إيلاف من الرياض: وردت في المصادر الكلاسيكية القديمة إشارات وتعليقات وأوصافا تنص على قِدم ارتباط تراث وجغرافية وتاريخ "السعودية" بمسماها واقعها الحالي، وذلك منذ اكثر من ألفي عام، واستمر ذلك عبر العصور المختلفة.

نصوص كلاسيكية قديمة
جاء وصف جزيرة العرب بجميع أقاليمها بـ " العربية السعودية " في مجموعة من كتب الجغرافيا والتاريخ الكلاسيكية الإغريقية والعربية وغيرها، التي تم تأليفها منذ عشرات القرون إلى ان تم توحيد مجموعة من أقاليم جزيرة العرب عبر العصور المختلفة إلى ان تم توحيدها لتصبح كيانًا "عربيا سعوديا" ينعم بالأمن والأمان، بعد ان قاد الملك عبد العزيز مع رجاله المخلصين عملًا بطوليًا شريفًا لتحقيق وحدة عرفت باسم المملكة العربية السعودية لتأخذ البلاد بأسباب التقدم خلال عقود مختلفة في عهود الملوك: سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبدالله، إلى عهد الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حيث وصلت البلاد إلى قمة نموها وتطورها بإقرار تنظيم واستراتيجيات وطرح مشروعات غير مسبوقة، في ظل ظروف وتغيرات إقليمية وعالمية بالغة الصعوبة، حيث رأت القيادة السعودية الحالية ضرورة إجراء نقلات سريعة ومدروسة لبناء "دولة المستقبل"، وفق مسارات سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية واضحة، تمليها ضرورة المرحلة، حيث لم يعد مقبولا الاستمرار في قيادة سفينة الوطن في بحار تتقاذف به الأمواج من كل جانب، ولا وجود لضفاف آمنة ترسو بها.

كما لم يعد مقبولا الاستمرار في العمل بقوانين واجتهادات بالية أو تبني افكارا تتصادم مع الواقع والمنطق وتعادي القيم الإنسانية في ظل وجود دول وتنظيمات ترعى الإرهاب، وتتسيد المشهد بأفكار وتوجهات لا وجود لها في قواميس الشرائع، حيث تبنت السعودية توجها جادا لخلق مناخ في كل مجالات يحقق الاستقرار للوطن والمنطقة والعالم بل والبشرية الجمعاء، ويخلق مناخا طبيعيا يتعايش ويتقبل وينسجم البشر بعضهم بعضا، وان لا يقف اي فريق منهم موقف الخصومة والعداوة، وكان هذا التوجه السعودي محل إشادة محلية وإقليمية وعالمية.

بلاد السعد
كشف باحث سعودي ان وصف جزيرة العرب بجميع أقاليمها بـ "العربية السعودية" عرف منذ القدم، مبرزا ان هذه الأقاليم وجدت تحت هذا المسمى الجغرافي في عصور مختلفة قبل عشرات القرون ليعيد التاريخ نفسه ويقود الملك عبد العزيز ورجاله المخلصين عملا بطوليا شريفا لتوحيد مجموعة من أقاليم جزيرة العرب، لتصبح كيانا "عربيا سعوديا"، ينعم بالأمن والأمان ويأخذ بأسباب التقدم والتطور لتصبح السعودية رقما صعبا في المعادلة الدولية ولاعبا مؤثرا في العالم.

والتقط الباحث محمد بن عبدالله الخيال إشارات وتعليقات وأوصافًا من المصادر الكلاسيكية القديمة تنص على قدم ارتباط تراث "العربية السعودية" الجغرافي والتاريخي بمسماها الحالي وذلك قبل أكثر من ألفي عام، ثم عبر العصور المختلفة.

وتوصل الباحث من خلال اطلاعه على مجموعة من كتب البلدانيين والجغرافيا والتاريخ الإغريقية والعربية وغيرها، من أبرزها كتب بطليموس وسترابون وبولينيوس وياقوت الحموي، والهمداني، والأصفهاني، إلى قدم ارتباط "السعد والسعود" بتراث "العربية السعودية" الجغرافي والتاريخي.

