كييف (أوكرانيا): أدانت محكمة في كييف الإثنين جندياً روسياً بارتكاب جريمة حرب لقتله مدنياً أعزل وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة، في أول حكم يصدر بحقّ عسكري روسي منذ بدأت روسيا غزو جارتها قبل ثلاثة أشهر، في حين طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بفرض عقوبات "قصوى" على موسكو وبعدم إقامة أي نشاط تجاري معها.

ووجّه الرئيس الأوكراني نداءه عبر الفيديو في افتتاح المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بعد ثلاثة أشهر من بدء الغزو الروسي لبلاده في 24 شباط/فبراير فيما تؤكد السلطات الأوكرانية أنها تعاني "بشكل متزايد" من القصف الروسي المتواصل في منطقة دونباس (شرق).

وأدين الجندي الروسي البالغ 21 عاماً بتهمة ارتكاب جريمة حرب وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة، في أول حكم يصدر بحقّ عسكري روسي منذ بدء الغزو.

وأقرّ فاديم شيشيمارين أمام المحكمة بأنّه قتل أوكرانياً يبلغ 62 عاماً ويدعى أليكسندر شيليبوف في شمال شرق أوكرانيا في أولى أيام الغزو الروسي.

وأفاد الجندي الروسي الأسبوع الماضي بأنه أطلق النار على شيليبوف بضغط من جندي آخر بينما حاولا الانسحاب والهرب إلى روسيا في سيارة مسروقة في 28 شباط/فبراير. واعتذر وطلب الصفح من أرملة شيليبوف.

وقال القاضي سيرغي أغافونوف إن "المحكمة خلصت إلى أن شيشيمارين مذنب وحكمت بسجنه مدى الحياة" بعد إدانته بتهمة القتل العمد. وقال القاضي إن "عملية القتل ارتكبت بنية مباشرة... شيشيمارين انتهك القوانين وقواعد الحرب".

واستمع الجندي الطفولي الملامح إلى تلاوة الحكم وحيداً في قفص زجاجي.

وأكد محاميه فيكتور أوفسيانيكوف أنه سيستأنف الحكم.

وأفادت النيابة العامة الأوكرانية عن فتح أكثر من 12 ألف تحقيق في قضايا جرائم حرب منذ بدء الغزو.

المزيد من الدعم

اغتنم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الكلمة التي ألقاها أمام منتدى دافوس الاثنين ليناشد العالم دعم بلاده بمزيد من الأسلحة وفرض عقوبات "قصوى" على موسكو وعدم التعامل تجاريا مع روسيا.

وقال زيلينسكي الذي ظهر بقميص زيتوني محاطاً بالأعلام الأوكرانية "تحتاج أوكرانيا إلى كل الأسلحة التي نطلبها، وليس فقط تلك التي تم تقديمها".

وخلال اجتماع افتراضي لـ"مجموعة الاتصال الدفاعية الخاصة بأوكرانيا" ناقشت 44 دولة الدعم العسكري الذي ينبغي تقديمه لأوكرانيا في هذه المرحلة من النزاع.

وأعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بعد الاجتماع أن حوالى 20 بلداً عرض تقديم مساعدات أمنية جديدة لأوكرانيا لمواجهة القوات الروسية.

وقال أوستن "كان اجتماع اليوم ناجحاً جداً. الكثير من الدول ستقدم ذخيرة مدفعية وأنظمة دفاع ودبابات ومدرّعات أخرى يحتاج إليها" الأوكرانيون بشكل كبير.

وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف أنه يأمل "بعرض نتائج استخدام" الأسلحة الموعودة الاثنين "التي من شأنها تغيير ساحة المعركة!".

وأرسلت الدول الغربية كميات ضخمة من الأسلحة والمال إلى أوكرانيا وفرضت عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على موسكو.

وغادرت شركات عالمية عدة روسيا. وأعلنت سلسلة مقاهي ستارباكس الأميركية الاثنين أنها ستغلق 130 مقهى تابعاً لها في البلاد كما سبق وفعلت سلسلة ماكدونالدز للوجبات السريعة الأسبوع الماضي.

الضغط الأميركي

من طوكيو، واصل الرئيس الأميركي جو بايدن أيضاً الضغط على موسكو مذكراً بأن روسيا يجب أن "تدفع ثمنا على المدى الطويل" من حيث العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها في ضوء "الهمجية التي تمارسها في أوكرانيا".

وقال بايدن إن "الأمر لا يقتصر على أوكرانيا فقط" لأنه "إذا لم يتم الإبقاء على العقوبات على مستويات عدة، فأي إشارة ستوجه إلى الصين حول ثمن محاولة السيطرة على تايوان بالقوة؟".

وفي حين تخلت الولايات المتحدة وبريطانيا عن استيراد النفط الروسي، يعاني الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن لأن بعض دوله الأعضاء تعتمد بشكل كبير على الغاز والنفط الروسيين.

