نيروبي: من مكافحة الإسلاميين المتطرفين في حركة الشباب إلى تحقيق مصالحة سياسية وإعادة بناء الاقتصاد، ينتظر الرئيس الصومالي الذي سينتخب الأحد عدد كبير من المهمات.

تخرج الصومال من أكثر من عام من التوتر بشأن تنظيم الانتخابات، بلغ ذروته في اشتباكات مسلحة في نيسان/أبريل 2021 بعد إعلان انتهاء ولاية الرئيس محمد عبد الله محمد المعروف باسم فرماجو.

هزت الخلافات بعد ذلك السلطة التنفيذية بسبب مواجهات بين الرئيس ورئيس الحكومة محمد حسين روبله.

وألحقت هذه الخلافات وقرارات التأجيل ضرراً ببلد وضعه ضعيف جدا. ويرى عمر محمود المحلل في مركز الأبحاث مجموعة الأزمات الدولية "كانت سنة ضائعة بالنسبة للصومال".

وأضاف أن "هذه الانتخابات كانت سبباً للانقسام (...) المصالحة هي التحدي الأكبر المباشر... سيكون من الصعب المضي قدماً في (بعض القضايا) التي تتطلب مستوى معينًا من التعاون من دون بعض التهدئة وتكوين رؤية مشتركة".

أدت رئاسة فارماجو إلى تصاعد الخلافات بين الحكومة الفدرالية وبعض المناطق وخصوصاً جوبالاند وبونتلاند التي تعارض رغبة رئيس الدولة في تعزيز سلطات مقديشو الفدرالية. وشهدت جوبالاند خصوصاً معارك بين القوات الفدرالية والمحلية.

كما كشفت كل هذه الحوادث وجود خطر تسييس الأجهزة الأمنية. وتحدثت سميرة غايد المديرة التنفيذية لمعهد هيرال المتخصص في القضايا الأمنية عن "انقسامات داخل الأجهزة الأمنية يجب حلها".

استراتيجية جديدة

تواجه البلاد منذ 15 عاماً تمرداً للإسلاميين المتطرفين في حركة الشباب الذين يسعون إلى دحر الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي وقوة من الاتحاد الأفريقي.

وفي 30 آذار/مارس وافقت الأمم المتحدة على بقاء هذه القوة الموجودة في البلاد منذ 2007 في مهمة أعيدت صياغتها وسميت "أتميس". وهي تقضي باتباع استراتيجية هجومية أكثر جرأة يرافقها انسحاب تدريجي ينتهي بحلول نهاية 2024.

وقالت سميرة غايد إن الإدارة الجديدة يمكن أن تطلب "إعادة التفاوض" على جوانب محددة من هذه الخطة التي تمت المصادقة عليها في عهد فارماجو.

ويرى عدد من المراقبين والشركاء الدوليين أن الخلافات الانتخابية شغلت السلطات عن مكافحة حركة الشباب التي عززت وجودها في مناطق ريفية واسعة وكثفت هجماتها في الأشهر الأخيرة.

ويرى عمر محمود أنه بعد 15 عاماً من العمل العسكري ربما حان الوقت "للتفكير في مسار سياسي".

وهو يعتقد أن "الإشارات من الإدارة الجديدة واللهجة التي ستتبناها (تجاه الشباب) ستكون مهمة جداً منذ البداية".

وتابع "حتى إذا كانت حركة الشباب غير مستعدة حالياً، يتعلق الأمر يفتح قناة... لتهيئة الأرضية"، معتبراً أنها "عملية طويلة الأمد".

تشهد الصومال - على غرار منطقة القرن الأفريقي بأكملها - واحدة من أسوأ موجات الجفاف منذ عقود، أثرت على 6,1 ملايين شخص يشكلون أربعين بالمئة من السكان. وتسبب الجفاف في نزوح 760 ألفاً منهم، حسب أرقام الأمم المتحدة.

اقتصاد ضعيف

وضاعفت المنظمات الإنسانية دعواتها لجمع تبرعات محذرة من أنه بدون مساعدات دولية سريعة تتوجه البلاد نحو مجاعة مثل تلك التي حدثت في 2011 وخلفت 260 ألف وفاة.

ولا تملك الحكومة سوى موارد قليلة لدعم سكانها لكن سيكون لها دور تلعبه في استنهاض المجتمع الدولي والتنسيق.

يعتمد اقتصاد الصومال المثقلة بالديون وتعاني من نقص البنى التحتية على المساعدات الدولية.

وقال البنك الدولي إن 71 بالمئة من الصوماليين يعيشون بأقل من 1,90 دولار في اليوم.

وهددت الخلافات برنامج مساعدات حاسمًا من صندوق النقد الدولي من المقرر أن يتوقف تلقائياً في 17 أيار/مايو إذا لم تصادق الإدارة الجديدة على إصلاحات محددة.

وطلبت الحكومة تمديد هذا الموعد النهائي مدة ثلاثة أشهر لكن لم تتلقَّ رداً بعد.

النمو الاقتصادي

أما النمو الاقتصادي الذي قدر بنحو 2,9 بالمئة في 2019 فقد تباطأ في 2020 بسبب وباء كوفيد-19 واجتياح أسراب الجراد مناطق وفيضانات مما أدى إلى انكماش الاقتصادي بنسبة 1,5 بالمئة حسب البنك الدولي.

وكان بنك التنمية الأفريقي يتوقع نمواً بنسبة 2,9 بالمئة في 2021 و3,2 بالمئة في 2022 وهي نسب "تبقى أقل من تقديرات ما قبل كوفيد-19".

تتمثل المهمة الرئيسية للحكومة المستقبلية في تحسين عائداتها الضريبية من أجل الحصول على بعض الاستقلال وتعزيز مؤسساتها.

وقال عمر محمود إن "الصومال بحاجة إلى حماية نفسها من الصدمات الخارجية المستقبلية وإحدى طرق القيام بذلك هي تطوير قاعدة إيرادات محلية".

وما زالت مكافحة الفساد مهمة أيضًا في هذا البلد المصنف بين الدول الأكثر فساداً في العالم من قبل منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية، إذ يشغل المرتبة 178 مع سوريا على لائحة من 180 بلدًا.