باريس: بعد أكثر من سبعة أشهر من جلسات الاستماع في محاكمة اعتداءات عام 2015 في فرنسا، انتهت آخر استجوابات للمتهمين الجمعة باعتذارات ودموع صلاح عبد السلام الذي لم يجب على العديد من الأسئلة رغم إدلائه ببعض "الاعترافات".

تعلّق السؤال الأكبر قبل بدء المحاكمة في 8 تشرين الثاني/نوفمبر بما إذا كان صلاح عبد السلام سيتحدث.

وطُرح السؤال خاصة لأن العضو الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة من المجموعة الجهادية التي قتلت 130 شخصا في باريس وسان دوني، التزم الصمت أثناء كامل فترة التحقيق تقريبا.

لكن صمته لم يدم خلال الأشهر الطويلة من الاستماع أمام محكمة الجنايات الخاصة في باريس، حيث ظهر مستفزا ومتغطرسا ومتقلبا.

Image
صورة متداولة عبر تويتر لصلاح عبد السلام

تفاصيل

انتهى استجوابه الأخير الذي امتد لثلاثة أيام، بنبرة وموقف مخففين بشكل واضح، ودموع و"اعتذار" موجه لجميع الضحايا. وقال الفرنسي البالغ 32 عاما "أطلب منكم أن تكرهوني باعتدال".

انتهز صلاح عبد السلام "الفرصة الأخيرة" للتحدث، وسرد تفاصيل مساء يوم الاعتداءات في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015.

وبحسب روايته التي تعاملت معها النيابة ومحامو الضحايا بحذر، فإن "مهمته" كانت تنفيذ هجوم انتحاري في مقهى في الدائرة 18 من باريس، مؤكدا أنه "تراجع بدافع إنساني" عن تفجير حزامه الناسف. لكن نظرية أخرى تقول إنه حاول عبثا تفجير الحزام الذي أصابه عطل.

رغم أن تلك تبقى نسخته من "الحقيقة"، إلاّ أن تفسيره الطويل لدوره في ليلة الرعب كانت تنتظره الأطراف المدعية بالحق المدني منذ أكثر من ست سنوات.

قالت إحدى المدعيات بالحق المدني إنه "كان من المهم أن يتحدث، لقد أفاد الكثير من الناس".

الرجل الذي أعلن بفخر في اليوم الأول للمحاكمة أنه "مقاتل في تنظيم الدولة الإسلامية"، حاول لاحقا بشكل تدريجي تلطيف صورته كشخص ينظر إليه على أنه يفتقر إلى الإنسانية.

وقال صلاح عبد السلام "لقد خلقتم هذه الشخصية، بقول أي شيء عني".

رغم تأكيد النيابة على محاولته تفجير الحزام الناسف، جعل المتهم الرئيسي "تراجعه" مساء الهجمات نقطة التركيز خلال الاستجوابات منذ بدئها في 9 شباط/فبراير.

أدى ذلك إلى تهميش أسئلة أخرى مهمة، ولا سيما المتعلقة بموعد تجنيده داخل خلية تنظيم الدولة الإسلامية، ومشاركته في الاستعدادات، ومعرفته بالأهداف.

كان "التراجع" محوريا أيضا في استجواب محمد عبريني، صديق الطفولة لصلاح عبد السلام والمعروف باسم "صاحب القبعة" الذي فر بعد تخليه عن عربة ملغومة خلال اعتداءات 22 مارس/آذار 2016 في بروكسل.

وكشف عبريني في الجلسة أن مشاركته كانت "مرتقبة" في هجمات 13 تشرين الثاني/نوفمبر، إلا أنه انسحب قبل موعدها بأيام... لكنه رغم ذلك رافق "قافلة الموت" حتى منطقة باريس.

هل كان هو "الرجل الحادي عشر" أم حلّ مكانه صلاح عبد السلام كما زعم؟ انقسم المهاجمون إلى مجموعات من شخصين أو ثلاثة، هل كان صديقا الطفولة معا؟ ردّ عبد السلام بأن "ذلك تخمين" فقط.

تسبب غياب الأجوبة التفصيلية لمحمد عبريني في "إحباط" العديد من الأطراف المدعية بالحق المدني.

كما كان الإحباط كبيرا في مواجهة الصمت الذي التزم به ثلاثة من المتهمين الأربعة عشر، وهم "المجنَّدون القيّمون" لتنظيم الدولة الإسلامية أسامة كريّم وسفيان العياري وكذلك خبير الشؤون اللوجستية المفترض محمد البقالي.

ورفض ثلاثتهم "التكلم مطولا" للدفاع عن أنفسهم في محاكمة اعتبروها "زائفة". وسيحاكم الثلاثة أيضا على خلفية الهجمات التي وقعت في بروكسل بدءا من الخريف.

وأوضح محمد بقالي لآخر مرة الجمعة "قد تعتقدون أن الصمت حلّ سهل لكن ذلك ليس صحيحا. التزام الصمت صعب للغاية، الغريزة هي الرغبة في الدفاع عن نفسك".

لن يحل حق التزام الصمت الذي مارسه أسامة كريم وسفيان العياري أحد ألغاز القضية، المتعلق بسبب توجههم إلى مطار أمستردام-سخيبول في 13 تشرين الثاني/نوفمبر.

أسئلة معلقة

مع بلوغ المحاكمة مرحلتها الأخيرة في انتظار صدور الحكم المقرر في 24 حزيران/يونيو، لا تزال هناك أسئلة أخرى معلقة.

تتعلق الأسئلة الرئيسية التي بقيت بلا إجابة بدوافع قائد المجموعة عبد الحميد أباعود وشريكه شكيب عكروح للتخلي عن سيارة مليئة بالأسلحة والذخيرة بعد إطلاق النار على الشرفات، والاختباء في أجمة في أوبرفيلييه لنحو أربعة أيام.