أكد مصدر أمني إسرائيلي لـ "إيلاف" أن بلاده مستعدة، تخطيطاً وعملياتياً، لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، ومستعدة لخوض المواجهات التي ستتبع ذلك على جبهات عدة، خصوصًا أن إيران اليوم قريبة حقًا من إنتاج القنبلة النووية.

إيلاف من القدس: استمعت "إيلاف" إلى مصدر أمني كبير في اسرائيل، له اطلاع واسع على شؤون المنطقة وقضى اكثر من 20 عاما في متابعة ايران وبرامجها، من النووي إلى الهلال الشيعي إلى دعم التنظيمات الارهابية والمليشيات في العراق واليمن وسوريا ولبنان وغزة، وأيضًا على علم بأوضاع الخليج العربي والتحديات التي تواجه المنطقة. وهو يرى الفرص التي صنعها "اتفاق ابراهيم" بين اسرائيل والامارات والبحرين والسودان، ويرى أن الاوضاع في المنطقة خطرة جدا، "واننا في شهر مفصلي كما أن ضربة اسرائيلية لمنشآت ايران النووية ليست بعيدة ولإسرائيل خطة وقدرة على العمل العسكري من دون الحاجة لإحراج اي من دول المنطقة، ولدى إسرائيل أيضًا بحسب المصدر الامني الجهوزية لمواجهة الرد الذي سيأتي من جبهات عدة.

قال المصدر الامني الكبير في مستهل الحديث ان في المنطقة هناك اوضاع مختلفة وتجاذبات وتحديات كثيرة، ويمكن تقسيم الحالة إلى قسمين: الاول هو التهديد الايراني لمجمل المنطقة وليس فقط لإسرائيل، وذلك لا يتمثل في البرنامج النووي فقط، "فإيران تطور أسلحة متقدمة جدا، والكثير من البلدان تطور أسلحة، وعادة ما تبيع البلدان العادية نسخة مصغرة منها إلى بلدان الأخرى وهناك الكثير من التفاصيل في العقود بين الدول من اجل السيطرة. وهنا، في حالة إيران، فإنها تبيع او تقدم الاسلحة لمليشيات وتنظيمات ارهابية مختلفة هم وكلاء لإيران وتوفر لهم أسلحة متطورة جدا تقاس بمداها وجودتها، وعادة مستوى السيطرة من إيران على هذه المليشيات واستخدام الاسلحة منخفض وتضطر اسرائيل او غيرها للتعامل مع هذه وردعها، وهذا يخلق وضعا غير مستقر للغاية". وهذه هي التحديات الرئيسية. حتى عند الحديث عن تهديد حزب الله وتهديدات حماس والجهاد الإسلامي في غزة وسوريا وفي اليمن والعراق، ففي نهاية إيران وراء كل هذه التهديدات تقريبا.

اتفاقات إبراهيم فرصة حقيقية
يضيف المصدر الأمني أن القسم الاخر هو الفرصة التي نراها بفضل اتفاقات إبراهيم، فهي لا تشمل فقط بلدان اتفاقات إبراهيم، "إنما تؤثر على مصر والأردن، اللتين، على الرغم من السلام الطويل الأمد الذي توصلنا إليه معهما، كما تعلمون، فقد كان الأمر كذلك بهدوء ومحدودية، اما الان ففي مصر كل أسبوع يحدث شيء بيننا مع انه كان سابقا إذا حدث شيء واحد مثل هذا مرة في العام كان يحتسب دراماتيكيا، والآن لا يلاحظ الناس ذلك لكثرة اللقاءات فقبل ثلاثة أسابيع عندما كان هناك توقيع مشترك على تعديل معاهدة السلام مع مصر، تم نشر اللقاء في جميع الصحف وجميع وسائل الإعلام المصرية، وهي المرة الأولى التي تنشر فيها رسميا، اجتماعا عسكريا مصريا مع أفراد عسكريين إسرائيليين بهذا الشكل، مع أن هذا ما كان يحدث منذ سنوات، لكنه الآن أكثر طبيعية وقبولا".

