كييف (أوكرانيا): يواصل الجيش الروسي تقدّمه في شرق أوكرانيا حيث تقرّ كييف بأن الوضع "صعب جدًا" بالنسبة لقواتها، في حين تتحدث موسكو عن هجوم طويل الأمد وتحاول تعزيز قبضتها على الأراضي التي سيطرت عليها جنوبًا.
بلغت المعارك مع القوات الروسية محيط مدينة سيفيرودونيتسك الواقعة في شرق أوكرانيا حيث يبدو الوضع "صعبًا جدًا"، وفق ما أعلن حاكم المنطقة سيرغي غايداي عبر تلغرام.
ويحاول الروس جاهدين تضييق الخناق على منطقة لوغانسك حيث "يتقدمون من كل الجهات في آن"، وفق غايداي.
قررت موسكو تكثيف هجومها في منطقة دونباس، التي تضم لوغانسك ودونيتسك، حيث يواجه الأوكرانيون صعوبة في الدفاع عنها بعدما تمكنوا من إبعاد القوات الروسية من أكبر مدينتين في البلاد، كييف وخاركيف (شمال شرق).
وأقر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مساء الثلاثاء بأن "الوضع في دونباس صعب جدا" مضيفا أن الروس "يريدون تدمير كل شيء".
وطالب صباح الأربعاء خلال مداخلة عبر الفيديو في إطار منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا، "بدعم من أوروبا موحدة"، مندّدًا بغياب "وحدة الصف" بين الدول الغربية بعد أكثر من ثلاثة أشهر على بدء الغزو الروسي لبلاده.
وقال "سيكون لدينا تفوق على روسيا حين نكون متحدين فعليا"، معربًا عن أسفه للانقسامات حول موضوع انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي وحول مسألة فرض حظر شامل على شراء الغاز والنفط الروسيين.
وكان الدفاع عن دونباس التي يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا جزئيا منذ 2014، وراء قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 24 شباط/فبراير غزو أوكرانيا.
وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الثلاثاء "سنواصل العملية العسكرية الخاصة حتى تتحقق جميع الأهداف". وأكد أيضا أن موسكو تستعد لهجوم طويل الأمد في أوكرانيا.
وأكدت هيئة أركان الجيوش الأوكرانية أن موسكو تلجأ بشكل متزايد الى الطيران لدعم قواتها على الأرض، وتسعى إلى "تدمير البنى التحتية الأساسية والعسكرية".
في دونباس قال الحاكم المحلي إن القصف "يزداد حدة" مشيرا الى أن "الجيش الروسي يريد أن يدمر بالكامل سيفيرودونيتسك" المدينة الاستراتيجية الواقعة في شمال غرب لوغانسك.
وخلت المدن الواقعة على خط الجبهة من سكانها. ولم يبقَ سوى أشخاص مصدومين غالبًا كبار في السنّ، يمضون معظم وقتهم مختبئين في ملاجئ مظلمة على ضوء الشموع.
ففي مدينة سوليدار الواقعة على بعد عشرات الكيلومترات من سيفيرودونيتسك، قالت ناتاليا (47 عامًا) إنا خرجت من الملجأ "لمجرد أن أرى أناسًا". وأضافت لوكالة فرانس برس مع دوي انفجار، "أعرف أن هناك قصفًا على مقربة من هنا لكني أخرج في كل الأحوال". وتؤكد "نحن بحاجة لمعرفة أننا لسنا وحدنا وأنه لا يزال هناك حياة هنا".
تثبت القذائف والصواريخ التي تسقط بوتيرة متزايدة على سوليدار ومحيطها، تكثيف الضربات الروسية على هذه المنطقة الصناعية.
يخشى غايداي من أن يركز الروس هجومهم على لوغانسك كما فعلوا في ماريوبول، المدينة الساحلية الكبرى الواقعة في جنوب شرق البلاد التي سيطر عليها الروس بعد فرض حصار عليها على مدى أسابيع وقصفها إلى حدّ تدميرها بالكامل.
