باريس: تُظهر استطلاعات الرأي أن اليمين المتطرف الفرنسي سيحصل على ثلث أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكنّه منقسم بين مارين لوبن التي كانت تتزعم هذا التيار قبل أشهر خلت والمرشح المثير للجدل إريك زمور.

تدلّ الاستطلاعات الأخيرة بشكل ثابت على أن الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون سيتصدّر نتائج الدورة الأولى بفارق كبير وسيُعاد انتخابه في الجولة الثانية، ولكن ثمة معركة شرسة على المركز الثاني تتواجه خلالها مرشحة اليمين فاليري بيكريس مع إريك زمور ومارين لوبن، مع تقدم بسيط بشكل عام للأخيرة.

خفّفت لوبن التي تترشح للمرة الثالثة بعدما خسرت عام 2017 في مواجهة ماكرون، من حدة بعض البنود في برنامجها الانتخابي، متخليةً عن إلغاء ازدواجية الجنسية وخروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي.

وعلى عكس استراتيجية أطلقتها لوبن قبل عقد تهدف إلى "نزع صفة الشيطنة" عن حزب "الجبهة الوطنية" الذي أصبح اسمه "التجمّع الوطني"، يتخطى زمور ميول لوبن إلى اليمين بحملة عدائية جدًا حيال الهجرة والإسلام.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة مونس في بلجيكا ستيفان فرنسوا في حديث لوكالة فرانس برس أن "قيادة اليمين المتطرف على المحكّ، في ظلّ وجود شخصيّتين فريدتين".

ويضيف "من جهة، هناك مارين لوبن التي تحاول تخفيف حدة خطابها" ومن جهة أخرى إريك زمور "الذي يصبّ الزيت على النار ويبعث برسائل إلى الأشدّ تطرّفًا في اليمين المتطرف".

يركّز زمور خطابه على مسألة مثيرة للجدل هي "الاستبدال الكبير" للشعب الأوروبي بشعب مهاجر غير أوروبي و"حرب حضارات" تشهدها فرنسا.

وأكد مجدّدًا الاثنين عبر أثير إذاعة "فرانس انتر" أن "هناك مشكلة كبيرة، هي الاستبدال الكبير للشعب الفرنسي بشعب آخر، بحضارة أخرى".

اتهمته لوبن في مقابلة مع صحيفة "لو فيغارو" الأسبوع الماضي بأنه يعيد إلى الحزب "مجموعات" سبق أن "جاءت ثمّ غادرت" الجبهة الوطنية، والمقصود "الكاثوليك التقليديون، الملحدون وبعض النازيين".

واتّهمت خصوصًا زمور الداعي إلى "وحدة اليمين" واليمين المتطرّف، بالقتال "ليس من أجل الفوز فحسب إنما من أجل قتل" حزبه عبر إبعاد نواب بينهم أوروبيون. واعتبرت أن "وحده موت التجمّع الوطني وخسارة مارين لوبن يمكن أن يسمحا بالتفكير في إعادة تشكيل وهمي للفضاء السياسي عام 2027، 2032 أو 2039".

وأعرب أحد المنشقّين عن الحزب وهو المحامي والنائب الأوروبي جيلبير كولار عن صدمته لواقع أن مارين لوبن تستخدم في مواجهة إريك زمور خطاب اليسار والجمعيات المناهضة للعنصرية ضد حزبها الخاص. وقال عبر إذاعة "ال تي ال" ساخرًا، "عندما لن يبقى أحد في التجمع الوطني، ستصبح (لوبن) رئيسة" منظمة مناهضة للعنصرية.

وحاولت لوبن جاهدةً السبت إضفاء طابع إنساني على ترشيحها، متحدثةً مدى عشر دقائق في نهاية تجمّعها في ريمس (شمال شرق) عن "محن" حياتها الشخصية والسياسية، في ممارسة أكثر شيوعًا في الحملات الانتخابية الأميركية.

ويعتبر المتخصص في التواصل السياسي والمؤرّخ الإعلامي كريستيان ديلبورت أن "المشكلة هي أن اليمين المتطرف هو صورة القوة. عندما يكشف المرء عن جانبه الإنساني، قد يعطي انطباعًا بأن ذلك ضعفٌ" مشيرًا إلى أن "هذا الأمر لن يساعد (لوبن) على استعادة ناخبي إريك زمور" الذين يغويهم خطاب أكثر عدائيةً.

في المقابل، يرى ديلبورت أن ما تفعله لوبن "يمكن أن يساعدها في استرجاع عدد من ناخبي فاليري بيكريس".

إلى حدّة المنافسة السياسية في اليمين المتطرّف، يُضاف ثمن عائليّ إذ إن ماريون مارشال ابنة شقيقة مارين لوبن، وهي نائبة سابقة ترغب في "العودة إلى السياسة"، أعربت عن تأييدها لزمور في السباق الرئاسي.

من جانبه، أعلن جان ماري لوبن مؤسس حزب "الجبهة الوطنية" وقد استبعدته ابنته مارين عام 2015 من حزب "التجمع الوطني" بعدما أدلى بتصريحات جديدة مثيرة للجدل حول محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية، دعمه لابنته. وقال لصحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الأسبوعية "لا أفهم لماذا ماريون تدعم مجهولًا بالنسبة الى العائلة، مهما كان لطيفًا".