باريس: أدى فسخ أستراليا العقد الموقع مع فرنسا لشراء 12 غواصة إلى إلحاق ضرر بصورة "نافال غروب" وتسبب بأرباح فائتة طائلة للمجموعة الفرنسية للصناعات الدفاعية التي تعتزم الدخول في محادثات مع كانبيرا "بذهنية بناءة" للحصول على تعويضات.

وشكل الأمر ضربة قاسية لفرنسا التي خسرت أكبر عقد أسلحة وقعته في تاريخها مع دولة أجنبية لبناء غواصات ذات دفع تقليدي غير نووي بالديزل والكهرباء.

وكانت أستراليا قدرت قيمة العقد بخمسين مليار دولار أسترالي (31 مليار يورو) عند إطلاق المشروع عام 2016، وأعيد تقديره لاحقا بـ89 مليار دولار (56 مليار يورو) بعد الأخذ بالتضخم على طول مدة البرنامج.

وأوضحت مجموعة نافال غروب أن مبدأ التعويضات المالية وارد وفق حالات مختلفة، بما فيها فسخ العقد من طرف واحد.

وأدرجت هذه الحالات بشكل مفصل في اتفاق الشراكة الإستراتيجية الموقع عام 2019 والذي كان بمثابة "مجموعة قواعد في 1500 صفحة تطبق على البرنامج" وكان من المفترض أن يتبعها الشريكان حتى العام 2056.

استبعاد فرضية المحاكم

لكن من غير الوارد التوجه إلى المحاكم، أقلّه في الوقت الراهن. وأكد متحدث باسم المجموعة الفرنسية لوكالة فرانس برس "سنخوض مفاوضات مع السلطات الأسترالية بذهنية بناءة".

وأوضح أن الأمر لا يتعلق بضرر اقتصادي بقدر ما هو "أرباح فائتة محتملة" وضربة شديدة لصورة المجموعة الصناعية.

وأنفقت أستراليا منذ بدء المشروع 2,4 مليار دولار أسترالي (1,5 مليار يورو) على البرنامج، وفق ما أورد رئيس الوزراء سكوت موريسون في مقابلة أجرتها معها إذاعة "3 إيه دبليو"، رافضا "التكهن" بقيمة التعويضات.

ومن أصل هذا المبلغ، تلقت "نافال غروب" حوالى 900 مليون يورو، فيما أنفق ما تبقى لصالح المجموعة الأميركية "لوكهيد مارتن" المكلفة تأمين النظام الدفاعي، وصناعيين أستراليين طلب منهم بصورة خاصة تكييف حوض بناء السفن في أوزبورن قرب أديلايد حيث كان من المفترض بناء الغواصات.

ومن أصل موظفي مجموعة نافال غروب الـ17 ألفا، كان 650، بينهم 40 أستراليا، يعملون على المشروع في فرنسا، ومعظمهم في مكاتب الدراسات. كما كان 350 آخرون بينهم عشرون فرنسيا يعملون على المشروع في أستراليا ولا سيما لعقد شراكات مع صناعيين محليين إذ كانت أستراليا ستحصل على 60% من قيمة العقد.

وكان البرنامج مبنيا على سلسلة من العقود تتبع وتيرة تقدم المشروع، انطلاقا من اختيار الصناعي الفرنسي على منافسيه الألماني والياباني عام 2016.

وأوضحت المجموعة الفرنسية أن العمل كان جار على المراحل الأولية فقط من المشروع وتم دفع قيمة الفواتير بشأنها.

وفي هذا السياق، أنجزت مرحلة المراجعة الوظيفية الجارية منذ 2019 لاستعراض كل الوظائف التي ينبغي أن تكون الغواصات قادرة على إتمامها، وكانت باريس تأمل في إتمام المرحلة التالية من العقد المتعلقة بـ"التصميم الأساسي" للغواصات والبالغة قيمتها حوالى ثلاثة مليارات دولار أسترالي (1,9 مليار يورو).

وبالتالي كان أمام كانبيرا مهلة متاحة للانسحاب قبل الخوض في نفقات أضخم.

وقال مصدر في وزارة الجيوش الفرنسية "في 15 أيلول/سبتمبر، أي في يوم الإعلان الأسترالي (عن فسخ العقد)، تلقينا إشعارا بانتهاء المراجعة الوظيفية للبرنامج التي خلصت إلى أن أستراليا راضية عن الإنجازات التي يمكن للغواصة إتمامها وعلى سير البرنامج. وهذا يعني أن الشروط باتت متوافرة للمصادقة على إطلاق المرحلة التالية من العقد التي أنجز التفاوض بشأنها خلال شهر آب/أغسطس".

تعويضات

غير أن العقد فسخ في وقت باكر، وبالتالي فإن التعويض المترتب يفترض أن يكون أدنى بكثير من التعويضات التي دفعتها باريس أواخر 2015 بعد ثمانية أشهر من المفاوضات مع موسكو بشأن بيع حاملتي طائرات من طراز "ميسترال"، بعد فسخها العقد إثر الاجتياح الروسي لشبه جزيرة القرم الأوكرانية.

واضطرت باريس في ذلك الحين إلى دفع 949,8 مليون يورو، توازي المبالغ المسبقة التي تقاضتها من روسيا لشراء السفينتين بقيمة 1,2 مليار يورو. غير أن فرنسا كانت أنجزت بناء حاملتي الطائرات وباعتهما لاحقا إلى مصر.

وتحدثت الصحف الأسترالية من جهتها عن تعويضات بقيمة 400 مليون دولار (حوالى 250 مليون يورو).