بحسبه، هذه القصة لا تحدث الآن فقط إسرائيل مع مصر، وإسرائيل والأردن، وإسرائيل والإمارات، وإسرائيل والبحرين، "لكن أيضًا هناك تواصل مع الأميركيين الذين نقلوا إسرائيل إلى ما يرتبط بالفعل بجوانب من جيش الدفاع الإسرائيلي، ونقل جيش الدفاع الإسرائيلي من قطاع المسؤولية في القيادة الأوروبية، إلى القيادة الوسطى في الخليج، وهذه القيادة العسكرية تعمل مع كل هذه البلدان الحليفة للولايات المتحدة، ونحن نتعاون مع دول الخليج وقد كان التعاون بدائيًا عبر الولايات المتحدة الا اننا نستطيع أن نصل إلى تعاون اعمق واوثق، اقصد هنا عسكريا واقتصاديا وبكل المقاييس".

وقت حساس
قال المصدر الامني الكبير انه في الأسابيع القليلة الماضية عاد المشروع النووي الايراني إلى الواجهة وبقوة: "اقول لك بشكل صريح نمر الآن في وقت حساس جدا. هناك محادثات لكن البرنامج النووي تقدم بالرغم من الوعود والمحادثات التي جرت، لذلك في المفاوضات لم يحدث شيء واجتمعت هذه الأشياء كلها في الأسبوع الماضي، وجاء الإيرانيون وتراجعوا بالفعل بضع خطوات عما رأيناه في المحادثات السابقة، لذا كان رد فعل الأميركيين والأوروبيين وحتى الروس والصينيين قاسيا نسبيا، وهذا أمر خطير فقد فشلت المحادثات في فيينا واذا كانت هناك استجابة أميركية وأوروبية لتأجيل المفاوضات والمماطلة فهذا أخطر، اذ لا يمكننا الانتظار ستة أشهر اضافية، فالبرنامج النووي يتقدم ومن الصعب إعطاء إجابة لا لبس فيها".

أضاف: "في النهاية إيران اليوم قريبة حقًا من إنتاج القنبلة.. الامر كالتالي: ايران تحتاج من اليوم إلى سنتين للوصول إلى قنبلة نووية لكنهم يذهبون من هذا الطريق الاخر وفيه لن يصلوا إلى القنبلة، بل يتقدمون للأمام، واذا ارادوا الحصول على القنبلة فهم ليسوا ببعيدين وعليهم المرور بتخصيب اليورانيوم إلى 90 في المئة ووقدوصلوا الآن إلى نسبة تخصيب 60 في المئة ونحن نراقبهم بشكل دقيق ووثيق، ونرى انهم احيانا لا يريدون التقدم من 60 إلى 90 في المئة، وما يحتاجونه هو شهر واحد فقط، فلديهم التقنيات والقدرة ولا يحتاجون إلى أحد، وفي هذا الشهر الذي يقررون فيه التخصيب لدرجة 90 في المئة سيكون الامر خطرا لدرجة أن العالم كله سيقف ضد طهران، إذ يكونون قد وصلوا إلى نقطة اللاعودة، والقنبلة تكون على بعد سنتين على الاكثر، من هذا المنطلق الايرانيون يفكرون بالأمر مليًا لانهم يعرفون تماما انهم أن توجهوا للتخصيب إلى درجة 90 في المئة سيتلقون ضربة عسكرية كبيرة، ربما تكون ساحقة".

