إيلاف من الرباط: قال وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة، الاثنين، إن المغرب سيواصل جهوده للتوصل إلى حل سلمي في ليبيا وإلى سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط.
وذكر بوريطة ، في كلمة خلال الاجتماع رفيع المستوى للدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، عبر تقنية التناظر المرئي، أن المملكة المغربية، التي يحركها التاريخ والمصير المشترك الذي يربطها بدولة ليبيا، والزخم الإيجابي الذي أحدثه اتفاق الصخيرات السياسي، تواصل جهودها للمساعدة في إيجاد حل سلمي للصراع في هذا البلد الشقيق.
وأبرز بوريطة أنه وفقا لتعليمات الملك محمد السادس، سيقف المغرب دائما إلى جانب المؤسسات الليبية الشرعية، وسيدعم الجهود الدولية الهادفة إلى حل الأزمة التي تواجه هذا البلد المغاربي، في إطار ما تم الاتفاق عليه بين مختلف الأطراف الليبية.
وجدد التأكيد في هذا الصدد على أن اقتناع المغرب يبقى راسخا بأن حل الأزمة في ليبيا لن يأتي إلا من الليبيين أنفسهم، بمنأى عن التدخلات والأجندات الخارجية، مضيفا أن الحوار الليبي هو أنجع وسيلة لتحقيق تطلعات الشعب الليبي إلى الاستقرار والمصالحة الوطنية والتنمية.
وأضاف بوريطة أن المغرب يؤمن بالأهمية القصوى لتنظيم الانتخابات في ليبيا كخطوة حاسمة في درب تحقيق السلام في هذا البلد الشقيق، مؤكدا أن المملكة على أتم استعداد لتقديم يدن العون بتنسيق مع جميع المؤسسات الليبية.
وقال بوريطة إنه، وبنفس الالتزام المتجذر والقوي والموصول بدعم السلام في الشرق الأوسط، تضع المملكة القضية الفلسطينية ومدينة القدس المقدسة في مقدمة أولوياتها، وفي نفس مرتبة قضية وحدتها الوطنية.
وأكد ،في هذا الصدد، أن المملكة المغربية تتطلع، وبكل أمل، إلى سلام عادل وشامل ومستدام في الشرق الأوسط، يفضي إلى قيام دولة فلسطين مستقلة، على ترابها الوطني ضمن حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش في سلم وأمان، جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل.
وأضاف أن المغرب يرى أن هذا الأمل يظل مرهونا بإدراك الجميع بأنه لن يستتب الأمن لطرف ما لم يتحقق الأمر ذاته للطرف الآخر، وهو ما يتطلب، حسب الوزير، توافقا شجاعا لإعادة إطلاق عملية السلام ووقف كل أشكال الانتهاكات والتضييق والاستفزاز التي لا تؤدي إلا إلى تأجيج العداوة وإبعاد أفق التفاهم والحوار.
وأشار إلى أن المغرب الذي يترأس عاهله الملك محمد السادس، لجنة القدس، التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، يجدد تأكيد موقفه الثابت والمبدئي بخصوص ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي والروحي المتفرد للمدينة المقدسة، بما يجعلها أرضا للتعايش بين أتباع الديانات السماوية وفاعلا في التقريب بين الشعوب وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
وخلص بوريطة إلى أن المغرب، وإيمانا منه بأن السلام يجلب السلام، يعمل من أجل علاقات سلمية وسليمة مع دولة إسرائيل، من شأنها أن تساعد في دفع قضية السلام في المنطقة، وتعزيز الأمن الإقليمي وإتاحة فرص جديدة للمنطقة ككل، كما جاء في الإعلان الثلاثي الموقع بتاريخ 22 ديسمبر 2020 أمام الملك محمد السادس.
على صعيد آخر ،قال بوريطة إن المشاركة الكثيفة لسكان الصحراء المغربية في انتخابات الثامن من سبتمبر تجسد تشبتها بالوحدة الترابية للمملكة وانخراطها التام والفعال في تنزيل النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية.
وذكر ان هذا الانخراط "يؤكد بما لا يترك مجالا للشك رغبة ساكنة والصحراء المغربية في الانخراط التام والفعال" في تنزيل النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه الملك محمد السادس سنة 2015.
وأشار الوزير،في هذا الصدد، إلى أن العملية الانتخابية في الصحراء المغربية مرت، كما هو الشأن في باقي جهات المملكة، في جو من التعبئة والتنظيم الديمقراطي، وفي توافق تام مع المعايير الدولية مما يؤكد جو الهدوء والطمأنينة الذي تشهده منطقة الصحراء، ومشاركة سكان الصحراء المغربية على نحو كامل في التنمية السوسيو-اقتصادية للمنطقة، وكذا في الحياة السياسية.
وأوضح أن هذا المعطى يتضح بشكل جلي في تسجيل المنطقة لأعلى نسبة مشاركة في الاستحقاقات على المستوى الوطني بلغت 63 في المائة.
في سياق متصل، جدد بوريطة التأكيد على استعداد المغرب لمواصلة التعاون مع منظمة الأمم المتحدة في إطار الجهود التي يبذلها الأمين العام للمنظمة للتوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم وقائم على التوافق لقضية الصحراء، في إطار الاحترام التام لسيادة المغرب ووحدته الترابية.
وشدد على أنه لا يمكن التوصل إلى هذا الحل إلا في إطار تحمل الجزائر لمسؤوليتها كاملة في المسلسل السياسي للموائد المستديرة وذلك على قدر مسؤوليتها في خلق واستمرار هذا النزاع، مؤكدا أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 تظل الأفق الوحيد للتوصل إلى حل سياسي نهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.
كما ذكر بوريطة بأن المملكة المغربية وضعت، منذ استقلالها، دعم الاستقرار في محيطها الإقليمي والدولي في صميم عقيدتها الدبلوماسية حيث تبقى ملتزمة للعمل من أجل التسوية النهائية للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، في احترام تام لوحدتها الترابية وفي إطار سيادتها الوطنية.
وعلاوة على ذلك، أعرب بوريطة عن قلق المغرب البالغ إزاء الحالة الإنسانية المأساوية لسكان مخيمات تندوف، حيث تخلى البلد المضيف، الجزائر، عن مسؤولياته لصالح جماعة مسلحة انفصالية، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني.
وطالب بوريطة، بهذه المناسبة، المجتمع الدولي بالتحرك من أجل حمل البلد المضيف على احترام التزاماته التعاهدية، ولا سيما تمكين المفوضية السامية للاجئين من تسجيل وإحصاء هذه الساكنة استجابة لنداءات مجلس الأمن الدولي المتكررة.