الأمم المتحدة (الولايات المتحدة): يزور أعضاء مجلس الأمن الدولي في نهاية الأسبوع منطقة الساحل وتحديداً مالي والنيجر لدفع باماكو إلى العودة للسلطة المدنية بعد انقلابين عسكريين خلال تسعة أشهر في منطقة تعزّز فيها التنظيمات الإسلامية المتشدّدة وجودها.

وقال سفير النيجر لدى الأمم المتحدة عبدو أباري الذي يشارك في تنظيم هذه الزيارة مع نظيره الفرنسي إنّ "منطقة الساحل تواجه مختلف أنواع التحديات، من مكافحة الإرهاب إلى إشكالية الإغاثة الإنسانية وصولاً إلى أثر التغيّر المناخي والحوكمة".

من جهته، قال نيكولا دي ريفيير إنّ "الوضع في منطقة الساحل لا يزال هشّاً جداً" متحدّثاً عن "إرساء الاستقرار في مالي" وضرورة "بحث كيفية دعم جهود دول الساحل الخمس لضمان أمنها".

علاقات متدنية

وصلت علاقات المجلس العسكري المالي بفرنسا إلى أدنى مستوياتها وتأتي هذه الرحلة في الوقت الذي تبحث فيه باماكو عن شركاء بديلين عن باريس لا سيما في روسيا. ورفض الأوروبيون انتشار قوات شبه عسكرية روسية في مالي من مجموعة فاغنر الخاصة المعروفة بأنّها قريبة من الكرملين معتبرين ذلك غير متوافق مع مشاركتهم في مهمة قوات القبعات الزرق (مينوسما) أو قوات مكافحة الجهاديين.

بالنسبة لأعضاء مجلس الأمن الـ15، فإنّ التوجّه إلى دولة يحكمها رجل عسكري لا يعني "الموافقة على الإنقلابات في مالي" (آب/أغسطس 2020 وأيار/مايو 2021)، كما يؤكّد عدة دبلوماسيين غربيين وأفارقة. وقال أحدهم إنهم يذهبون إلى المنطقة لدعم "المنظمات الإقليمية مثل المجموعة الإقتصادية لدول غرب أفريقيا والتشديد على احترام مواعيد الإنتخابات، واذا لم يكن ذلك ممكناً، على الأقل تحديد جدول زمني واقعي".

فرضت مجموعة دول غرب أفريقيا تنظيم إنتخابات في مالي في 27 شباط/فبراير 2022 لكن السلطات تعتقد أنّ تأجيلها لبضعة أسابيع أو أشهر أمر غير مستبعد، والمهم مصداقيتها.

إذا كانت الصين وروسيا والهند ستتمثّل بمساعدي السفراء، فإنّ الولايات المتحدة توفد إلى الساحل سفيرتها ليندا توماس-غرينفيلد السفيرة التي تشغل رتبة وزير في حكومة الرئيس جو بايدن. وهي مشاركة نادرة على هذا المستوى ويأمل الأوروبيون والأفارقة على حد سواء الإستفادة منها لمحاولة تغيير الموقف الأميركي بشأن قوة مجموعة دول الساحل الخمس لمحاربة الجهاديين.

حتى الآن، تُفضّل واشنطن المساعدة الثنائية وترفض- على غرار لندن - الفكرة التي دافع عنها الأمين العام لإنشاء مكتب دعم للأمم المتحدة بتمويل مشترك من المنظّمة الدولية، لهذه القوة المؤلّفة من قوات من النيجر وبوركينا فاسو ومالي وتشاد وموريتانيا.

في رسالة إلى مجلس الأمن، كشف أنطونيو غوتيريش في الآونة الأخيرة أنّ حلف شمال الأطلسي يدرس "خيارات لزيادة الدعم لمجموعة دول الساحل الخمس".

خيارات بديلة

وقال دبلوماسي رفض الكشف عن اسمه إنّ "الأميركيين يريدون خيارات بديلة... لكن حلف الأطلسي لا يبدو للوهلة الأولى خياراً ممكناً، وهذا ليس ما تطلبه أفريقيا".

تابع هذا الدبلوماسي أنّ الولايات المتحدة تصرّ على أنّ "حفظ السلام ليس مكافحة الإرهاب". فالأول هو من مسؤولية الأمم المتحدة فيما الثاني هو مقاربة وطنية.

وأضاف لكن "في أفريقيا حيث التهديد الإرهابي يتزايد أو يتنوّع، سيتعيّن على عمليات حفظ السلام أن تطرح المزيد من الأسئلة" حول دورها في مكافحة الجهاديين متسائلاً "ما الفرق بين حماية المدنيين في مواجهة تهديد إرهابي أو مجموعات مسلحة؟".

عندما تحارب دولة ما تهديداً على أراضيها، فإنّ القاعدة في الأمم المتحدة هي أنه لا يوجد سبب لدعمها مالياً، كما قال مصدر دبلوماسي آخر.

لم يتسنَّ لوكالة فرانس برس الحصول على أي تعليق آخر من البعثة الدبلوماسية الأميركية لدى الأمم المتحدة بشأن دوافع ليندا توماس غرينفيلد في ما يتعلّق برحلتها الأولى إلى منطقة الساحل مع أعضاء مجلس الأمن.

من الجانب الفرنسي، يتمثّل التحدي أيضاً في محاولة تحريك طلب من باريس لزيادة عديد قوة حفظ السلام بألفي عنصر في وسط البلاد (تعد القوة حالياً 13,289 عسكرياً و1920 شرطياً). هذا الطلب الذي أعد في حزيران/يونيو بعد إعلان فك ارتباط قوة برخان في مالي، رفضه عدة أعضاء في مجلس الأمن لا سيما لأسباب مالية، بحسب دبلوماسيين.