إيلاف من بيروت: تبحث أوكرانيا حالياً عن رفات أمير من القرن الحادي عشر يسمى "ياروسلاف الحكيم"، مشيرةً إلى أن "الصراع بين موسكو وكييف يكمن في رفات هذا الأمير".

وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الأحد إن هناك نزاعاً بين روسيا وأوكرانيا حول إرث هذا الأمير الذي وحَّد الإمارات الواقعة بين بحر البلطيق والبحر الأسود في القرن الحادي عشر، وقام بوضع العديد من القوانين الهامة وتشكيل أول دولة سياسية للسلاف الشرقيين.

وبحسب تقرير نشره موقع "الشرق" الإخباري، أوكرانيا تبحث الآن عن رفات ياروسلاف المفقود، معتبرة أن العثور عليه سيكون "انتصاراً رمزياً كبيراً" لها، إذ سيؤدي لتعزيز سيادتها في لحظة توتر كبير مع جارتها.

إرث محل نزاع

يشكل إرث ياروسلاف الذي لطالما كان محل نزاع بين كييف وموسكو، الأساس التاريخي للتعزيز العسكري الروسي الحالي بالقرب من أوكرانيا، والذي يعتبره المسؤولون الأميركيون مقدمة للغزو الروسي المحتمل. وأوضحت الصحيفة أن كل من روسيا وأوكرانيا تدعي أنها الوريث السياسي لاتحاد "روس كييف" الذي أسسه ياروسلاف، في حين تمنح أوكرانيا وسام "الأمير ياروسلاف الحكيم" لمن يقومون بخدمة الدولة. في المقابل، تحمل فرقاطة روسية تقوم بدوريات في بحر البلطيق اسم الأمير ياروسلاف الحكيم، كما تظهر صورته على العملات البنكية في كلا البلدين.

بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، "روس كييف" دليل على أن روسيا وأوكرانيا "فضاء تاريخي وروحي واحد"، حيث اعتبر في مقال له في يوليو الماضي، أن "أوكرانيا ليس لها أساس للوجود كدولة ذات سيادة". وقد أشار بوتين إلى الجذور اللغوية والعقيدة المسيحية الأرثوذكسية المشتركة بينهما، ولحكمهم الذي بدأ في القرن التاسع من قبل سلالة روريكيد، التي كان ياروسلاف جزءاً منها. بالنسبة لأوكرانيا، تم استخدام اسم ياروسلاف في خطاب يوم الاستقلال من قبل الرئيس فولوديمير زيلنسكي، ولا تتوقف الحكومة الأوكرانية عن عملية البحث عن رفاته كإشارة ملموسة على كونها دولة ذات سيادة.

بحث المسؤولون الأوكرانيون في أرشيف الحرب الألمانية وسافروا إلى نيويورك في سعيهم للعثور على رفات "الأمير الحكيم"، كما انضم عملاء من وزارة الأمن الداخلي إلى هذه الجهود بحثاً عنه في كنيسة أرثوذكسية روسية في بروكلين، نيويورك.

بصفته أمير كييف، سن ياروسلاف مجموعة من أول القوانين في الأراضي السلافية الشرقية كما عمل على تعزيز التعليم العام، وتاجر مع فرنسا والنرويج وبلاد فارس، وتزوج أولاده من المسؤولين في أوروبا الوسطى والغربية.

تابوت من الرخام الأبيض

بعد وفاته عام 1054، تم وضع رفاته في تابوت منحوت من الرخام الأبيض في كاتدرائية القديسة صوفيا في كييف، وقال العلماء إنهم يريدون مقارنة الحمض النووي للعظام مع رفات أحفاده المعروفين في فرنسا وألمانيا والمجر، على أمل تعزيز ادعاء أوكرانيا بأن رفاته يعد تراثاً يخص عموم أوروبا وليس تراثاً روسياً، وذلك للحصول على دعم القارة لاستقلال البلاد، وفقًا لموقع "الشرق".

وقد مرت عقود منذ افتتاح تابوت ياروسلاف الحكيم، إذ أزال المسؤولون السوفييت غطاءه في عام 1936 لفحص محتوياته ثم أعادوا فتح القبو في عام 1939.

ونُقل الهيكلان العَظميان الموجودان بالداخل أحدهما ذكر والآخر لأنثى والتي تم التأكد من أنها زوجة ياروسلاف) إلى مدينة سانت بطرسبرج، وقال العلماء إن العظام تعود إلى القرن الحادي عشر، وذلك وفقاً لورقة بحثية نُشرت عام 2013 في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم في أوكرانيا.

وأعيدت الرفات في وقت لاحق إلى كييف وتم وضعه في كنيسة القديسة صوفيا، مع خطة لعرضه أمام الجمهور، ولكن تم التخلي عن الفكرة لاحقاً، وأعاد المسؤولون فتح القبو في عام 1964 لوضع الرفات مرة أخرى، وذلك وفقاً للسجلات التاريخية الأوكرانية.