريمو كبافاريني اتفق مع وزير الخارجية فؤاد حسين خلال زيارته الفاتيكان مؤخراً على تنظيم هذه الرحلات موضحا في تصريحات صحافية تابعتها "ايلاف" أنَّ "هذه الرحلة تعدّ أكبر رحلة حج مسيحي في التاريخ لمنطقة أور الأثرية مسقط رأس النبي إبراهيم إذ تضمّ 13 ألف حاج وستمهِّد لرحلات حجيج مسيحي منتظمة شهرياً".
وأشار إلى "اتخاذ الحكومة المحلية لمحافظة ذي قار (375 كم جنوب بغداد بالتنسيق مع مفتشية الآثار والحكومة المركزية خطوات مهمَّة لتأهيل مدينة أور استعداداً لهذه الرحلة والاخرى التي تليها تضمَّنت البدء بمشاريع تطوير الطرق المؤدّية إلى المناطق الأثرية المحيطة بينما يتمّ التخطيط لإنشاء مرافق خدمية بينها دور فندقية ومولات ومتنزهات. واشار الى ان "هذه الرحلات لها أهمية كبيرة في إنعاش واقع السياحة في المحافظة التي تضمّ أكبر المواقع الأثرية في العالم".
وكانت طائرة البابا قد هبطت في 6 آذار في مطار الناصرية الدولي بمحافظة ذي قار بعد إقلاعها من مدينة النجف وبحضور وفد كنسي وشخصيات سياسية ودينية من ممثلي الأديان والطوائف في العراق وفي مؤتمر صحافي موسع أكد المتحدث باسم الحكومة وزير الثقافة حسن ناظم أن الزيارة تعد محطة حوار أديان بمدينة أور وفرصة للقاء اتباع الأديان العراقية هناك من مسلمين ومسيحيين وصابئة مندائيين وإيزيديين.
ووصل البابا الى أور التي يوجد فيها "بيت النبي إبراهيم" وسط حضور لعدد من ممثلي الأديان والطوائف حيث ألقى كلمته التاريخية التي قال في جزء منها "نحن أحفاد إبراهيم ولا يمكن لأحدنا العمل بمعزل عن الآخر، ولقاء الأديان للتوحيد والإيمان بدأ من هنا، وإبراهيم بدأ من أور وأصبح أبا لجميع الاديان". وفي معتقد البابا أن هناك حجا مسيحيا وهو الحج الأكبر الذي يبدأ من موطن النبي إبراهيم وينتهي بكنيسة القيامة في القدس.
كما زار بابا الفاتيكان خلال وجوده في العراق ايضا أحد أقدم الكنائس التاريخية التي تعرضت للتدمير خلال اجتياح تنظيم "داعش" لمدينة الموصل وهي كنيسة حوش البيعة حيث التقى بحشود من العراقيين من مختلف الطوائف قبل أن يتجول في المكان ويطلّع على حجم الدمار الحاصل في المنطقة ثم انتقل إلى بلدة قرقوش التاريخية في قضاء الحمدانية ضمن سهل نينوى حيث أقيمت الصلاة على أرواح ضحايا الإرهاب في كنيسة الطاهرة.
ودعا البابا في كلمة له مسيحيي الموصل الى العودة إليها معتبراً أن "التناقص المأساوي في أعداد تلاميذ المسيح هنا وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط إنّما هو ضرر جسيم لا يمكن تقديره". وقال "نرفع صلاتنا ترحماً على ضحايا الإرهاب".. مشيرا الى أن ملامح الحرب واضحة على الموصل.
يشار الى ان تاريخ مدينة أور الأثرية يعود إلى أكثر من 4500 عام قبل الميلاد وكانت عاصمة لأكبر وأعظم إمبراطورية شهدها العراق القديم وحكمت ما يقارب 2111-2006 قبل الميلاد وتعتبر واحدة من أقدم وأكبر المعابد والمتاحف المعمارية الباقية من الحضارات السومرية القديمة. وتم بناء "زقورة أور" وهي عبارة عن معبد مدرج من قبل الملك أورنمو من سلالة أور الثالثة حوالي عام 2100 قبل الميلاد وكانت مخصصة لعبادة آله القمر "نانا" بحسب مؤرخين.
التعليقات