وفي نهاية اجتماع غير مثمر حول هذا الموضوع قبل أسبوع في بروكسل، أقر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأن وضع اللمسات الأخيرة على الحزمة السادسة من العقوبات على روسيا سيستغرق "وقتاً". ومن المقرر عقد قمة أوروبية استثنائية في 30 أيار/مايو و31 منه.

من جانبها، قالت وزيرة الاقتصاد الأوكرانية يوليا سفيريدنكو التي كانت حاضرة في دافوس "نحن ندرك أن أوروبا تحاول تقدير الكلفة التي ستترتب على اقتصادها بسبب ذلك. لكن من الجانب الآخر، هناك أوكرانيا، هناك حرب حقيقية".

وتابعت "روسيا تريد تدمير أوكرانيا (...) وتهدد العالم بالمجاعة. بالتأكيد ليس لدينا وقت للتحليل. نحن نحتاج إلى عزل روسيا عن العالم المتحضر تماما".

وفي سويسرا أيضاً استقال الدبلوماسي الروسي بوريس بونداريف المعارض للحرب ومقره في جنيف مؤكداً في رسالة نشر مضمونها "لم يسبق أن خجلت ببلادي بهذا القدر".

أزمة دونباس

على الأرض، اعترفت كييف بأن الوضع "يزداد صعوبة" في دونباس حيث تقصف موسكو سيفيرودونيتسك بشكل متواصل".

وتشدد موسكو القصف على دونباس حيث تحشد بحسب حاكم منطقة لوغانسك سيرغي غايداي الوحدات التي انسحبت من منطقة خاركيف (شمال شرق) والقوات التي فرضت الحصار على ماريوبول (جنوب شرق) ومقاتلي منطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين والقوات الشيشانية وتعزيزات استقدمت من سيبيريا وأقصى الشرق الروسي.

وقال غايداي على تطبيق تلغرام إن "كل القوات الروسية تحتشد في منطقتي لوغانسك ودونيتسك"، مضيفاً أن الأمر نفسه ينطبق على الأسلحة مع "تركيز كل شيء هنا" ولا سيما صواريخ إس-300 المضادة للطائرات وإس-400 المضادة للصواريخ.

وشدد غايداي على أن سيفيرودونيتسك التي تشكل نقطة محورية في معركة دونباس، تتعرض لنيران القوات الروسية "على مدار الساعة".

وأوضح "إنهم يستخدمون تكتيك الأرض المحروقة، يدمرون المدينة بشكل متعمد" من خلال القصف الجوي وقاذفات الصواريخ المتعددة وقذائف الهاون والقصف على المباني من الدبابات.

وتواجه سيفيرودونتسك المصير ذاته الذي حل بمدينة ماريوبول التي تحولت إلى خراب بعد حصار دام أسابيع عدة، حيث باتت أحياء كاملة مجرد حطام وركام فيما المباني المتبقية تشهد على القصف المكثف بالصواريخ والقذائف.

وتدور معارك عنيفة أيضاً قرب باخموت، على ما ذكرت وزارة الدفاع الأوكرانية.

في منطقة دونيتسك قتل ثلاثة أشخاص وجرح ستة في قصف جديد الاثنين على ما أفاد الحاكم بافلو كيريلاينكو بعدما سقط سبعة قتلى الأحد.

وفي مدينة خيرسون وهي أول مدينة كبرى سقطت بيد الروس في جنوب البلاد، أعلنت الإدارة المحلية الموالية للروس اعتماد الروبل كعملة رسمية إلى جانب العملة الأوكرانية.

الأصعب قادم

كذلك، أعلن زيلينسكي أن 87 شخصا قتلوا في هجوم روسي في 17 أيار/مايو على قاعدة عسكرية في شمال البلاد، وفقاً لحصيلة جديدة، ما يجعله أحد من أعنف عمليات القصف الروسي منذ بداية الحرب.

ومساء الإثنين أعلن زيلينسكي في رسالته المصوّرة المسائية اليومية أنّ "الأسابيع المقبلة من الحرب ستكون صعبة".

وأضاف "يبذل المحتلّون الروس قصارى جهدهم لإظهار أنّهم لن يتخلّوا عن المناطق المحتلّة في منطقة خاركيف (شمال شرق)، وأنهم لن يعيدوا منطقة خيرسون (جنوب) ولا الأراضي المحتلّة في منطقة زابوروجيا (جنوب شرق) ودونباس (شرق). إنّهم يتقدّمون في مكان ما. إنّهم يعزّزون مواقعهم في أماكن أخرى".

وحذّر الرئيس الأوكراني من أنّ الوضع "صعب للغاية" في دونباس حيث أعادت موسكو تجميع قواتها في هذه المنطقة بعد أن فشلت في الاستيلاء على كييف.

واتّهم زيلينسكي القوات الروسية بأنّها "تسعى للقضاء على كلّ ما هو حيّ" في المنطقة، مؤكّداً أنّ "ما من أحد دمّر دونباس مثلما تفعل القوات الروسية الآن".