كابول: في وقت تستمر عمليات الاجلاء الجوي من مطار كابول في أجواء من الفوضى، اعلنت طالبان الاحد شن هجوم واسع النطاق على وادي بانشير، المنطقة الوحيدة التي لا تزال خارج سيطرتها في افغانستان.

وكتبت الحركة في تغريدة على حسابها على تويتر بالعربية "مئات من مجاهدي الإمارة الإسلامية يتوجهون نحو ولاية بانشير للسيطرة عليها، بعد رفض مسؤولي الولاية المحليين تسليمها بشكل سلمي".

وكانت قوات حكومية سابقة تجمعت في وادي بانشير المنطقة الجبلية الواقعة شمال كابول والمعروفة منذ فترة طويلة بأنها معقل لمعارضي لطالبان.


(مجندون جدد في حركة المقاومة يشاركون في التدريبات في وادي بانشير)

جبهة المقاومة الوطنية

وأحد قادة هذا التحرك الذي سمي "جبهة المقاومة الوطنية" هو نجل القائد الشهير المناهض لطالبان أحمد شاه مسعود.

وصرح المتحدث باسم الجبهة علي ميسم نظري لفرانس برس في مقابلة أن "جبهة المقاومة الوطنية" مستعدة "لصراع طويل الامد" لكنها ما زالت تسعى للتفاوض مع طالبان حول حكومة شاملة.

وقال نظري إن "شروط اتفاق سلام مع طالبان هي اللامركزية وهو نظام يضمن العدالة الاجتماعية والمساواة والحقوق والحرية للجميع".

والتقطت وكالة فرانس برس صورا تظهر عشرات المجنّدين يجرون تدريبات اللياقة الروتينية، ومجموعة من عربات الهامفي تشق طريقها عبر الوادي.

وفي مقابلة مع قناة "العربية" بثت الاحد، قال مسعود إنّ "قوات حكومية قدمت إلى بانشير من عدة ولايات أفغانية".

وحذّر من أنه "إذا رفضت طالبان الحوار فلا مفر من الحرب"، مضيفا "طالبان لن تدوم طويلا إذا استمرت في هذا الطريق. نحن مستعدون للدفاع عن أفغانستان ونحذر من إراقة الدماء".

في هذا الوقت، حمّلت طالبان الأحد الولايات المتحدة مسؤولية الفوضى في مطار كابول حيث يحاول عشرات الأفغان مغادرة البلاد بأي ثمن بعد أسبوع على الهزة التي أحدثها في العالم عودة الحركة المتمردة الى السلطة في أفغانستان.

إزاء هذا الوضع، سيعقد قادة مجموعة الدول السبع اجتماعا افتراضيا الثلاثاء كما أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي تتولى بلاده حاليا رئاسة المجموعة.

وقال "من الأساسي أن تعمل الأسرة الدولية معا لضمان عمليات إجلاء آمنة وتفادي أزمة إنسانية ومساعدة الشعب الأفغاني على حماية مكتسبات السنوات العشرين الأخيرة".

في كابول، لا تزال آلاف العائلات المذعورة تواصل مساعيها للفرار من البلاد رغم ان واشنطن حذرت من تهديدات أمنية لمطار كابول فيما اعتبر الاتحاد الأوروبي انه من "المستحيل" إجلاء كل الأشخاص المهددين من قبل طالبان.

لا ثقة بالوعود

منذ دخولهم الى كابول في 15 آب/اغسطس، يحاول الاسلاميون إقناع الشعب بانهم تغيروا مؤكدين أن سياستهم ستكون أقل تشددا عما كانت عليه حين كانت الحركة تحكم البلاد من 1996 الى 2001. لكن هذا لم يوقف تدفق الاشخاص الذين لا يصدقون وعودهم ويريدون بيأس الرحيل.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية الأحد إن سبعة أشخاص لقوا حتفهم وسط الحشود من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

ووصف صحافي من مجموعة من الإعلاميين والأكاديميين الذين حالفهم الحظ بالوصول إلى المطار الأحد ليستقل طائرة، مشاهد يائسة لأشخاص يحيطون بحافلة في طريقهم.

وقال الصحافي لوكالة فرانس برس "كانوا يبرزون جوازات سفرهم ويصرخون "خذونا معكم (...) رجاء خذونا معكم". وأضاف أن "مقاتلا من طالبان كان في الشاحنة أمامنا عمد إلى إطلاق النار في الهواء لإبعادهم".

