باريس: قتلت القوات الفرنسية قائد تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى عدنان أبو وليد الصحراوي، في خطوة شكلت "نجاحاً كبيراً" بالنسبة لفرنسا التي تعيد تنظيم قواتها في منطقة الساحل للتركيز على مكافحة الإرهاب.

وكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تغريدة ليل الأربعاء الخميس أنّ "هذا نجاح كبير آخر في معركتنا ضدّ الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل".


وسبق أن أعلنت باريس هذا الصيف مقتل مسؤولين كبار في التنظيم أو اعتقالهم على أيدي قوة برخان الفرنسية وشركائها، في إطار استراتيجيتها الرامية إلى استهداف قادة كبار في الجماعات الجهادية.

وأوضحت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي الخميس عبر إذاعة فرنسا الدولية أن الضربة الفرنسية ضد عدنان أبو وليد الصحراوي "نُفّذت قبل أسابيع ونحن اليوم واثقون من أن (الذي قُتل) هو المسؤول الأول في تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى"، مشيدةً بـ"نجاح كبير" للجيوش الفرنسية.

وقالت بارلي في مؤتمر صحفي إن الصحراوي "توفي متأثرا بجروح نجمت عن ضربة نفذتها قوة برخان في آب/أغسطس 2021. ... بفضل مناورة استخبارية طويلة الأمد وبفضل العديد من العمليات لاعتقال مقاتلين مقربين من الصحراوي، نجحت قوة برخان في تحديد العديد من الأماكن التي كان من المحتمل أن يتحصن فيها".

وأوضحت أن "في منتصف آب/أغسطس، اتخذنا قرارًا بإطلاق عملية تستهدف هذه الأماكن. ونُفذت غارات جوية وأصابت إحداها هدفها".


يأتي النبأ في إطار متوتر بين باريس والمجلس العسكري الحاكم في باماكو الذي يعتزم إبرام اتفاق مع مجموعة "فاغنر" الروسية الخاصة. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الثلاثاء إن نشر هؤلاء المرتزقة الروس سيكون "متنافيا" مع بقاء القوات الفرنسية في مالي في حين أنها تقاتل منذ ثماني سنوات الجهاديين في منطقة الساحل.

مؤسس التنظيم

تأسس تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الساحل عام 2015 على يدي عدنان أبو وليد الصحراوي، العضو السابق في جبهة بوليساريو ثمّ في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وصُنّف أثناء قمة بو في جنوب غرب فرنسا في كانون الثاني/يناير 2020 "أبرز عدو" في منطقة الساحل.

وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى مسؤول عن غالبية الهجمات التي تشهدها منطقة المثلث الحدودي الواقع بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو التي تُعدّ من أفقر دول العالم.

والمثلث الحدودي هو الهدف المفضّل لجماعتين جهاديتين مسلّحتين تنشطان فيه هما "تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى" و"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة الذي تتعقّب فرنسا أيضاً زعيمه الطوارقي المالي إياد أغ غالي.

نفّذ تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى هجمات دامية استهدفت عسكريين ومدنيين في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

وشددت الوزيرة الفرنسية على أن التنظيم مسؤول عن ارتكاب "مذابح بحق المدنيين في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وعن هجمات وحشية ومتكررة ضد قوات الأمن المحلية".

وقالت بارلي: "نحن نقدر أن التنظيم مسؤول عن مقتل ما بين 2000 و3000 مدني منذ عام 2013".

استهدف التنظيم في تشرين الأول/أكتوبر 2017 جنوداً أميركيين. فقد قُتل أربعة عسكريين أميركيين من القوات الخاصة وأربعة نيجيريين في كمين في تونغو تونغو في جنوب غرب النيجر.

أواخر العام 2019، شنّ تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى سلسلة هجمات واسعة النطاق ضد قواعد عسكرية في مالي والنيجر، ما أسفر عن عشرات القتلى في صفوف الجيوش المحلية.

في التاسع من آب/أغسطس 2020، أمر زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى بنفسه بأن يُقتل في النيجر ستة عاملين فرنسيين في المجال الإنساني مع مرشدهم وسائقهم النيجريَين. وتسبب هذا الاعتداء بشعور كبير بالحزن في فرنسا والنيجر.

القوات الفرنسية

وقال وزير الخارجية الفرنسي عبر إذاعة فرانس انفو الخميس "قضينا على رأس التنظيم. ما يهمّ الآن خصوصاً في النيجر، هو أن تتمكن الجهات الحكومية من استعادة الأراضي التي تُركت لتنظيم الدولة الإسلامية".

بعد ثماني سنوات من التدخل العسكري الفرنسي في منطقة الساحل قُتل خلالها 50 فرنسياً، أعلن ماكرون في حزيران/يونيو تقليص الوجود الفرنسي في المنطقة وتركيز الجهود على عمليات مكافحة الإرهاب ومؤازرة الجيوش المحلية في المعارك في إطار تحالف دولي يضم دولاً أوروبية.

ويُفترض أن يتمّ تخفيض عديد القوات الفرنسية في منطقة الساحل من أكثر من خمسة آلاف عنصر حالياً إلى 2500 أو ثلاثة آلاف عنصر بحلول العام 2023، في نهاية عملية إعادة تنظيم بدأت في الأسابيع الأخيرة وتشمل خصوصاً إغلاق المواقع العسكرية الفرنسية في كيدال وتيساليت وتمبكتو في شمال مالي.

لكن بارلي أوضحت "أننا لن نرحل من مالي، سنكيّف ترتيبنا العسكري" مشيرةً إلى أن "معركتنا مستمرة".