كييف: وصلت الدبابات الروسية الخميس إلى المداخل الشمالية الشرقية لكييف في إطار محاولة روسيا تطويق العاصمة الأوكرانية، في حين تواصل تدفّق الأوكرانيين الهاربين من المعارك في تحد "هائل" يواجه الاتحاد الاوروبي الذي يستعد لاستقبال ملايين اللاجئين.

وفشل وزيرا الخارجية الروسي والاوكراني الخميس في التوصل الى اتفاق في تركيا حول هدنة في أوكرانيا خلال أول لقاء بينهما منذ بدء هجوم الجيش الروسي الذي يواصل زحفه مع وصول دباباته إلى مداخل العاصمة كييف.

على الأرض، أفاد مراسلو وكالة فرانس برس بأن أعمدة من الدخان تصاعدت في بلدة سكايبين الواقعة على بعد أقل من كيلومتر من آخر حاجز للقوات الأوكرانية قبل المدخل الشمالي الشرقي للعاصمة.

ووصلت دبابات روسية الخميس إلى أطراف المناطق الواقعة شمال شرق العاصمة.

صواريخ

ومساء سقط وابل من الصواريخ الروسية من نوع غراد في بلدة فيليكا ديميركا المهجورة على بعد خمسة كيلومترات من أطراف العاصمة، وانفجر بعضها على بعد حوالى عشرين مترا من فريق وكالة فرانس برس.

وبحسب رئاسة الأركان الأوكرانية، تواصل القوات الروسية "عمليتها العدوانية" لمحاصرة كييف بينما تهاجم على جبهات أخرى مدن إيزيوم وبتروفسكي وهروتشوفاكا وسومي وأختيركا وفي منطقتي دونيتسك وزابوريجيا.

وتمسك الوزيران الروسي سيرغي لافروف والأوكراني دميترو كوليبا بمواقفهما خلال الاجتماع، الأول على هذا المستوى منذ 24 شباط/فبراير، برعاية نظيرهما التركي مولود تشاوش أوغلو.

وقال كوليبا للصحافيين "تحدثنا عن وقف لإطلاق النار ولكن لم يتم إحراز أي تقدم في هذا الاتجاه" مضيفا أنه "يأمل" في أن يتمكن من مواصلة النقاش مع نظيره الروسي.

وقال كوليبا إن لافروف أكد له أن روسيا "ستواصل عدوانها إلى أن نقبل شروطهم بالاستسلام".

لكنّه أكد للصحافيين أن "أوكرانيا لم ولن تستسلم".

لافروف

من جانبه، قال لافروف "لا نعتزم مهاجمة بلدان أخرى"، وهو شدّد على أن بلاده "لم تهاجم أوكرانيا".

وقال إن روسيا تريد مواصلة الحوار مع أوكرانيا لكنه اعتبر أن "الصيغة (التفاوض) الروسية الأوكرانية في بيلاروس" التي تجري على مستوى تمثيل أدنى "لا بديل لها".

وجرت منذ بداية الغزو ثلاث جولات من المحادثات بين المفاوضين الروس والأوكرانيين في بيلاروس، حليفة روسيا، أسفرت عن وقف لإطلاق النار وفتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين من البلدات المحاصرة.

لكن روسيا اتُهمت مرارًا بانتهاك هذه الاتفاقيات.

وأقر وزير الخارجية التركي الذي شارك في المحادثات بأن أحدا لم يتوقّع أن يحدث هذا اللقاء "معجزة"، لكنّه أعرب عن أمله في تنظيم قمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

على خط مواز، شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس خلال محادثات هاتفية مع بوتين على ضرورة "مرور أي حل لهذه الأزمة بمفاوضات بين أوكرانيا وروسيا"، وطالبا بـ"وقف فوري لإطلاق النار"، وفق مصدر حكومي ألماني.

في الأثناء، يواصل الجيش الروسي الحصار الذي يفرضه على مدن كبرى وحملة القصف المكثف على غرار تلك التي استهدفت مستشفى للأطفال الأربعاء في ماريوبول، الميناء الاستراتيجي على بحر آزوف (جنوب شرق) المحاصر من قبل القوات الروسية.

واعلنت رئاسة بلدية ماريوبول الخميس مقتل ثلاثة أشخاص بينهم فتاة صغيرة في حصيلة جديدة واصابة 17 شخصا بجروح امس فيها. وعلى صعيد منفصل قتل شخص رابع في غارة صباح الخميس.

ووصف الاتحاد الأوروبي قصف المستشفى في ماريوبول الذي استدعى موجة إدانات دولية، بأنه "جريمة حرب شنيعة"، فيما دان البيت الأبيض الاستخدام "الوحشي" للقوة ضد المدنيين. كذلك ندد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بهجوم "غير أخلاقي"، في حين اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الهجوم هو "عمل حربي مشين".