الشهر المقبل مصيري
بحسب المصدر الامني نفسه، الشهر المقبل مصيري جدا من جهة العودة إلى الاتفاق او الفشل، "عندها ستكون الولايات المتحدة واوروبا والعالم أكثر حدة مع إيران، ونحن نرى أن الاميركيين جادون في تهديدهم ولن يسمحوا لإيران بالمماطلة كما فعلوا سابقًا وهذا ما سمعناه من الاوروبيين والروس وآخرين. من ناحية اخرى نحن مستعدون لضرب إيران في اي لحظة. السؤال الان، في نهاية المطاف، هل تريد إيران أن تكون جزءا من العالم أو أن تكون معزولة؟ نحن نرى أن إيران تراوغ مع الأميركيين وتلعب بالنار، وصبر الأميركيين سوف ينفد في مرحلة ما وقد تقوم بفرض عقوبات واجراءات اما بالنسبة لنا فإن دولة إسرائيل لديها القدرة على مهاجمة إيران ورئيس الأركان لديه تعليمات لتحسين الاستعداد في مواجهة إيران ولدينا خطة متكاملة بهذا الخصوص وقد اعدت جيدا ونستطيع ضرب كل المشروع الايراني ونحن نستعد أيضًا ليس فقط للعملية التي نعدها لتكون اكثر دقة وتصويباً وتدمير للبنية النووية، بل نستعد أيضًا للرد الذي سيكون من ايران ومن لبنان من طريق حزب الله وسوريا واليمن وغزة وربما العراق، ونتجهز للمواجهة على جبهات عدة".

عن الصواريخ التي ستستخدمها اسرائيل، قال المصدر إن لدى اسرائيل الاسلحة والصواريخ الملائمة لهذه الضربة، خاصة أن المنشآت عميقة تحت الارض. وعن مسألة الاشعاعات التي قد تنتج والضرر الذي سيحلق بالسكان والابرياء، قال أن أغلبية المنشآت الخطرة بعيدة عن المناطق الاهلة، "لذلك لن يكون ضرر على السكان اما بالنسبة للعاملين في هذا المشروع فلا يمكن لاحد أن يحسدهم على ما سيحل بهم والافضل لهم الا يكونوا هناك ساعة الضربة".

وعاد المصدر ليؤكد بشكل قاطع: "إذا وصلوا إلى نسبة تخصيب 90 في المئة، فإنهم سيتلقون ضربة قوية".

من جانب آخر، قال المصدر الامني الإسرائيلي لـ "إيلاف" إن ما يثير القلق في المنطقة هو قدرات الأسلحة المتطورة من صواريخ باليستية دقيقة وصواريخ كروز وطائرات من دون طيار وأنظمة دفاع جوي، "فالحوثيون يستخدمونها ضد السعوديين، السعوديون لن يهاجموا إيران الآن لأنهم يتصدون لاعتداءات الحوثيين في اليمن. ولا يزال الايرانيون بميليشياتهم واسلحتهم في سوريا تحت قيادة بشار الأسد الذي يعرف أنه إذا سمح للإيرانيين بتشغيلها هناك، فإن نظام الأسد نفسه سيتلقى ضربات من إسرائيل. أما حزب الله فيشكل تهديداً لإسرائيل لكنه يعرف ما قد يحصل له إذا استخدم الاسلحة الايرانية المتطورة وخاصة الصواريخ الدقيقة على إسرائيل".

حزب الله "يعرف"!
لفت المصدر إلى أن حزب الله استطاع تجهيز عدد قليل من الصواريخ خلال العام خلافا لما كان يخطط له، "بفضل عملنا الدؤوب لمنعه واستهداف شحناته في اي مكان نراه مناسبا، الا اننا نحرص على عدم القيام بما يمكنه أن يجر إلى حرب كبيرة لأننا لا نريدها من جهة ولأنها ستدمر لبنان تدميرا كاملا من جهة اخرى، وحزب الله يعرف ما يمكن أن نقوم به ويمتنع حاليا عن مهاجمتنا لكن هذا الامر قد يتغير في اي لحظة وهنا يكمن الخطر لكن اؤكد لكم من معرفتي بما يتم التجهيز له ونوعية الاسلحة التي بحوزتنا انه في اي مواجهة مستقبلية فان الامور لن تكون كما حصل سابقا".

