نيقوسيا: اقتصرت الدعوات إلى اللقاء مع البابا فرنسيس في الكاتدرائية المارونية في نيقوسيا القديمة الخميس على رجال الدين والراهبات وبعض ممثلي الرعايا والمنظمات، لكن ذلك لم يمنع عشرات المسيحيين الموارنة من التجمّع في المكان، لاستقبال البابا والتماس بركته.

وقالت جوزفينا سكولو (55 عاماً) المتحدرة من قرية كورمجيت ذات الغالبية المارونية في شمال قبرص لوكالة فرانس برس "بعد أحد عشر عاماً (على زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر إلى قبرص)، بابا جديد هنا. بالنسبة إلينا، هذا حدث عظيم".

وقالت مونيكا ديسبوتي (55 عاماً) مع ابتسامة عريضة "نحن فخورون جداً، ونحن مسرورون"، معبرة عن أملها في أن تلفت زيارة البابا الإنتباه إلى الأزمة القبرصية.

وقبرص مقسّمة منذ 1974، تاريخ الغزو التركي الذي اجتاح ثلثها حيث أعلنت في ما بعد "جمهورية شمال قبرص التركية" التي لا تعترف بها إلا أنقرة. بعد الإجتياح، نزح الكثير من سكان الشمال إلى الشطر الجنوبي، وبينهم الموارنة الذين ينتمون بمعظمهم إلى أربع قرى مارونية باتت شبه مهجورة في الشمال.

وأضافت ديسبوتي "نريد بقوة العودة إلى قرانا والعيش فيها، وأملنا أن تعطي زيارة البابا دفعاً لهذه العودة".

كان جوزف ديولاس (52 عامًا) بين المنتظرين أيضًا قرب الكنيسة. وقال "أنا هنا مع أصدقائي للترحيب بالبابا".

تدابير أمنية

وانتشرت الشرطة في المنطقة على جانبي الطريق الضيق لمنع الناس من الإقتراب من الكنيسة. كذلك شارك في التدابير الأمنية عناصر من القوات الدولية التي تراقب خط وقف إطلاق النار بين شطري قبرص، كون المنطقة تقع على خطوط التماس.

ووصل موكب البابا إلى الشارع الضيق، فتحمّس المنتظرون وحملوا هواتفهم والتقطوا مقاطع فيديو وصورًا، بينما كان البابا يلوح لهم بيده من داخل سيارة فيات صغيرة غامقة اللون.

ودخل البابا الكنيسة على وقع التصفيق في الداخل والخارج. تناول من كاهن الرعية طوني سكر ماء مقدساً وبدأ يرشه على الموجودين في الداخل. وتوقّف ليبارك أطفالاً.

ورحّب البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي قدم خصيصًا من لبنان للمشاركة في استقبال البابا بالحبر الأعظم، متحدّثًا عن وجود الموارنة "منذ أكثر من ألف سنة" في قبرص، ومتوقفًا عند الانقسام الذي جعل عددهم يتناقص على مر السنوات.

في الخارج، دخل البعض المقهى المجاور حيث كانت تبث لقطات من اللقاء داخل الكنيسة.

وقالت أفريل فورتوين (57 عامًا) من كيب تاون في جنوب أفريقيا، عن البابا، "لا يهمه لونك، لا تهمه خلفيتك، لديه قلب للناس، ولهذا السبب أتيت".

وأشادت فورتوين بتركيز البابا على حقوق الإنسان والمهاجرين. وقالت إن زيارته "استثنائية خصوصاً بالنسبة للأجانب في هذا البلد".

ويبلغ عدد الكاثوليك في قبرص من كل المذاهب، بينهم الموارنة (حوالى سبعة آلاف)، 25 ألفًا، ومعظم أفراد المذاهب الكاثوليكية غير الموارنة من المهاجرين الآسيويين والأفارقة.

وقالت الفيلبينية إيرلين ريو (42 سنة) التي جاءت مع مجموعة من رفيقاتها "نريد فقط أن نرحب بالبابا هنا في قبرص".

ورفعت النساء علمين فيلبينيين كبيرين وعلماً قبرصياً.

سلّم على الجميع

مع انتهاء اللقاء والصلاة، خرج البابا على وقع الهتافات والتصفيق. توقّف عند المصطفين إلى جانبي مقاعد الكنيسة، وسلّم على كل من كان يمدّ يده لتحيته.

بينما كان ثوب البابا الأبيض يختفي داخل السيارة، صرخت امرأة بالإنكليزية "بابا فرنسيس، نحبك"، واشتعلت مجدّدًا أضواء الهواتف المحمولة لالتقاط الصور.

ووصلت الأخت ميريام سلامة متأخّرة إلى المكان. قالت إنها وصلت للتو من لبنان. لكنها حافظت على حماسها، وقالت، كما كثيرين ممّن تحدّثت معهم وكالة فرانس برس، إنها ستشارك في القداس الذي يحييه البابا في الهواء الطلق يوم الجمعة.

وأضافت "نحن سعداء جدًا بأن نكون جزءًا من هذا الحدث"، و"نحن حقًّا بحاجة إلى أن يأتي البابا إلى لبنان".

وتابعت "نحن بحاجة إلى تشجيعه، وحكمته، وبركاته. إنه يعيد الحياة إلى الكنيسة، ونحن بحاجة إلى عودة الحياة إلى بلدنا لبنان".