سيول: أطلقت كوريا الشمالية ما يعتقد بأنهما صاروخان بالستيان، وفق ما أعلنت سيول، في سادس اختبار تجريه لأسلحتها هذا الشهر في إطار سلسلة من عمليات الإطلاق الأكثر كثافة لمقذوفات، تسجّل تاريخياً أوصلت من خلالها رسالة مؤكَّدة على رفضها عروض واشنطن التفاوض على برنامجها النووي.

ولم تطلق بيونغ يانغ هذا العدد الكبير من الصواريخ خلال شهر واحد منذ عقود، وفق بيانات جمعها "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية".

وكانت آخر مرة تقترب عمليات الإطلاق التي تجريها من هذا العدد القياسي في 2019، بعدما انهارت المحادثات بين زعيمها كيم جونغ أون والرئيس الأميركي حينذاك دونالد ترامب.

ومع توقف المحادثات مذاك، شددت بيونع يانغ على تعهّدات كيم تحديث الجيش وبدأت سلسلة عمليات إطلاق مقذوفات الشهر الجاري، بما في ذلك لصواريخ فرط صوتية.

ويأتي استعراض القوة في وقت حساس في المنطقة، مع استضافة الصين، حليفة كوريا الشمالية الوحيدة البارزة، دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الشهر المقبل فيما تستعد كوريا الجنوبية لإجراء انتخابات رئاسية في آذار/مارس.

صاروخان بالستيان

وأعلنت هيئة الأركان المشتركة للجيش الكوري الجنوبي أنها رصدت ما يشتبه بأنهما صاروخان بالستيان قصيرا المدى أطلقا من مدينة هامهانغ بتّجاه بجر الشرق منذ قرابة الساعة الثامنة صباحا (23,00 ت غ).

وأفادت أن "المقذوفين حلّقا على مسافة 190 كلم وعلى ارتفاع 20 كلم".

وأطلقت بيونغ يانغ ما يشتبه بأنهما صاروخان من طراز كروز الثلاثاء وأجرت اختبارات على صواريخ بالستية في 14 و17 كانون الثاني/يناير. كما أطلقت ما أعلنت أنها صواريخ فرط صوتية في 05 و11 كانون الثاني/يناير.

وكتب المحلل أنكيت باندا على تويتر "أعتقد أن هذا أكبر عدد قياسي يسجّل لعمليات إطلاق الصواريخ في كوريا الشمالية في أي شهر على الإطلاق، إذا احتسبنا أيضاً الصاروخين من طراز كروز".

وقد يكون وابل إطلاق الصواريخ جزءاً من تدريبات عسكرية دورية كورية شمالية، أو على ارتباط بالاحتفالات الجارية بمرور عشر سنوات على وصول كيم إلى السلطة أو بمناسبة احتفالات محلية مقبلة، بحسب المحلل.

وتستعد البلاد للاحتفال بذكرة مرور ثمانين عاماً على ميلاد والد كيم، الزعيم الراحل كيم جونغ إل في شباط/فبراير، إضافة إلى ذكرى مرور 110 سنوات على ولادة مؤسس البلاد كيم إل سونغ في نيسان/أبريل.

تطوير الأسلحة

تعاني كوريا الشمالية اقتصادياً جرّاء العقوبات الدولية والحصار الناجم عن كوفيد منذ عامين، إلا أنها تمكّنت من تطوير مجموعة مهمة من الأسلحة الهجومية.

ويرى الاستاذ في جامعة "إيوها" في سيول ليف-إريك إيزلي أن هدف بعض الاختبارات التي جرت مؤخراً هو "تطوير إمكانيات جديدة، خصوصاً من أجل الالتفاف على الدفاعات الصاروخية".

وأضاف أن "الهدف من عمليات الإطلاق الأخرى عرض جهوزية وتعددية القوات الصاروخية التي طورّتها كوريا الشمالية بالفعل".

وأشار إلى أن "بوينغ يانغ تتنافس بشدة مع سيول في إطار ما تعتبره سباقاً للتسلّح".

وتشير مسافات وارتفاعات اختبارات الثلاثاء إلى أن عمليات الإطلاق جزء من تدريبات عسكرية دورية تجريها كوريا الشمالية، بحسب الباحث الرفيع في "معهد كوريا للتوحيد الوطني" في سيول هونغ مين.

وأشار هونغ إلى أن اختبارات من هذا النوع "تهدف إلى إحباط نشر أصول بحرية استراتيجية أميركية-كورية جنوبية مثل أسطول للطائرات (...) وتعكس رسالة بيونغ يانغ إلى المجتمع الدولية بأن تدريبا من هذا النوع هو جزء من ممارستها سيادتها وبأن لا دخل للعالم الخارجي للتطرق إليها".

ممارسة شرعية

ودافعت بيونغ يانغ مراراً عن برامجها التسلحية على اعتبارها "ممارسة شرعية للحق في الدفاع عن النفس".

ولم تجر اختبارات لصواريخ بالستية عابرة للقارات أو أسلحة نووية منذ العام 2017، لكنها ألمحت الأسبوع الماضي إلى أنها قد تستأنف عمليات إطلاق كهذه، محمّلة سياسات واشنطن "العدائية" المسؤولية.

وتعد التداعيات الدبلوماسية للاختبارات الأخيرة على كيم ضئيلة للغاية بفضل الدعم القوي الذي يحظى به من بكين، التي عرقلت جهود فرض عقوبات جديدة على بيونغ يانغ على خلفية اختباراتها للصواريخ قصيرة المدى.

وقال سفير الصين لدى كوريا الجنوبية شينغ هيمينغ لإذاعة "إم بي سي" المحلية الأربعاء إن كوريا الشمالية تشعر بأنها لم تكافأ بشكل كاف على تعليقها عمليات اختبار الصواريخ بعيدة المدى والنووية على مدى أربع سنوات.

وقال "يشعرون أن إجراءات كهذه لا تؤخذ على محمل الجد ولم يحصلوا على ردود".