وقال الباحث الخيال لـ "إيلاف" إنه حصل على هذه المعلومات من خلال اطلاعه على مجموعة من كتب الجغرافيا والتاريخ الإغريقية عن جزيرة العرب، منها سبعة عشر كتاباً احتوت معلومات جغرافية واجتماعية عن "العربية السعودية" في المصادر الكلاسيكية بتحرير الدكتور عبدالله العبدالجبار.

من أبرزها كتب كل من الحكيم بطليموس وسترابون وبلينيوس، إضافة لكتابين من إصدار جامعة الملك سعود، وكتابين آخرين من إصدار مركز عبد الرحمن السديري الثقافي.

وأشار في هذا الصدد إلى أنه استفاد من كتب بطليموس القلوذي كما سبق أن استفاد كل من ياقوت الحموي صاحب "معجم البلدان"، ولسان اليمن الحسن بن أحمد الهمداني صاحب كتاب "صفة جزيرة العرب" من كتمابي بطليموس الشهيرين "المجسطي" و"دليل الجغرافيا" ، مشددًا على أنه من محاسن الصدف أن ينص بطليموس على وصف جزيرة العرب بجميع أقاليمها "بالعربية السعودية" (Arabia Felix) وذلك يدل على قدم ارتباط السعد والسعود بتراث "العربية السعودية" الجغرافي والتاريخي منذ ذلك التاريخ. ويوضح ذلك تعريف السعد في "كتاب المفردات في غريب القرآن" للراغب الأصفهاني.

قسموا العرب إلى ثلاث مناطق
وأوضح الباحث الخيال في تناوله لتعريف بلاد العرب قديماً بالقول: تكفل الجغرافيون الإغريق والرومان والعرب بتعريف وتحديد بلاد العرب قبل ألفين ومائتي عام تقريباً حيث قسموا بلاد العرب إلى ثلاث مناطق عربية متجاورة مشيرًا إلى ان المنطقة الأولى: (Arabia Felix) وترجمته الحرفية "العربية السعودية": وتشمل جزيرة العرب بجميع أقاليمها وشواطئها. وحدودها الشمالية تبدأ بخط أفقي من الأبلة الواقعة على شط العرب ويمتد إلى العقبة الواقعة على خليج العقبة في البحر الأحمر.

زاد بالقول المنطقة الثانية (Arabia Deserta) وترجمتها الحرفية "برية العرب": وهي تشمل اليوم ديار بكر وديار ربيعه وبادية الشام، ويحدها من الشمال والشرق نهرا دجلة والفرات ومن الجنوب "العربية السعودية" ومن الغرب "العربية البترائية".

أما المنطقة الثالثة (Arabia Petraea) وترجمته الحرفية "العربية البترائية نسبة للبتراء": وهذا إقليم يشمل البلقاء وجنوب فلسطين وسيناء وفسطاط مصر إلى النيل.

وعاد الباحث الخيال إلى الحديث عن حدود شبه الجزيرة العربية مشيرا إلى أنها اكتسبت اسمها من موقعها الجغرافي الذي يحدها الماء من جهاتها الأربع. فمن جهة الجنوب يحدها بحر العرب، ومن الشمال يحدها نهرا دجلة والفرات، ومن الغرب يحدها البحر الأحمر وفسطاط مصر، ومن الشرق يحدها خليج عمان والخليج العربي.