وقال عضو في الإدارة العسكرية لمنطقة دونيتسك لوكالة فرانس برس إن القصف وقع بينما كانت نساء يلدن في المستشفى الذي أعيد تجهيزه للتو.

ضربة مزعومة

لكن وزارة الدفاع الروسية اعتبرت أن "الضربة الجوية المزعومة هي تلفيق تام لغايات استفزازية من أجل مواصلة تأليب الشعوب الغربية ضد روسيا".

وقتل ما لا يقل عن 71 طفلا في أوكرانيا وجرح أكثر من مئة منذ بدء الغزو الروسي في 24 شباط/فبراير، على ما أعلنت ليودميلا دينيسوفا المكلفة حقوق الإنسان لدى البرلمان الأوكراني الخميس.

وأعلن رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو الخميس أن نصف سكان العاصمة الأوكرانية فروا منذ بدء الغزو الروسي للبلد في 24 شباط/فبراير.

وفتحت مجدداً ممرات إنسانية الخميس للسماح بإجلاء المدنيين من المناطق التي تضررت كثيرا جراء القتال.

ممرات إنسانية

وأعلنت موسكو الخميس أنها ستفتح يوميا ممرات إنسانية للسماح للأوكرانيين الفارين من المعارك بالوصول إلى أراضيها في حين تطالب كييف بممرات تسمح بإجلاء المدنيين داخل أوكرانيا.

وتم إجلاء اكثر من 80 ألف شخص في يومين من مدن محاصرة في منطقة سومي وأخرى قريبة من كييف، وفق ما أعلنت الحكومة الخميس.

وبحسب أوليغ يوستنكو، المستشار الاقتصادي للرئيس الأوكراني، تقدّر كلفة الأضرار التي خلّفتها الحرب إلى الآن بمئة مليار دولار.

إزاء هذا الوضع، يسعى الأميركيون وحلفاؤهم إلى مساعدة أوكرانيا مع تجنّب الانخراط العسكري المباشر لدول حلف شمال الأطلسي في النزاع.

في تركيا اعتبر لافروف "تسليم الغرب أسلحة لأوكرانيا" أمرا خطيرا، مدينا خصوصا تسليم شحنات صواريخ أرض-جو محمولة على الكتف اعتبر استخدامها مخالفا "للطيران المدني".

ومن جهة الاتحاد الأوروبي، يناقش رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء ال27 الخميس والجمعة في فرساي قرب باريس، التحديات الاقتصادية والأمنية التي تفرضها الحرب في أوكرانيا على اوروبا.

في هذه المناسبة، اعتبر ماكرون أن الاتحاد الأوروبي سيشهد "تغييرا أسرع وأقوى على وقع الحرب"، فيما اعتبرت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس من وارسو أن حلف شمال الأطلسي أصبح "أقوى" فيما أصبحت روسيا "أضعف".

من جهته ذكّر رئيس الوزراء الهولندي مارك روته بأنه "ليس هناك من إجراءات انضمام سريعة إلى الاتحاد الأوروبي"، وهو اعتبر أن انضمام أوكرانيا إلى التكتل "مسألة طويلة الأمد".

تحد كبير

من جهتها اعتبرت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية يلفا يوهانسون أن استقبال ملايين اللاجئين الأوكرانيين يشكل "تحديا كبيرا جدا" للاتحاد الاوروبي، لكنها أكدت أن استعدادات التكتل أفضل مما كانت عليه في العام 2015 وأن الدول الأعضاء تبدي تضمانا "غير مسبوق".

وبعد مرور أسبوعين على بدء النزاع تستمر العقوبات الأوروبية بالانهمار على روسيا وخصوصا تجميد أصول سبعة من الأثرياء الروس النافذين في المملكة المتحدة بينهم رومان أبراموفيتش في قرار يقتضي تعليق عملية بيع نادي تشلسي.

ولا تزال تتّسع قائمة المؤسسات الأجنبية التي قرّرت وقف تعاملها مع روسيا بشكل كامل أو جزئي، وآخرها إلى الآن مصرف غولدمان ساكس الذي أعلن أنه سيخرج من روسيا.

في المقابل قرّرت موسكو حظر تصدير بعض السلع والتجهيزات.

وتعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "الوفاء بكل التزاماتنا على صعيد إمدادات الطاقة"، لكنّه حذّر من أن العقوبات قد ترفع أسعار المواد الغذائية عالميا لانها ستحول دون تصدير روسيا كميات كافية من الأسمدة.

والخميس دعت مجموعة السبع الدول المنتجة للغاز والنفط إلى تسليم كميات أكبر من إنتاجها لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة ومخاطر الشح المتّصلة بالغزو الروسي لأوكرانيا.