نيروبي: أعلنت الأمم المتحدة الجمعة أن أفرادًا من حكومة جنوب السودان قد ارتكبوا انتهاكات لحقوق الانسان "تصل إلى مستوى جرائم حرب" في جنوب غرب البلاد، مطالبةً بفتح تحقيقات حول 142 فردًا لا سيّما بشأن انتهاكات بحقّ الأطفال.

تعاني أحدث دولة في العالم من عدم استقرار مزمن منذ استقلالها في العام 2011، وحذّرت الأمم المتحدة الشهر الماضي من أن الدولة قد تعود إلى الحرب بسبب العنف بين الأعراق والاقتتال السياسي الذي يهدد عملية السلام الهشة.

فقد قُتل 440 مدنيًا على الأقلّ في قتال عنيف بين الميليشيات المتناحرة في جنوب غرب البلاد بين حزيران/يونيو وأيلول/سبتمبر العام الماضي، حسبما أفاد تقرير مشترك بين بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الانسان في وقت سابق من الشهر.

وألقى التقرير باللوم على القوات الموالية للرئيس سلفا كير والقوات التابعة لمنافسه نائب الرئيس رياك مشار، وميليشيات أخرى تدين بالولاء لهذه أوتلك.

ونشرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الانسان في جنوب السودان الجمعة تقريرًا جديدًا تشير فيه إلى أنها تملك "أسسًا منطقية للاعتقاد بأن أعضاء حكومة جنوب السودان قد تورطوا في أعمال (...) ترقى إلى جرائم حرب" في ولايتيْ وسط الاستوائية وغرب الاستوائية، جنوب غرب البلاد.

وقالت رئيسة اللجنة ياسمين سوكا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف في بيان إن اللجنة "وضعت قائمة تشمل 142 فردًا يستدعي التحقيق في عدد من الجرائم بموجب القانون الوطني والدولي".

ويصف التقرير انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، من اغتصاب جماعي واستعباد جنسي للنساء والقتل المتعمّد لأطفال بمن فيهم رضيع واحد على الأقلّ ضُرب حتى الموت على يد جنود أمام والدته.

وأضافت سوكا "إن فكرة أن العنف المحلي غير مرتبط بالدولة أو بالنزاعات على مستوى وطني، التي تطرحها الحكومة والقادة العسكريون الجنوب سودانيون، زائفة".

وتابعت "إن عمليات القتل على المستوى المحلي والمجازر والتعذيب والاختطاف والاعتقالات والنهب وحرق القرى والتهجير القسري بالإضافة إلى الاغتصاب والعنف الجنسي، هي انعكاس للتنافس السياسي المكثف على السلطة ... على مستوى وطني".

كافحت دولة جنوب السودان في مواجهة سنوات من العنف بعد حرب أهلية بين موالين لكير أو لمشار أودت بحياة 400 الف شخص تقريبًا وانتهت باتفاق سلام في العام 2018.

وشكّل كير ومشار حكومة وحدة قبل عامين، لكن تعثّرت عملية السلام بسبب المشاحنات السياسية.

وتسبب الفشل في تشكيل قيادة موحدة للقوات المسلحة، وهو عنصر أساسي في اتفاق السلام، في خلق بيئة لا يزال العنف مستشريًا فيها، بحسب الأمم المتحدة.

فرّ أكثر من مليوني جنوب سوداني عبر السنوات من بلادهم، بحثًا عن الأمان، في ما أصبح أكبر أزمة للاجئين في إفريقيا.

وطالبت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الجمعة بتأمين 1,2 مليار دولار (1,09 مليار يورو) لتقديم المساعدات الإنسانية والحماية لنحو 2,3 مليون جنوب سوداني يعيشون في جمهورية الكونغو الديموقراطية واثيوبيا وكينيا والسودان وأوغندا.

وأشارت المفوضية إلى أن "66,66% من اللاجئين الجنوب سودانيين (هم) دون سنّ 18 عامًا"، محذّرة من أن إدارة الأزمة لم تموّل بشكل كافٍ العام الماضي، فهي تلقّت 21% فقط من النقود التي كان قد طلبتها العام الماضي.

وانتقدت الأمم المتحدة مرارًا قيادة جنوب السودان لدورها في تأجيج العنف وقمع الحريات السياسية ونهب الخزائن العامة.

في غضون ذلك، انتقلت البلاد من أزمة إلى أخرى، بين فيضانات وجوع، بحيث احتاج 8,3 مليون شخص (نحو 70% من السكان) إلى مساعدات إنسانية العام الماضي بحسب الأمم المتحدة.