وهنا اشار المصدر إلى خطة اسرائيل في هذا المجال، وقال: "نعمل على عرقلة حصول الاعداء على اسلحة متطورة ودقيقة ليبقوا على بعيداً خلفنا، فنحن نمنع إيران من تسليح حزب الله والأخرين في لبنان وسوريا وغزة وغيرها ومن ناحية ثانية نطور دفاعاتنا ونجمع المضادات الصاروخية ونزيد من مخازن المعدات والمنظومات المعروفة مثل القبة الحديدية والعصا السحرية والمنظومات السرية غير المعروفة، وهذه المهمة ليست بسهلة الا اننا لن نتوقف عن المضي قدما وسنستمر في منع ايران من تسليح المنظمات وسنضرب في سوريا وربما في غيرها، وحتى عندما يستخدم الاسد المضادات الجوية تجاهنا فسنضربه أيضًا وهو يعلم انه في حال سمح باستهدافنا من اراضيه فلن نتورع عن ضربه وتلقينه درسا".

عن العلاقة مع النظام السوري التي تبدو انها طيبة، قال: "لا علاقة مع نظام الاسد فهو عدو لإسرائيل والاسد قاتل شعبه ولا يوجد أنذل من ذلك ونحن لا ندعم الاسد ولا نسعى أيضًا لدعمه، من جهتنا نريد أن يكون هناك جيش واحد في سوريا لا جيوش ومهمة اسقاط الاسد ومحاسبته تقع على المجتمع الدولي، واسرائيل ليست وصية على احد ولا على الاسد".

لا أصدقاء ولا أعداء
بشأن العلاقة مع الروس وامتناع اسرائيل عن استهداف النظام السوري، قال: "نحن والروس لسنا حلفاء ولسنا اعداء ننسق لحفظ الاحترام بيننا، والروس لاعب اساسي في سوريا وهم وحدهم القادرون على دعم مسألة اعادة اعمار سوريا ولا نتواجه معهم، وليفعلوا ما ارادوه في سوريا. ما يهمنا هو ألا يهاجمنا احد من الاراضي السورية وان تستقر الامور هناك من دون القلق اليومي من هذا التنظيم او ذاك الذي يستغل البنى التحتية للجيش السوري المنهار لمهاجمتنا من اراضي سوريا. اوضحنا لهم هذا الامر جيدا، واثباتا لذلك اننا نقوم بمهاجمة ايران وتوابعها في سوريا من دون أي رد لأن النظام يعرف جيدا ما سيحصل فيما لو هوجمنا من اراضيه وبأسلحته او إذا سمح للميليشيات باستخدام اسلحة وطائرات مسيرة ضدنا".

عن لبنان، قال إنه في مأزق، "لكن يمكن لدولة إسرائيل أن تساعد هذا البلد. إلا أن لبنان لا يعمل بشكل سليم ولا يريد أن يتلقى المساعدة. واسرائيل تشعر بالقلق من غياب الحكم في لبنان، الامر الذي قد يؤدي إلى أحداث مثل التي وقعت خلال السنتين الاخيرتين. وفي لبنان جيشان، جيش الدولة وجيش تابع لميليشيا اقوى من جيش الدولة، وهذا غير منطقي وغير سليم ويشكل تهديدا لنا".

عن الوضع في غزة والتهديد بالتصعيد المسلح، قال المصدر الأمني لـ "إيلاف" إن دولة إسرائيل تمنع حماس من الحصول على قدرات قتالية عالية أو طائرات مسيرة متطورة أو صواريخ دقيقة، "من جهة اخرى تحاول اسرائيل الحفاظ على حياة مقبولة لأكثر من مليوني فلسطيني تحت حكم حماس، فالوضع في غزة اليوم أفضل مما كان عليه في الماضي بسبب دخول العمال إلى إسرائيل اليوم. الأموال القطرية لم تعد تأتي نقدا كما في السابق وهذا يقلق حماس. بالنسبة لنا، هناك مسألة الاسرى والمفقودين، والتي تهمنا كثيرا، ولا يمكننا التنازل فيها اكثر، ونسعى للتوصل إلى اتفاق لكن ليس بأي ثمن، فنحن لا نقبل شروط حماس، لذلك لا نرى حلا وشيكا لهذه المسألة".