ايلاف من لندن: في تلميح الى غريمه زعيم التيار الصدري العراقي مقتدى الصدر، رفض رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ارغام اي مسؤول على الاستقالة بالقوة محذراً مما اسماها بالفوضى الادارية، وذلك بعد اعلان محافظي ذي قار والنجف عن استقالتهما.

وفي اشارة الى زيارة قام بها الصدر الى مديرية بلدية النجف (160 كم جنوب بغداد) الاسبوع الماضي مؤكدا وجود فساد في المديرية ومؤسسات اخرى في المحافظة مهددا باقالة المحافظ لؤي الياسري بالقوة مادفعه الى اعلان استقالته في اليوم التالي فقد شدد المالكي على رفض ارغام اي مسؤول على الاستقالة بالقوة محذرا من ان ذلك سيدخل البلاد في فوضى.


ويبدو ان استقالة محافظ النجف الذي ينتمي الى حزب الدعوى الاسلامية بزعامة المالكي قد أثار حفيظة هذا الاخير.
وكتب المالكي في تغريدة على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" تابعتها "ايلاف" اليوم متسائلا بالقول "سؤال للأطراف جميعا : الا يعلم السادة المحافظون انهم يرتبطون بالسيد رئيس الوزراء؟ والا يعلم مديرو الدوائر انهم يرتبطون بالمحافظين ولا يحق لهم او للمحافظين الاستجابة لاي طلب ويقدمون استقالتهم!! والا يعلم السيد رئيس الوزراء انه المسؤول الاول عن المحافظين ورؤساء الدوائر.. ووعليه ان يحميهم من التجاوز عليهم؟ والا تعلم القوى السياسية ألّا حق لهم على اكراه المسؤولين على الاستقاله بالقوة؟".
وأضاف انه "لكي لا تشيع الفوضى الادارية فان على الأطراف جميعا الالتزام بالسياقات القانونية والادارية وألّا تقبل استقالة اي مسؤول الا على وفق القانون النافذ #المالكي".

استقالة محافظي النجف وذي قار

فبعد مظاهرات طالبت بأقالته فقد أعلن محافظ النجف لؤي الياسري الجمعة الماضي استقالته من منصبه الذي يشغله منذ عام 2016 مؤكدا استعداده للمثول أمام القضاء في حالة وجود أي قضية ضده.
واتهم المشاركين في المظاهرات ضده بأنهم "ممولون".. مشيرا أيضا إلى ضغوطات وتهديدات له ولعائلته كانت أيضا وراء تقديمه الاستقالة.. فيما اعتبر الصدر ذلك خطوة على الطريق الصحيح داعيا الحكومة الى حمايته وعائلته من أي سوء محتمل قد يلحق به والتعامل مع استقالته وفق القانون والنظم المعمول بها.
وقبل يوم واحد من ذلك اعلن محافظ ذي قار (375 كم جنوب بغداد) أحمد غني الخفاجي استقالته الخميس غداة تظاهرات أصيب خلالها خمسة محتجين برصاص الامن.

واثر ذلك ترأس رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي اجتماعا أمنيا خصص لمناقشة التظاهرات مشددا على ضرورة الالتزام بتعليماته لقوات الامن بعدم إطلاق النار على "المطالبين بحقوقهم المشروعة".
يشار الى ان خلافات المالكي والصدر قد برزت من جديد اثر الفوز الساحق الذي حققه زعيم التيار الصدري في الانتخابات المبكرة الاخيرة والتي حصل فيها على 73 مقعدا في البرلمان الجديد الذي يضم 329 عضوا فيما حصل زعيم حزب الدعوة على 33 مقعدا ما أثار خلافات في مواقفهما من شكل الحكومة الجديدة ففيما يصر الصدر على تشكيل حكومة أغلبية يدعو المالكي الى حكومة توافقية كما هو معمول به منذ سقوط النظام السابق عام 2003 متطلعا الى رئاستها.

