إيلاف من بيروت: "هذا العام أكمل 47 سنة في بلاط صاحبة الجلالة". هكذا افتتح الصحافي والكاتب تاج الدين عبد الحق، رئيس تحرير موقع "إرم نيوز" الإخباري الذي تملكه شركة إرم ميديا في دولة الإمارات العربية المتحدة، بودكاست سمّاه "خواطر في بلاط صاحبة الجلالة"، وضمنه محطات في مسيرته المهنية المستمرة في مهنة المتاعب منذ أقل قليلًا من خمسة عقود.
مندوب ثم رئيس تحرير
إنها رحلة طويلة، تقلّب فيها عبد الحق في مهمات المندوب والمراسل حتى صار رئيس تحرير. فهو المخضرم الذي بدأ العمل الصحفي، كما يقول في البودكاست، "عندما كانت المواد الصحفية تُجمع يدويًا، عبر عملية معقدة تُذاب فيها قوالب الرصاص لتأخذ شكل أحرف يتم رصفها بسطور موزعة على ثمانية أعمدة. ينسخ منها بالحبر الأسود نسخ ورقية للتصحيح قبل أن يتم تصويرها على أفلام تطبع على ألواح معدنية، يتم تركيبها على آلات طباعة ضخمة، وتطبع بعدها الصفحات كاملةً وتُطوى لإعدادها للتوزيع".
وراء التحاق عبد الحق بالعمل الصحفي "قصة تُروى"، كما يقول. يروي: "كنت في مرحلة الدراسة الجامعية أساهم في تحرير صفحة الجامعة في صحيفة الرأي الأردنية، ومن تلك المحطة المتواضعة، كنت أرسل مقالات سياسية لبعض الصحف العربية، تتناسب مع تأهيلي الأكاديمي كطالب في قسم العلوم السياسية".
من هذه الصحف، صحيفة "الوحدة" الإماراتية التي كان ينظر عبد الحق إلى مقالاته المنشورة فيها على أنها تقدير لتلك المقالات، "وتعبير عن جودتها وجدارتها بأن تحتل مكانًا على صفحات الجريدة، ولم أكن أعرف في تلك الفترة المبكرة أن تقاليد النشر لم تكن مستقرة بعد".
إلى ميدان الاحتراف
كانت مقالاته هذه جسره إلى ميدان الاحتراف. بفضلها، حصل على وظيفة في اليوم الثاني لوصوله إلى أبوظبي.
ويروي عبد الحق قصة مقالة "من العيار الثقيل"، على حد وصفه، كتبها عن مؤتمر جنيف للسلام، ورفضها رئيس التحرير بداية، فأمضى عبد الحق ليلته يحوّلها إلى "حدوثة مسلية". كانت تلك التجربة المريرة درسه الأول في بلاط صاحبة الجلالة، وأصبح بعدها معتادًا على تقبل النقد، وبدأ مشوار بحثه عن المتاعب.
لهذا الكلام تاريخ. إنه 27 سبتمبر 1973، التاريخ الذي شهد عمل عبد الحق محررًا في "الوحدة"، وبداية تدرجه فيها حتى صار "سكرتير تحرير". بقي في منصبه هذا حتى 21 مايو 1980، لينتقل بعدها إلى "البيان" الإماراتية، مديرًا لمكتب الصحيفة في أبوظبي.
في تلك المرحلة، توسعت أفقه، فراسل صحفًا ووكالات أنباء عالمية، منها رويترز وفرانس برس، وصحيفة "العرب" اللندنية، لينتقل إلى العمل مديرًا إقليميًا لـ "اليوم السابع"، وكانت حينها تصدر في باريس، بين أكتوبر 1988 ويناير 1991، أي إلى تاريخ توقفها عن الصدور.
"الشرق الأوسط" و"إيلاف"
من المحطات المهمة في مسيرته المهنية عمله في "الشرق الأوسط" اللندنية مسؤولًا للتحرير في دولة الإمارات العربية المتحدة، بين عامي 1991 و2006، فحاور قيادات سياسية واقتصادية وفكرية عدة، ورافق الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الرئيس الراحل لدولة الإمارات، والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، والشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الامارات العربية المتحدة حاكم دبي، في جولات داخلية وخارجية.
بين عامي 2006 و2007، عمل مديرًا لتحرير الشؤون الخليجية في صحيفة "إيلاف" الإلكترونية، ليعمل بعدها مستشارًا إعلاميًا لجهة سيادية ستة أعوام. وفي مايو 2013، أسس "إرم نيوز" ويرأس تحريره منذ ذلك الوقت. وأسس أيضًا موقع "فوشيا" في يوليو 2015 وصار ناشره.
هذا بودكاس أول في سلسلة، كما وعد عبد الحق في نهاية حديثه المسجل، على أن تتبعها أحاديث وروايات أخرى، يقص فيها تتمة قصته في ثنايا مهنة المتاعب.
التعليقات