لندن: بعد عدة أشهر من التحقيق، خلصت الخميس مجموعة من المحامين وخبراء في حقوق الإنسان اجتمعوا في لندن إلى أن الصين ترتكب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في طريقة تعاملها مع أقلية الأويغور المسلمة.

واستمع الأعضاء التسعة في "محكمة الأويغور" التي تعتبرها بكين "آلة لصنع الأكاذيب"، لشهادات عدة وفحصت الأدلّة التي قدّمها باحثون مستقلّون وجمعيات حول تعامل الصين مع الأويغور.

وأُنشئت هذه المجموعة بناء على طلب من مؤتمر الأويغور العالمي وهو أكبر مجموعة تمثل الأويغور في المنفى والتي تضغط على المجتمع الدولي للتحرك ضد الصين بشأن الانتهاكات المزعومة.

وأشار الخبراء في تقرير يقع في 63 صفحة إلى أنه لا يوجد أي دليل على مجازر يتعرض لها الأويغور مثلما ينصّ تعريف الإبادة في القانون الدولي.

إلّا أن "عناصر الإبادة المتعمّدة" التي حدّدتها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، "مُثبتة".

وقال الخبراء "إن جمهورية الصين الشعبية ارتكبت إبادة من خلال فرضها اجراءات بمنع الولادات لتدمير شريحة مهمة من الأويغور في شينجيانغ".

ورفض بكين هذه الخلاصات وقالت إن مؤتمر الأويغور "دفع لكذبة وأعطى شهادات كاذبة في محاولة لتدبير آلية سياسية لتشويه سمعة الصين".

وأضافت "هذه المحكمة المزعومة لا تتمتع بأي صلاحيات أو صدقية".

واعتبر الخبراء أن الصين مسؤولة، "بما لا يفسح مجالًا للشكّ"، عن "جرائم ضدّ الانسانية"، منها "السجن وأعمال التعذيب واغتصاب وعنف جنسي وتعقيم قسري وأفعال أخرى لا انسانية".

ووفق التقرير، فإن عمليات إزالة الرحم والإجهاض وإدخال لولب رحمي بشكل قسري عند النساء الأويغور من قبل الدولة الصينية "ستُترجم بعدد ولادات أقل بكثير عمّا كانت لتكون عليه في السنوات المقبلة" و"تدمير جزئي للأويغور".

أكّد رئيس المحكمة جيفري نايس - وهو مدّع عام سابق في محكمة جرائم الحرب لدى الأمم المتحدة - والأعضاء الآخرون أن الشهادات جاءت من أشخاص يعارضون جمهورية الصين الشعبية والحزب الشيوعي الصيني.

ولكن المحكمة عاينت آلاف الوثائق من باحثين مستقلّين ومنظمات حقوقية.

واعتبر الخبراء المجتمعةن في لندن أن تقريرهم يشكّل "أول كشف علني" لهذه الممارسة "على أساس دلائل".

وخلصت المحكمة إلى أن مئات الآلاف من الأويغور وربّما اكثر من مليون، اعتقلوا دون سبب وعوملوا بطريقة قاسية وغير انسانية.

وقالت إنها مقتنعة بشكل قاطع بأن التعذيب قد حدث "بتحريض من، أو بموافقة موظفين رسميين أو أشخاص آخرين يعملون بصفتهم الرسمية لصالح جمهورية الصين الشعبية و/أو الحزب الشيوعي الصيني".

واضافت "إن المحكمة مقتنعة بأن جمهورية الصين الشعبية صاغت خطة شاملة لاقرار سياسات متعددة ولكن مترابطة لتستهدف الأويغور"، معتبرة أن الرئيس شي جينبينغ وكبار المسؤولين الآخرين "يتحملون المسؤولية الأساسية".

وساهمت مشكلة الأويغور في تدهور العلاقات الدبلوماسية بين القوى الغربية وبكين التي تنفي ارتكابها أي انتهاكات.

ووصفت الولايات المتحدة معاملة الصين للأويغور بالإبادة الجماعية، وتقوم مع الكثير من الدول الغربية الأخرى بمقاطعة دبلوماسية للألعاب الأولمبية الشتوية المقبلة في بكين.

وأعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأربعاء إن بريطانيا ستنضم إلى المقاطعة، في خطوة من المرجح أن تزيد من توتر العلاقات بعد انتقادات لندن المتكررة لما تعتبره استبدادًا صينيًا زاحفًا في هونغ كونغ.

غير أن الحكومة البريطانية قاومت الدعوات التي تطالبها بإعلان معاملة الصين للأويغور على أنها إبادة جماعية، وأصرت على أن الأمر متروك للمحكمة للبت فيه.

ولا تتمتع "محكمة الأويغور" بصلاحيات المعاقبة أو تنفيذ العقوبات وتقول إن على الدول والهيئات الأخرى أن تنظر في استنتاجاتها وتقرر ما إذا كانت ستتصرف بناءً عليها أم لا.

وتُتهم بكين بأنها تعتقل بشكل تعسّفي مليون فرد من أقلية الأويغور وأفراد من أقلية أخرى ناطقة باللغة التركية في معسكرات في شينجيانغ وهي منطقة كبيرة جداً في غرب الصين عند الحدود مع أفغانستان وباكستان.

تنفي الصين وجود هذا العدد من الأشخاص في معتقلات وتؤكد أن هذه الأخيرة هي مراكز تدريب مهني مخصصة لمساعدة السكان على إيجاد وظائف بهدف إبعادهم عن سلوك طريق التطرف الإسلامي.

فه/كبج/غ ر