وأورد الخيال تعريف جزيرة العرب عند ياقوت الحموي والهمداني ، حيث ذكر ياقوت الحموي في "معجم البلدان" تعريفاَ بجزيرة العرب مسنداً إلى ابن عباس رضي الله عنه، حيث قال: "وإنما سميت بلاد العرب جزيرة لإحاطة الأنهار والبحار بها من جميع أقطارها وأطرافها فصاروا منها في مثل الجزيرة من جزائر البحر، وذلك أن الفرات أقبل من بلاد الروم (تركيا) فظهر بناحية قنّسرين ثم انحط على أطراف الجزيرة وسواد العراق حتى وقع في البحر في ناحية البصرة والأبلة وامتد إلى عبدان، وأخذ البحر في ذلك الموضع مغرباً مطيفاً ببلاد العرب منعطفاً عليها فأتى منها على سفوان وكاظمة إلى القطيف وهجر وأسياف البحرين وقطر وعمان والشحر ومال منه عنقٌ إلى حضرموت وناحية أبين وعدن وانعطف مغرباً نصباً على دهلك واستطال ذلك العنق فطعن في تهائم اليمن إلى بلاد فرسان وحكم والأشعريين وعَكّ ومضى إلى جدة ساحل مكة والجار ساحل المدينة ثم ساحل الطور وخليج أَيْلَةَ وساحل راية حتى بلغ قلزم مصر وخالط بلادها، وأقبل النيل في غربي هذا العنق من أعلى بلاد السودان مستطيلاً معارضاً للبحر معه حتى دفع في بحر مصر والشام، ثم أقبل ذلك البحر من مصر حتى بلغ بلاد فلسطين فمرَّ بعَسْقلان وسواحلها وأتى صور ساحل الأردن وعلى بيروت وذواتها من سواحل دمشق ثم نفذ إلى سواحل حمص وسواحل قنّسرين حتى خالط الناحية التي أقبل منها الفرات...."

أوضح الخيال بأن الحسن الهمداني أسهب في كتابه "صفة جزيرة العرب" وهو يحدد جزيرة العرب وبلادهم فقال: "فجنوبيها : اليمن، وشماليها الشام، وغربيها: شرم أيلة وما طردته من السواحل إلى القلزم وفسطاط مصر، وشرقيها: عمان والبحرين وكاظمة والبصرة، وموسطها: الحجاز وأرض نجد والعروض، وتسمى جزيرة العرب، لأن اللسان العربي في كلها شائع..."

وزاد الخيال بالقول: ثم استطرد الهمداني وعدد نعم الله التي أسعد بها العرب وجزيرتهم فقال "فصارت هذه الجزيرة تقطع على أشرف الأقاليم في موسطها، وبها البيت الحرام، والبيت الذي جعله الله مثابة للناس وأمنًا، ومقام إبراهيم عليه السلام، وأم القرى، ومخرج النبوة، ومعدن الرسالة، ومتبوأ إبراهيم ومنشأ إسماعيل، ومولد محمد صلى الله تعالى عليهم أجمعين. وبها أرض يثرب مهاجر النبي عليه السلام، وحرمه، ومركز الإسلام، ومقام الإمامة، وقطب الخلافة، ودار العز، ومحل الأمرة، وبها الوادي المقدس طوى، وطور سيناء، ومسجد إيلياء، وآثار الأنبياء، ومنابت الأتقياء، ومحافد الأصفياء، وعرصة المحشر، وجبال الرحمة، ومتعلق السياحة والعبادة،..."، مضيفا الباحث وينقل الهمداني لنا ما أتى عن بطليموس القلوذي في طبائع أهل العمران من "جزيرة العرب" على التبعيض والتجزئة، قوله: "وأما الذين في أرض نجد والحجاز وتهائمها.. فأهلها لذلك حسنة أخلاقهم، جميلة هيئتهم سهل عيشهم - يريد أنهم يجتزون بالدر من أنعامهم - ولهم نفاذ في التجارة والأخذ والأعطاء وملائمة للمذاهب الجميلة والمعالي والرياسات، وبلدهم خصب كثير الأفاويه. وإنما سماها بطليموس أرض الأعراب لأجل أن أكثر العرب بادية، وسماها خصبة لأنها أكثر البلاد كلأ دون المزارع، ولذلك اعتمد أهلها على المال السارح وحموه بالخيل إذ لا حصون لهم، ويريد أنها كثيرة الأفاويه بزهور الرمال مثل الأقحوان والخزامى وغير ذلك، واليمن يجمع الورد وكثيراً من الأفاويه ولا يعدم بها أكثر الحشائش التي ذكرها (ديوسقوريدس) في كتابه المعروف بكتاب (الحشائش) مع نفيس الجواهر... وبها مرامي العنبر على سيوفها".

