اوتاوا: ضمنت الانتخابات التشريعية المبكرة في كندا ولاية ثالثة لجاستن ترودو لكنه عاد إلى المربع الأول فمن دون غالبية سيكون رئيس الوزراء الليبرالي بحاجة لدعم من خصومه في المعارضة كي يتمكن من الحكم.

وأظهرت تقديرات رسمية الثلاثاء أن الليبراليين يتقدمون أو انتُخبوا في 158 من 338 دائرة انتخابية.

وسيعود المحافظون، مع 119 مقعدا، إلى أوتاوا في صف المعارضة الرسمية، فيما سيكون على ترودو السعي لضمان دعم فصائل أصغر، ككتلة كيبيك الانفصالية (34 مقعدا) أو الحزب الديموقراطي الجديد اليساري (25 مقعد)، لتمرير أجندته.

وقبل عودته إلى مكتبه حيا ترودو الركاب في محطة قطار في بابينو، دائرته الانتخابية في مونتريال. وقال لمؤيديه "أنا من يشكركم" وتوقف لالتقاط الصور مع عدد منهم.

وقالت جوجيتا يوفينو "أنا سعيدة جدا بطريقة إدارته للوباء ... وسعيدة لمعرفة أنه سيخرجنا منه".

وذكّره آخرون بتطلعاتهم وقالت شابة "أنا أعول عليك للتحرك من أجل البيئة".

في خطاب الفوز مساء الإثنين قال ترودو إنه سمع بوضوح ان المواطنين "يريدون العودة إلى الأشياء التي تحبونها وألا تقلقوا بشأن هذا الوباء أو بشأن انتخابات".

وأقر بأن الكنديين اختاروا "أعضاء البرلمان من جميع الأطياف (كي) يساندوكم في هذا الأزمة وغيرها".

تدابير جريئة

وفي الوقت نفسه عوّل على الكنديين لتبني تدابير جريئة جديدة قائلا "اللحظة التي نواجهها تستدعي تغييرات حقيقة مهمة وقد أعطيتم هذا البرلمان وهذه الحكومة توجها واضحا".

وكان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال من أوائل الشخصيات التي هنأت ترودو وغرد "في هذه الأوقات نحتاج إلى صداقات متينة لتعزيز الحلول المتعددة الأطراف والبناء على تعاوننا القوي وقيمنا المتبادلة".

أما الرئيس الأميركي جو بايدن فأجرى اتصالا بترودو هنأه فيه على فوزه وقد شددا على "التزامهما المشترك تعزيز قدرة الاقتصادين الأميركي والكندي على الصمود والمنافسة وتنسيق الاستجابة لجائحة كوفيد-19".

كانت نسبة التأييد لترودو مرتفعة في بداية حملته، وكان يأمل الاستفادة من حملة تطعيم سلسة ضد كوفيد، تمنحه تفويضا يخوله قيادة كندا للخروج من مرحلة الوباء.

لكن في النهاية بقي عدد مقاعد الليبراليين دون تغيير تقريبا، مع ثلاثة مقاعد إضافية فقط مقارنة بالبرلمان السابق.

وقال استاذ السياسة في جامعة كيبيك بمونتريال أندري لامورو "كان فشلا واضحا".

ورأى أن الفرق مع البرلمان الماضي "ضئيل للغاية. مثل التقاط نفس الصورة من زاوية مختلفة قليلا" مضيفا أن ترودو قد يواجه الآن تحديات في قيادة الحزب.

وعلّق إليوت تيبر من جامعة كارلتون في أوتاوا "فشل في تحقيق حكومة غالبية بعد واحدة (في 2015). خسر التصويت الشعبي في اقتراعين على التوالي (2019 و2021)".

ومن المرجح أن يسعى ترودو للحصول على دعم الحزب الديموقراطي الجديد، والذي يتفق الليبراليون معه إيديولوجيا.

وقال زعيم الحزب جاغميت سينغ "عندما ندعم بعضنا البعض، عندما نرفع بعضنا البعض ننهض جميعا".

ويمكن أن يعول على كتلة كيبيك لدعم بعض التشريعات، حسبما أعلن زعيم الكتلة إيف-فرنسوا بلانشيت.

من ناحيته استخدم زعيم المحافظين إرين أوتول خطاب الإقرار بالهزيمة لينتقد ترودو مرة أخرى لدعوته لانتخابات مبكرة خلال الجائحة، وقال إن الانتخابات "زادت فحسب من سوء" الانقسامات التي كشفت عنها الأزمة الصحية.

وتعهد أوتول الذي انتخب العام الماضي رئيسا للمحافظين، مواصلة العمل وتحضير حزبه لمعركة انتخابية مرجحة كما قال، في غضون سنتين.

حصل المحافظون على عدد أصوات أكبر من الليبراليين، لكن الدعم للليبراليين كان مركزا أكثر ما سمح له بالفوز بعدد مقاعد أكبر.

أجبر خلف أوتول على الاستقالة بعد نتيجة مماثلة في انتخابات 2019، وأوتول يواجه بالفعل معارضة داخلية لنقله الحزب إلى الوسط.

ورأى تيبر أن الانتخابات تؤذن "ببداية لإعادة تنظيم" المشهد السياسي.

احتفظ الخضر بمقعدين، لكن رغم أن التغير المناخي كان في مقدمة مطالب الناخبين، سجل الحزب تراجعا كبيرا في نسبة التأييد له مقارنة بالانتخابات السابقة، وفشلت مساعي زعيمته انامي بول في الحصول على مقعد.

ولم يفز "حزب الشعب" بزعامة رئيس الوزراء السابق ماكسيم بيرنييه بأي مقاعد لكن شعبيته ارتفعت إلى 5 بالمئة.

وقال تيبر إن "حزب الشعب ... يمثل حركة شعبوية لم تراها كندا، لكنها مألوفة جدا في الولايات المتحدة وفي أنحاء أوروبا".

ورأى أن الحزب "وسع موطئه في كندا" فيما انتقال المحافظين إلى الوسط "يفسح مجالا كبيرا على يمين الطيف (السياسي) في كندا لهذا الحزب كي ينمو".