إيلاف من الرياض: وصفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الجولة الخليجية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بأنها "استثنائية"، إذ تأتي قبيل موعد انعقاد القمة الخليجية الثانية والأربعين في الرياض في 14 ديسمبر الجاري، والتي ستجدد التأكيد على ضرورة أن تشتمل أي عملية تفاوضية مع إيران معالجة سلوك طهران المزعزع لاستقرار المنطقة، إلى جانب بحث الخطوات التي تم إنجازها على صعيد تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين دول المجلس.

وبعد محطة أولى في العاصمة العُمانية مسقط الإثنين، وصل الأمير محمد بن سلمان إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي الثلاثاء، في زيارة رسمية تستمر يومين. وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات في مقدمة مستقبلي الأمير محمد بن سلمان والوفد المرافق، لدى وصوله مطار الرئاسة في العاصمة أبوظبي.

ولي عهد أبوظبي وولي العهد السعودي في المطار الرئاسي في العاصمة الإماراتية أبوظبي

وتشمل جولة الأمير محمد بن سلمان التي تستغرق خمسة أيام كلاً من الكويت والبحرين وقطر. وزيارة الدوحة هي الأولى التي يقوم بها منذ الأزمة الخليجية في منتصف عام 2017.

وفي خلال جلسة مباحثات في قصر الوطن في أبوظبي، بحث الشيخ محمد بن زايد والأمير محمد بن سلمان العلاقات الأخوية الراسخة ومسارات التعاون الثنائي والفرص الواعدة لتنميته في مختلف المجالات في ضوء الشراكة الإستراتيجية الخاصة التي تجمع بين البلدين الشقيقين إضافة إلى مجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشتركة، وفقًا لوكالة أنباء الإمارات.

كما تناولا أهمية تفعيل العمل الخليجي والعربي المشترك وعدداً من القضايا والملفات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين، مؤكدين ضرورة العمل على ترسيخ أركان الاستقرار الإقليمي الذي يشكل القاعدة الرئيسة المشتركة للتنمية والبناء والتقدم.

التشاور دائم

قالت صحيفة "الرياض" في افتتاحيتها الثلاثاء: "تؤمن المملكة أن التشاور الدائم مع قادة دول الخليج العربي، وتنسيق الأدوار بينهم، وتعزيز التفاهمات باتت اليوم أكثر من أي وقت مضى، أمراً مطلوباً وبصفة دائمة، خاصة في هذه المرحلة التي تشهد فيه المنطقة العربية صراعات إقليمية متعددة، تتطلب من قادة الخليج اليقظة الدائمة والاستعداد لأي مفاجآت قد تأتي من هنا أو هناك، وهذا ما يحرص عليه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وقرر القيام بجولة خليجية، يبدأها بسلطنة عُمان، مروراً بدولة الإمارات العربية المتحدة، ثم قطر والكويت".

أصافت الرياض: " وأهمية الجولة أنها تأتي في وقت تحتاج فيه دول الخليج إلى تعزيز التعاون بينها بشكل أكبر وأعظم، ليس في مجال السياسة والتحالفات العسكرية والأمنية، ولكن في مجالات أخرى مهمة، ذات صبغة اقتصادية، منها الطاقة المتجددة والتقنيات، والتغير المناخي، والصناعات الحديثة، وكلها أمور ورد ذكرها في بنود رؤية المملكة 2030 ويسعى ولي العهد إلى التشاور بشأنها مع دول الجوار، والوصول إلى تفاهمات تضمن مزيداً من الرفاهية لهذه المنطقة الحيوية من العالم".

هذا ونقل موقع "العين" الإخبارية عن مصادر قولها إن من أبرز الموضوعات في جدول أعمال جولة ولي العهد السعودي في دول الخليج "التعامل بشكلٍ جديٍ وفعّال مع الملف النووي والصاروخي الإيراني بكافة مكوناته وتداعياته وبما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي".

كما تشمل الجولة التأكيد على مبادئ حُسن الجوار واحترام القرارات الأممية والشرعية الدولية وتجنيب المنطقة كافة الأنشطة المزعزعة للاستقرار إضافة إلى إيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية قائم على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.

ختام زيارة عُمان

وغادر الأمير محمد بن سلمان سلطنة عُمان الثلاثاء، وكان في وداعه لدى مغادرته قصر العلم بالعاصمة العمانية مسقط، جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، وأسعد بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي الممثل الخاص لجلالة السلطان، وذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، والفريق أول سلطان النعماني وزير المكتب السلطاني، وحمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية رئيس بعثة الشرف، وفيصل بن تركي آل سعيد سفير سلطنة عمان لدى المملكة، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى سلطنة عمان عبدالله بن سعود العنزي.

وكان سلطان عمان قد منح ولي العهد السعودي وسام عمان المدني من الدرجة الأولى، اعتزازاً بالروابط الأخوية والعلاقات الممتازة والتعاون البناء بين البلدين. ويعَد هذا الوسام أحد أرفع الأوسمة العمانية ويمنح لملوك ورؤساء الدول وأولياء العهد ورؤساء الحكومات.

في ختام الزيارة، صدر عن السعودية وعمان بيان مشترك، أكدا فيها عزمهما على رفع وتيرة التعاون الاقتصادي المشترك بتحفيز القطاعين الحكومي والخاص للوصول إلى تبادلات تجارية واستثمارية نوعية تخدم رؤية المملكة 2030 ورؤية عُمان 2040، إضافة إلى التعاون في المجالين الإعلامي والسياحي.

في الشأن السياسي، تبادل الجانبان وجهات النظر حول المسائل والقضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية، وأكّدا العمل على تنسيق مواقفهما بما يخدم مصالحهما ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وأكدّا دعمهما لكافة الجهود الرامية لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، وأهمية التوصل إلى تسوية شاملة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لما أوردته وكالة الأنباء السعودية.

سلطان عمان مستقبلاً ولي العهد السعودي في المطار السلطاني الخاص الإثنين

في الشأن اليمني، اتفق الجانبان على مواصلة جهودهما لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، يقوم على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216) ومبادرة المملكة العربية السعودية لإنهاء الازمة اليمنية، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني.

ورحب الجانبان بنجاح العملية الانتخابية في العراق، وبما توصل إليه أطراف المرحلة الانتقالية في السودان من تفاهمات، وأكدا أهمية إجراء إصلاحات شاملة تضمن تجاوز لبنان أزماته، وأهمية الوصول إلى حلول سياسية للأزمتين السورية والليبية.

كما أكّدا أهمية التعاون والتعامل بشكل جدّي وفعال مع الملف النووي والصاروخي لإيران بكافة مكوناته وتداعياته بما يُسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.