وفي اللقاء الذي عقده قادة الاطار الشيعي مع الصدر في الثاني من الشهر الحالي فقد تجنب الاخير مصافحة المالكي الذي ظهر متجهما او حتى الحديث معه .. فيما تؤكد مصادر عراقية لايلاف ان اللقاء الثاني المنتظر في النجف الاسبوع المقبل لن يشارك فيه المالكي ما يؤكد صعوبة تحقيق اي تفاهم بين القطبين الشيعيين.

تغريدة الصدر عن استقالة محافظ النجف (مكتبه)

دم يباعد بين الصدر والمالكي

ويعود أصل الخلاف بين الصدر والمالكي الى 25 آذار مارس عام 2008 حين كان الاخير رئيسا للوزراء وقاد في محافظة البصرة الجنوبية قوات عراقية مدعومة من القوات الاميركية عملية عسكرية لانهاء هيمنة مسلحي جيش المهدي بقيادة الصدر على المحافظة والاخريات القريبة منها في جنوب البلاد.
وخلال العملية التي اشرف عليها المالكي شخصيا فقد شنت القوات العراقية عملية عسكرية واسعة في وسط وجنوب البلاد استهدفت قيادات ومعاقل وانصار التيار الصدري ومسلحي جيش المهدي نتيجة تنافس اصحاب النفوذ السياسي لاقصاء الصدريين من الساحة السياسية.

واستمر القتال حوالي ثلاثة اسابيع وتم وقفه بعد اصدار بيانات للصدر داعية إلى القاء السلاح واستقبال القوات الأمنية بالورود ومصاحف القرآن وانهاء المظاهر المسلحة .

ولم يتمكن الجيش العراقي في البداية من القضاء على مسلحي الصدر ولكن حكومة المالكي قامت بأرسال المزيد من القوات من محافظات عراقية مختلفة باسناد من القوات الاميركية وصرح المالكي رئيس الوزراء آنذاك بأن الغرض هو القضاء على شبكات الجريمة ومهربي النفط في البصرة ولكن العملية نفذت في الحقيقة لاستهادف قيادات جيش المهدي وضرب أماكن تواجدها وبأسناد بري وجوي من القوات الأميركية وتم خلالها قتل المئات من عناصر جيش المهدي واعتقال عدد اخر وفرار بعض قياداته ومصادرة كميات كبيرة من العتاد والسلاح.
ومنذ ذلك الوقت والصدر يشن حملات ضد المالكي وفترة ولايته التي امتدت بين عامي 206 و2014 ويتهمه فيها بالفساد والتسبب في سقوط الموصل الشمالية ومحافظات غربية بيد تنظيم داعش منتصف عام 2014 .

تراشق سياسي

وشهد منتصف تشرين الاول اكتوبر الماضي تراشقا كلاميا بين الصدروالمالكي لم يخلو من اتهامات وتوصيفات من قبلهما حين وجه الاول رسالة الى أمين عام حزب الدعوة المالكي أعرب فيها عن تفاجئه من تصريحاته فيما يخص العملية الانتخابية واصفاً اياها بـ "الكلام المنقوص".
وقال الصدر في الرسالة التي وجهها للمالكي "نعم، سمعتُ اليوم بتصريح (المالكي) في ما يخصّ العملية الإنتخابية الحالية ولعلي تفاجأت بكلامه لكنه منقوص فعليه تدارك ما ضاع وأضاع نصيحة منّي قربة الى الله تعالى".

وكان المالكي قد طالب في اليوم نفسه المفوضية العليا للانتخابات بإصلاح ما اسماه "الخلل" الذي يشوب العملية الانتخابية وعدم الميل لأي طرف من الأطراف السياسية المتنافسة.. فرد الصدر قائلا أن "ما ضاع لا يعوّض بالتمسّك بالسلطة والتسلّط فقد جرَّبَ ولم ينجح".. مشددا على أن "المُجَرَّب لا يُجَرَّب" في اشارة واصحة الى المالكي.