وبثت شبكة سكاي نيوز البريطانية السبت لقطات لثلاث جثث على الأقل مغطاة بقماش مشمع أبيض خارج المطار. ولم يتضح كيف سقط هؤلاء.

وأكد المراسل ستيوارت رامزي من المطار أن سقوط القتلى كان "أمرا حتميا" موضحا أن الناس "يُسحقون"، بينما يعاني آخرون من "جفاف ورعب".

أمرت الولايات المتحدة الأحد عدة شركات طيران أميركية كبرى بالمساعدة في عمليات إجلاء عشرات آلاف الأفغان والأجانب من كابول.

وأعلن البنتاغون أن وزير الدفاع لويد أوستن قام بتفعيل "أسطول الطيران الاحتياطي المدني" الذي قلما يستخدم من أجل المساعدة في نقل الاشخاص الذين يصلون الى القواعد الأميركية في الشرق الأوسط.

أقر الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة بان عملية الإجلاء "واحدة من أكبر وأصعب عمليات النقل الجوي في التاريخ".

وما زاد من تعقيد الوضع تحذير أطلقته الحكومة الأميركية إلى رعاياها بالابتعاد عن المطار بسبب "تهديدات أمنية".

حددت الولايات المتحدة التي يحاول آلاف من جنودها ضمان أمن المطار، تاريخ 31 آب/أغسطس موعدا لاستكمال عمليات الإجلاء.

لكن هناك عدد يصل إلى 15 ألف أميركي وما بين خمسين وستين ألفا من الحلفاء الأفغان الذين يجب أن تشملهم عمليات الترحيل، حسب إدارة الرئيس جو بايدن.

وهناك كثر آخرون يحاولون الهروب خوفا من القمع في ظل حكم طالبان.

وكان الناطق باسم البنتاغون جون كيربي قال السبت "نحن نخوض سباقا ضد الزمان والمكان".

طالبان

عبرت حركة طالبان علنا عن ارتياحها لتولي الجيش الأميركي الإشراف على الجسر الجوي بينما تركز على تشكيل حكومة.

منذ 14 آب/اغسطس تم إجلاء حوالى 25,100 شخص من افغانستان على متن طائرات عسكرية أميركية واخرى تابعة لدول حليفة بحسب البيت الابيض.

بوتين

والاحد، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى منع تدفق لاجئين قادمين من افغانستان يمكن ان يختبىء بينهم "مقاتلون متنكرون".

وقال بوتين إن "شركاءنا الغربيين يطالبون بإصرار باستقبال اللاجئين في دول آسيا الوسطى الى ان يحصلوا على تأشيرة دخول الى الولايات المتحدة أو إلى دول أخرى".

وأضاف "لكن من قد يكون مختبئا في صفوف هؤلاء اللاجئين، كيف يمكننا أن نعرف؟" معتبرا أن "مئات أو حتى مئات الآلاف أو ملايين" الأشخاص قد يكونون راغبين في الفرار من الأراضي الأفغانية.

إردوغان

من جهته، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأحد أن بلاده لا يمكنها تحمل مسؤولية دول أخرى بالنسبة الى الأفغان الذين عملوا في المؤسسات الغربية وينتظرون إجلاءهم بعد سيطرة طالبان على أفغانستان.

وقال إردوغان في اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال "لقد تلقينا طلباً لاستضافة موظفين محليين لدى بعثة الاتحاد الأوروبي في أفغانستان. إن الدول الأعضاء لا تفتح أبوابها سوى لجزء ضئيل من الأشخاص الذين خدموها ويواجهون صعوبات. (...) لا يمكن لتركيا تحمل مسؤولية الدول الأخرى"، بحسب بيان الرئاسة التركية.

من جهتها، حضت منظمة التعاون الإسلامي الأحد حركة طالبان والمجتمع الدولي على ضمان عدم استخدام افغانستان مجددا "كمنصة وملاذ آمن للإرهاب والتطرف"، في إشارة لايوائها تنظيم القاعدة خلال فترة حكمها السابقة.

وكانت طالبان فاجأت العالم عندما اجتاحت كابول الأسبوع الماضي منهية عقدين من الحرب، بدون أن تواجه أي مقاومة تذكر من جانب القوات الحكومية التي تم تدريبها وتسليحها من قبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.