إيلاف من دبي: يستعد الرئيس الصيني، شي جين بينغ، لدمغ السجل التاريخي للحزب الشيوعي الحاكم رسمياً ببصمته الشخصية، في إشارة إلى تشديده قبضته على السلطة في مواجهة شكوك متزايدة بشأن الوضع الاقتصادي وتوترات مع دول غربية، وفقاً لتقرير نشره موقع "الحرة".

وذكرت وسائل إعلام رسمية في بكين، أن الأعضاء الـ 25 في المكتب السياسي للحزب، بينهم شي جين بينغ وقياديون آخرون، توصّلوا الاثنين إلى قرار يُطبّق خلال اجتماع مغلق مرتقب الشهر المقبل، بمراجعة مشروع قرار يروي بشكل موثوق "الإنجازات الكبرى والتجارب التاريخية" للحزب، منذ تأسيسه قبل قرن.

وسيكون هذا القرار الثالث الذي يسنّه الحزب، ما يجعل شي جين بينغ مساوياً لماو تسي تونج ودينج شياو بينغ، بوصفهم زعماء قادوا السلطة الراجحة اللازمة لإعادة تفسير التاريخ الصيني الحديث رسمياً، بحسب الصحيفة الأميركية.

وقال صحيفة "وول ستريت جورنال" إن تمرير القرار المذكور خلال الاجتماع، المرتقب بين 8 و11 نوفمبر المقبل، سيشيع إحساساً بالوحدة حول قيادة شي جين بينغ، فيما يستعدّ لمؤتمر الحزب، المرتقب العام المقبل والذي يُعقد مرتين في كل عقد، ويُرجّح أن يشهد منح شي ولاية ثالثة في رئاسة البلاد، بعدما ألغى البرلمان، في عام 2018، تحديد الحكم بولايتين، المُطبّق منذ تسعينات القرن العشرين. ويتيح ذلك لشي جين بينغ البقاء في السلطة مدى الحياة.

قراران لماو ودينغ

في أثناء مناقشة القرار في اجتماع الاثنين، أثنى المكتب السياسي للحزب على شي، معتبراً أن قيادته دفعت الصين إلى "مسار تاريخي" جديد من تقدّم حتمي نحو العظمة الوطنية، بحسب "الحرة".

ويذكر مؤرخون أن قرارَي ماو ودينج بشأن التاريخ، اللذين أُقرا في عامَي 1945 و1981، استهدفا تعزيز سيطرتهما على الحزب الشيوعي، من خلال انتقاد آراء معارضة وتكريس وجهات نظرهما الأيديولوجية، باعتبارها قانوناً للحزب. قرار دينج أدان الثورة الثقافية التي قادها ماو، بين عامَي 1966 و1976، بوصفها خطأً فادحاً، ممهّداً لإصلاحات السوق التي ستُطلق المعجزة الاقتصادية للصين.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن أستاذ متقاعد في العلوم السياسية ببكين قوله: "القراران الماضيان انتقاديان جداً بطبيعتهما. هذه المرة، سيكون الأمر بشكل أساسي حول تأكيد الذات". واعتبر أن الأهداف المحتملة للقرار ستتمثل في "تقوية صورة الحزب، ودعم صورة الزعيم الحالي، وتعزيز إرادته".

ومن شأن تمرير القرار، الذي يرى مراقبون أنه إجراء شكلي، أن يعكس السيطرة القوية لشي جين بينغ على الحزب، حتى في وقت تكافح فيه الصين لدعم اقتصاد يعاني من نقص في الطاقة، واضطرابات قي سلسلة التوريد، إضافة إلى حملة تشنّها بكين على قطاعات التكنولوجيا والتعليم الخاص والعقارات.

نظرة صحيحة للتاريخ

أثناء مواجهته التحديات الاقتصادية، كثّف شي جين بينغ جهوده لتشكيل ما يسميه "النظرة الصحيحة للتاريخ" في الداخل، من أجل الحدّ من الاستبطان بشأن الأخطاء السابقة للحزب. وبدلاً من ذلك، سعى إلى تصوير الحزب على أنه قوة لا تُقهر، تحمّلت الحرب والفوضى لقيادة بروز الصين.

شي الذي كان والده قيادياً ثورياً، شدد على أهمية التحكّم بالسرديات بشأن ماضي الحزب. كذلك أصرّ على أن نجاحات الصين في العقود الأخيرة لا يمكن فصلها عن نضالاتها بقيادة ماو، الذي أعاد شي جين بينغ إحياء تكتيكاته السياسية، من أجل سحق المعارضة وفرض سيطرة أكبر على المجتمع، بحسب "وول ستريت جورنال".

وفي إطار حملة وطنية لإحياء الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي هذا العام، أقدمت السلطات على مراجعة نصوص تاريخية، من أجل التقليل من شأن الأخطاء الاستبدادية لماو خلال الثورة الثقافية، وحذف اقتباسات شهيرة لدينج، حذرت من أخطار حكم الرجل الواحد ودعت إلى انتهاج دبلوماسية متواضعة.

واستحضر شي جين بينغ التاريخ مرة أخرى هذا الشهر، لتأكيد عزم بكين على استعادة تايوان، التي سيطرت عليها أسرة تشينج، آخر سلالة إمبراطورية صينية، قبل التنازل عن الجزيرة لليابان في عام 1895. وفي خطاب ألقاه في ذكرى "ثورة شينهاي" عام 1911، التي أطاحت بحكم تشينج، اعتبر شي أن "التاريخ سيُدين" معارضي توحيد الصين وتايوان.