إيلاف من اسطنبول: تتحرك روسيا في مناطق شرقي سوريا على أكثر من جبهة. في الوقت الذي تنتشر فيه قواتها بكثرة على طول الطريق الدولي المعروف بـ"أم فور"، تذهب إلى أقصى الجنوب، في محاولة لـ"اختراق" مناطق كانت "شبه محرمة" عليها خلال الأعوام السابقة، لاعتبارات تتعلق بأطراف النفوذ الأخرى، سواء المحلية أو الأجنبية.

الخميس وفي تطور هو الأول من نوعه دخل رتلٌ من قوات الشرطة العسكرية مناطق الريف الغربي لمحافظة دير الزور، الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، الأمر الذي أثار غضب المدنيين وأبناء العشائر الموجودين في المنطقة، وفقًا لموقع "الحرة".

وكان من المقرر أن يسلك الرتل تلك المناطق كطريق للعبور إلى نقاط موسكو في محافظتي الحسكة والرقة، لكن ذلك لم يتم، بحسب ما ذكرت شبكات إعلامية محلية، مشيرة إلى أن عشرات من المدنيين قطعوا الطرق وأشعلوا الإطارات احتجاجا على ذلك.

وأضافت وسائل إعلام بينها "دير الزور 24" المحلية، أن عدة قرى وبلدات في ريف دير الزور الغربي خرجت بمظاهرات، الجمعة، رفض فيها المحتجون أي دخول للقوات الروسية إلى مناطقهم، كون ذلك يمهد لعودة سلطة النظام السوري والميليشيات الإيرانية.

وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات مصورة وثقت مظاهرات الأهالي في ريف دير الزور الغربي، وكان أبرزها عند "دوار الحصان" ضمن مناطق نفوذ القوات الكردية، بحسب ما قال "المرصد السوري لحقوق الإنسان".

وأضاف المرصد: "المظاهرات خرجت ضد التواجد الروسي والإيراني على الأراضي السورية، وضد النظام السوري أيضا، بعد أحداث عبور الرتل الروسي الخميس".

مخاوف من اتفاق

تنقسم السيطرة في محافظة دير الزور شرقي سوريا بين قوات النظام السوري وحلفائها من جهة و"قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من التحالف الدولي من جهة أخرى، ويعتبر نهر الفرات الخط الفاصل بين مناطق سيطرة الطرفين.

وبحسب تقرير المرصد السوري فإن "الروس وقوات سوريا الديمقراطية أزالوا السواتر الترابية بين مناطق السيطرة مع النظام السوري، بهدف تمرير دورياتهم من المنطقة"، و"لتقوم قوات مجلس دير الزور العسكري بجلب تعزيزات عسكرية إلى المنطقة ومنع الروس من دخول مناطقهم".

ويعتبر "مجلس دير الزور العسكري" أحد مكونات "قوات سوريا الديمقراطية"، واللافت أنه إحدى أبرز الجهات الرافضة لدخول القوات الروسية إلى مناطق الريف الغربي لدير الزور.

ويقول الصحفي السوري، صهيب جابر: الروس لديهم عدة نقاط في شرقي الفرات. في منطقة مراط وحقل كونيكو وخشام والحسينية، لكن هناك نقطة مثار جدل تتعلق بمحاولتهم العبور من المنطقة باتجاه الرقة والحسكة".

ويضيف جابر لموقع "الحرة": "هناك استغراب أيضا من الحراك المرتبط بمجلس دير الزور العسكري التابع لـ"قسد"، كونه أحد الرافضين لعبور الأرتال، على الرغم من موافقة الجهة التي يتبع لها على تنفيذ الخطوة".

وقلما تعلّق روسيا على تحركاتها العسكرية في سوريا، وتقتصر بياناتها اليومية المتعلقة بالبلاد على ما يصدره "مركز المصالحة الروسي في قاعدة حميميم".

في حين ينفي فرهاد شامي الناطق باسم "قوات سوريا الديمقراطية" أي تغيير في نفوذ السيطرة بمحافظة دير الزور.

ويضيف شامي لموقع "الحرة": "لا تغيير في خارطة توزع القوى في مناطق شمال وشرق سوريا".

من جهته يقول الرئيس المشارك لـ"مجلس سوريا الديمقراطية"، رياض درار لموقع "الحرة" إن "روسيا تسعى للتغلغل في المناطق، وتريد التمدد على حساب التراجع الأميركي. لا يوجد أي تنسيق بين موسكو وقسد حول هذا التدخل، لأن الوضع غير محسوم بالنسبة للدور الروسي في الوساطة والحل السياسي".

ويتابع المسؤول في "قسد": "بالتالي الأمر ليس بهذا البعد كأن يقرأ على أنه نوع من التفاهم بين قسد وموسكو".

لعب على الأوتار

في غضون ذلك قالت صحيفة "جسر" المحلية إنها رصدت تحليق طائرات مروحية روسية، الجمعة، فوق المظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها مناطق ريف دير الزور الغربي، الخاضعة لسيطرة "قسد" المدعومة من التحالف الدولي.

وأضافت الصحيفة: "التوتر يسود في المنطقة، من انتشار أخبار حول اتفاق سيجري تنفيذه على مراحل في دير الزور، بين روسيا والتحالف وقسد".

ولا توجد أي مؤشرات على الأرض بشأن ما سبق سوى تحرك القوات الروسية باتجاه الدخول إلى مناطق الريف الغربي، للعبور إلى الحسكة والرقة. وهما محافظتان سبق وأن انتشرت فيهما القوات الروسية لكن بشكل غير كبير، وخاصة في القامشلي ومحيط الطريق الدولي "أم فور"، بحسب "الحرة".

عمر أبو ليلى مدير شبكة "دير الزور 24" يشير إلى أن روسيا تحاول منذ فترة طويلة "اللعب على أوتار دير الزور في شرقي سوريا".

ويقول الصحفي السوري لموقع "الحرة": "لكن جميع تلك المحاولات فشلت، أولا من خلال التحالف مع إيران، وبعد ذلك بفتح باب المصالحات، وأخيرا موضوع تجنيد الشبان للقتال في الخارج، ومنحهم بطاقات تسوية أمنية".

واعتبر أبو ليلى أن "قسد متواطئة كون لها علاقة مع روسيا. وهي إحدى نقاط الفشل التي تواجهها الآن. تفاوض على اسم دير الزور انعكس برد قاس بمظاهرات ورفض شعبي".

وبحسب الصحفي فإن التحرك باتجاه دخول الأرتال الروسية الخميس إلى الريف الغربي "استفز العشائر، وخاصة أبناء قبيلة البكارة. الأرتال خطوة استباقية لتثبيت نقاط عسكرية بشكل خبيث".