مجموعة من الكتب التي اعتمد عليها الباحث الخيال في طرحه للموضوع

وعاد الباحث الخيال إلى ذكر توحيد أقاليم جزيرة العرب عبر التاريخ المكتوب بالقول: سبق أن توحدت جميع أقاليم "العربية السعودية" في عصر المصطفى صلوات الله عليه وسلم وامتدت وحدتها إلى عصر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ، مضيفا وفي مرحلة من مراحل حركة التاريخ في العصر الحديث أعاد التاريخ نفسه وقاد عبقريُ المرحلة الملك الملهم عبد العزيز وقادته المخلصين الأشاوس عملاً بطوليا شريفاً عزيزاً لتوحيد مجموعة من أقاليم جزيرة العرب تشمل نجد والأحساء والحجاز وتهامة وعسير ومخلاف جازان وجوف آل عمرو والطور وبلاد مدين. فأصبحت مرة أخرى كياناً "عربياً سعودياً" ينعم بالأمن والأمان ويأخذ بأسباب العلوم وأسباب التقدم والصحة في الأبدان. أرض تتفجر بالكنوز والخيرات، وتنعم بالسعد في ظل حكومة ديدنها الأمن والعدل والقسطاس.

واستحضر الباحث الخيال يوم الثاني عشر من شهر جمادي الأولى عام (1351 هجرية) حيث اجتمع سبعة عشر وجيهاً من الوطنيين المخلصين في مقدمتهم المشايخ عبدالله الشيبي، وعبدالوهاب نائب الحرم، ومحمد صالح نصيف، وحرروا صكاً تاريخياً ينادي بتثبيت مسمى "العربية السعودية" اسماً وعنواناً لوحدة هذه الأقاليم المباركة بأسلوب وطني أصيل.

واقتطف الباحث الخيال بتصرف فقرأت من كتاب "البلاد العربية السعودية": "إن الله سبحانه وتعالى قد خص هذه البلاد بين شقيقاتها الأقطار العربية، فكانت أشرف صقعاً، وأوسع رقعةً، وأعز نفراً وأوفر خلقاً وعداً، وأظهر استقلالاً وسؤدداً... ففي البلاد بأجمعها ما يوحدها ويجعلها وحدة عنصرية كاملة ويجعل أهلها أمة واحدة لا فرق بين من أتهم منهم ومن أنجد، ومن أغور، ومن أحجز، ومن أيمن... وكان اسمها (السابق) «المملكة الحجازية والنجدية وملحقاتها» لا يعبر عن الوحدة العنصرية والحكومية والشعبية الواجب إظهارها فيها ولا يدل إلا على مسميات لأصقاع جغرافية لبعض أقطار العرب تقصر عن الإشادة بالحقيقة الواقعة المشار إليها آنفاً، ولا يرمز إلى الأماني التي تختلج في صدور أبناء هذه الأمة للاتحاد والائتلاف... فإن المجتمعين يرفعون.. أمنيتهم الأكيدة... بالموافقة على تبديل اسم المملكة (السابق) إلى اسم يكون أكثر انطباقاً على الحقيقة وأوضح إشارة إلى الأماني المقبلة، وذلك بتحويل الاسم السابق إلى اسم «المملكة العربية السعودية» الذي يدل على البلاد التي يقطنها العرب ممن وفق الله جلالة الملك إلى توحيد شملهم وضم شعثهم...".

*بدر الخريف إعلامي سعودي، وكبير المحررين في جريدة الشرق الأوسط