الخرطوم: قتل متظاهران سودانيان معارضان للانقلاب ب"رصاص حي" أطلقته قوات الأمن في الخرطوم، بحسب أطباء مؤيدين للحكم المدني، أثناء تظاهرات جديدة شارك فيها الآلاف للمطالبة بانهاء "حكم العسكر".

وقالت اللجنة على صفحتها على فيسبوك إن المتظاهرين قتلا خلال "قمع" التظاهرات في منطقة بحرى (شمال شرق الخرطوم)، موضحة أنهما أصيبا ب"الرصاص الحي، أحدهما في الرأس والثاني في العنق".

وأكدت "سقوط عشرات الجرحى بالرصاص الحي، بعضهم في حالات حرجة" بينما تقول السلطات إن قوات الأمن لا تستخدم الرصاص الحي.

وقال شهود لوكالة فرانس برس إن قوات الأمن أطلقت كذلك قنابل الغاز المسيل للدموع في وسط الخرطوم وفي منطقة بحري، شمال شرق العاصمة التي قطعت عنها كل خدمات الاتصالات الهاتفية كما قطع عنها الانترنت منذ 24 ساعة.

واعتاد السودانيون منذ انقلاب الخامس والعشرين من تشرين الأول/اكتوبر على أن يتبادلوا المعلومات والدعوات الى التظاهر عبر الرسائل النصية القصيرة بدلا من وسائل التواصل الاجتماعي بسبب انقطاع خدمة الانترنت لفترات طويلة ولكن منذ بضع ظهر الأربعاء لم يعد بوسعهم حتى الوصول الى اي شبكة من شبكات الهواتف.

وقال التلفزيون الرسمي السوداني إنه تم فتح تحقيق حول تظاهرات السبت الذي كان اليوم الأكثر دموية منذ الانقلاب مع سقوط ثمانية قتلى أثناء التظاهرات، وفقا لأطباء.

ومنذ الصباح، انتشرت قوات شرطة وجيش بكثافة في العاصمة السودانية وكانوا مسلحين ببنادق آليه وأغلقوا الطرق المؤدية الى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة والى قصر الرئاسة ومقر الحكومة.

وبدأ الالاف في التدفق بعد الظهر في أحياء عدة في الخرطوم وهم يهتفون "لا لحكم العسكر"، "السلطة سلطة الشعب" و"الشعب يريد المدنيين".

حمل المحتجون صور "الشهداء" الذين سقطوا خلال الاحتجاجات ضد الانقلاب وكذلك صور 250 شخصا الذي قتلوا أثناء التظاهرات التي استمرت خمسة أشهر وأدت الى اسقاط عمر البشير في نيسان/ابريل 2019.

كما شهدت مدينة بورتسودان في الشرق، على البحر الأحمر، خروج عدة تظاهرات.

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء أن السودان سيحظى بدعم المجتمع الدولي ومساعداته مجددا في حال إعادة "الشرعية" للحكومة التي تمت الاطاحة بها اثر الانقلاب العسكري.

وقال في مؤتمر صحافي عقده في نيروبي، في مستهل جولة افريقية "من الحيوي استعادة الشرعية التي كانت تتسم بها المرحلة الانتقالية (...) إذا أعاد الجيش الأمور إلى مسارها وفعل ما هو ضروري، أعتقد أنه من الممكن استئناف دعم المجتمع الدولي الذي كان قوياً للغاية".

وعلقت الولايات المتحدة مساعدات قيمتها 700 مليزن دولار عقب الانقلاب.

وكانت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الافريقية مولي قامت خلال الأيام الأخيرة بجولات مكوكية بين المدنيين، ومن بينهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي أقاله الجيش ووضعه قيد الاقامة الجبرية، وبين العسكريين في محاولة للتوصل الى تسوية تتيح العودة الى المرحلة الانتقالية المفترض أن تقود الى سلطة منتخبة ديموقراطيا في العام 2023.

المجلس السيادي

ولكن قائد الجيش لا يعتزم على ما يبدو العودة الى الوراء: فقد أعاد الاسبوع الماضي تعيين نفسه على رأس المجلس السيادي، أعلى سلطة خلال المرحلة الانتقالية، بعد أن أعاد تشكيله مستبعدا منه ممثلي قوى الحرية والتغيير وهو تحالف المدنيين المنبثق عن الانتفاضة ضد البشير.

وسبق أن نزل عشرات الآلاف من السودانيين الى الشوارع مرتين في 30 تشرين الأول/اكتوبر وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر احتجاجا على الانقلاب.

ولتقويض الاحتجاجات، تتواصل الاعتقالات التي شملت مئات من السياسيين والناشطين والصحفيين بل والمارة.

وأوقفت السلطات الأحد مدير مكتب الجزيرة في السودان المسلمي الكباشي قبل أن تطلق سراحه الثلاثاء.

ووفقا للجنة الأطباء المركزية (تجمع نقابي موالي للقوى المدنية) قامت قوات الأمن التي قتلت 24 شخصا وأصابت مئات بجروح منذ الانقلاب، بتوقيف أطباء وناشطين حتى داخل المستشفيات في الخرطوم.

على الصعيد السياسي، لم يعلن العسكريون بعد تعيين رئيس جديد للوزراء رغم اعلانهم أكثر من مرة أن تشكيل حكومة جديدة صار "وشيكا".

وأعلنت عدة شخصيات برزت اسماؤهم ليحلوا محل حمدوك اعتذارهم عن قبول منصب رئيس الوزراء.

وطالبت مولي في من جهتها بعودة حمدوك الى موقعه.

وأوقف البرهان في 25 تشرين الأول/اكتوبر غالبية المسؤولين السياسيين المدنيين الذين كان يتقاسم معهم مؤسسات السلطة الانتقالية وحلها كلها.

واذا كان أطلق في ما بعد اربعة وزراء، فإنه اعتقل في المقابل وجوها أخرى للقوى المدنية والغى من الوثيقة الدستورية التي تم الاتفاق عليها بعد اسقاط البشير أي اشارة لقوى الحرية والتغيير.

وسقط 26 قتيلا منذ بداية الاحتجاجات على انقلاب البرهان من بينهم 3 مراهقين، بحسب منظمة اليونيسف التي أعربت عن قلقها من الاستخدام "المفرط" للقوة ضد المتظاهرين السلميين. وسبق أن سقط 250 سودانيا ضحايا لقمع التظاهرات المطالبة باسقاط البشير.

الفريق أول البرهان يتعهد أكد مجددا للدبلوماسية الأميركية أنه يعتزم اجراء انتخابات عامة عام 2023 ويؤكد أنه لم يفعل سوى "تصحيح مسار الثورة" لاعلان الدستوري.