لشبونة: تشهد البرتغال انتخابات تشريعية مبكرة محفوفة بالمخاطر ستحسم مسألة بقاء رئيس الوزراء الاشتراكي أنطونيو كوستا في السلطة في ظل تقدمه بفارق ضئيل على اليمين، مع ترقب اختراق لليمين المتطرف.

ويؤكد كوستا (60 عامًا) الذي وصل إلى السلطة عام 2015، أنه "طوى صفحة التقشف" في الميزانية الذي فرضه اليمين، بفضل تحالف تاريخي أقامه مع تشكيلي اليسار المتطرف، كتلة اليسار وائتلاف الشيوعيين والخضر.

لكن فيما كانت حكومته الأقلية تعمل على "طي صفحة الوباء" أيضاً بفضل حملة تلقيح قياسية وتسلم أموال أوروبية في إطار خطة الإنعاش ما بعد كوفيد، رفض حليفاه مشروع ميزانيته للعام 2022، ما استدعى الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة.

وأظهرت استطلاعات أخيرة أن الحزب الاشتراكي يحظى بـ35 أو 36% من نوايا التصويت، مقابل 33% للحزب الاشتراكي الديموقراطي بزعامة رئيس بلدية بورتو السابق روي ريو الذي أعرب عن "ارتياحه" بعد أن أدلى بصوته في هذه المدينة الواقعة شمال البلاد.

وإزاء هذا الهامش الضيق جداً، تحفظت معاهد استطلاعات الرأي عن إصدار توقعات مكتفية بالإعلان عن "تعادل تقني". ولكن عند الساعة 20,00 بتوقيت غرينتش، عندما تُغلق مراكز الاقتراع في جزر الأزور، ستصدر القنوات التلفزيونية الوطنية أول التوقعات.

تصويت الحجر الصحي

الأحد، قال كوستا الذي صوّت نهاية الأسبوع الماضي على غرار نحو 300 ألف ناخب في اقتراع مسبق تم تنظيمه بسبب الأزمة الصحية "آمل أن يشعر الجميع بالأمان للذهاب للتصويت"، علماً بأن العدد الإجمالي للناخبين المسجّلين يبلغ عشرة ملايين ناخب.

ومع تدابير حجر صحي تشمل 10% من البرتغاليين، فإن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات، الثالثة التي تجري في ظل تفشي وباء كوفيد-19، تشكل عاملاً إضافياً يزيد من عدم اليقين.

وحتى الساعة 16,00 ت غ بلغت 45,66 بالمئة مقابل 38,59 بالمئة في التوقيت نفسه خلال الانتخابات التشريعية لعام 2019.

وفي لشبونة قال مانويل بينتو وهو نجار متقاعد يبلغ 68 عاماً في تصريح لوكالة فرانس برس "اقترعت لصالح الاشتراكيين لأننا بحاجة إليهم في هذه المرحلة الصعبة".

وأوضحت خبيرة السياسة مارينا كوستا لوبو أنه رغم "بعض خيبة الأمل" تجاه الحزب الاشتراكي، يرى معظم الناخبين أن كوستا "يتمتع بالكفاءة والخبرة للحكم" أكثر من ريو، الخبير الاقتصادي البالغ 64 عاماً والذي يقدر البرتغاليون "صراحته وصدقه".

وأياً تكن نتيجة الانتخابات، يبدو مستقبل البرتغال السياسي "غير مستقر" برأي المحلل أنتونيو كوستا بينتو الباحث في معهد العلوم الاجتماعية في جامعة لشبونة.

وقال أن "قابلية حكومة للاستمرار سواء من الحزب الاشتراكي أو من الحزب الاشتراكي الديموقراطي"، ولا سيما قدرتها على إقرار ميزانية إنعاش اقتصادي بشكل سريع، "ستتوقف على امتناع (الحزب الكبير) الآخر".

ونبّه إلى أنه سيكون من "الصعب" على الأحزاب المعتدلة سواء من اليسار أو اليمين التفاوض للحصول على دعم التشكيلات من أقصى الطرفين في برلمان مشرذم أكثر، قد يصبح فيه حزب "شيغا" (كفى) من أقصى اليمين بقيادة أندري فينتورا القوة السياسية الثالثة مع توقع حصوله على 6% من الأصوات.

توقعات

وفي حال احتفظ كوستا بمنصبه، قد يسعى لإعادة بناء اتحاد اليسار رغم فشل المفاوضات الأخيرة حول الميزانية، الناتج بنظره من "انعدام حس المسؤولية" لدى حليفيه السابقين اللذين كانا يطالبان بمزيد من الجهود لتعزيز القدرة الشرائية والخدمات العامة.

وفي حال فوز ريو، سيضطر على الأرجح إلى التحالف مع الليبراليين الذين يأملون على غرار شيغا في ترسيخ التقدّم الكبير الذي تتوقعه لهم استطلاعات الرأي.

لكن من المتوقع أن يتمكن الليبراليون الذين يشغلون مقعداً واحداً في البرلمان المنتهية ولايته، من التفاهم مع ريو بسهولة أكبر من شيغا.

لكن المسألة الأساسية تبقى معرفة ما إذا كانت الأصوات التي سينالها شيغا ستحتّم مشاركته في تشكيل ائتلاف حكومي يميني، لأن فينتورا بخطابه المناهض لمؤسسات الحكم، هو بحسب ريو محاور "راديكاري" و"متقلّب".

ويقول الناخب كارلوس بيكا المتقاعد البالغ 73 عاماً الذي صوّت لصالح شيغا إن الحزب بكتلته البرلمانية التي يمكن أن تتّسع لـ12 نائباً سيكون "قادراً على التنديد بكل الأمور الخاطئة التي تحصل في هذا البلد" لأنه ليس منخرطاً في لعبة الحزب الاشتراكي أو الحزب الاشتراكي الديموقراطي.