وأكدت روسيا الأربعاء استئناف النشاط في ميناء ماريوبول على بحر آزوف على البحر الأسود والذي كان ثاني ميناء مدني بعد ميناء أوديسا وكان يتيح تصدر كميات كبيرة من الحبوب الأوكرانية المتكدسة في البلاد في حين يُخشى من أزمة غذائية عالمية.
وصرّح متحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف أن في ماريوبول انتهت عملية نزع الألغام و"نزع الصفة العسكرية" من المرفأ الذي بدأ "العمل بشكل منتظم".
وأُلقي القبض على قرابة أربعة آلاف جندي أوكراني في ماريولول، بحسب وزارة الدفاع الروسية.
وقالت روسيا إنها ستدرس فكرة تبادل أسرى مع أوكرانيا ما إن تتمّ محاكمة المحتجزين الأوكرانيين.
تريد كييف تنظيم تبادل سجناء حرب، لكن موسكو أكدت مرارًا أنها تعتبر من ينتمون إلى كتيبة آزوف مقاتلين من النازيين الجدد ارتكبوا جرائم حرب.
على الجبهة الجنوبية، تسعى موسكو إلى تعزيز سيطرتها على الأراضي التي سيطرت عليها منذ ثلاثة أشهر.
وأعلنت روسيا أن أهالي منطقتي زابوريجيا وخيرسون سيتمكنون من الحصول على جواز سفر روسي في إجراءات "مبسطة".
تعقيبا على ذلك، قالت كييف إن "الإصدار غير القانوني لجوازات السفر ... انتهاك صارخ لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، وكذلك لقواعد ومبادئ القانون الإنساني الدولي".
وألغى البرلمان الروسي الحد الأقصى لسن الالتحاق بالجيش كي يكون بالإمكان "استقطاب خبراء في الاختصاصات المطلوبة".
في ميكولايف القريبة من خيرسون، لا تزال الحياة اليومية صعبة مع انقطاع كافة الحاجات الأساسية وخصوصًا المياه.
يدوي صوت المدفعية من بعيد وتصدح صفارات الإنذار تحذيرًا من قصف جوي في بعض الأحيان، لكن آنا بوندار تنتظر بفارغ الصبر دورها كي تحصل على مياه للشرب. تمضي المرأة البالغة 79 عامًا وزوجها طريح الفراش، بين ساعتين وثلاث ساعات في اليوم لنقل المياه إلى منزلها. وتقول لفرانس برس "أنا متعبة جدًا".
منذ أن تسببت معارك بتعطل أنبوب لنقل المياه في نيسان/أبريل وانقطاع المياه عن المنازل، يذهب السكان سيرًا أو بالسيارة أو حتى على متن دراجات بحثًا عن صهاريج مياه.
في تصعيد للضغط على روسيا، قررت الولايات المتحدة ان تنهي اعتبارا من الساعة 4,01 ت غ اعفاء يتيح لموسكو دفع ديونها بالدولار كما أعلنت الخزانة الأميركية الثلاثاء. هذا القرار يمكن ان يؤدي بروسيا التي لديها حوالى 12 دينا لتسديدها بحلول نهاية السنة، الى التخلف عن السداد. ردّت وزارة المالية الروسية بأن موسكو ستبدأ في تسديد دينها الخارجي بالروبل.
من جانبه، أكد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أنه لا يزال "واثقًا" في قدرة الاتحاد الأوروبي على التوصل إلى اتفاق حول فرض حظر أوروبي على النفط الروسي بحلول موعد جلسة المجلس الأوروبي الاثنين، رغم عرقلة المجر.
وقدّمت المفوضية الأوروبية الأربعاء مقترحات تشريعية لتسهيل مصادرة أصول أثرياء روس مقربين من دوائر الحكم وردت أسماؤهم على اللائحة السوداء، مشيرةً إلى أن أصولًا بقيمة 10 مليارات يورو تعود لشخصيات فُرضت عليها عقوبات، جُمّدت في الاتحاد الأوروبي.
وطالب نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو الأربعاء برفع العقوبات التي تستهدف الصادرات الروسية والمعاملات المالية كشرط لتجنّب الأزمة الغذائية العالمية التي تلوح في الأفق بسبب الحرب.
وندد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا بهذا الاقتراح معتبرًا أنه "ابتزاز"، داعيًا إلى "وقف الصادرات الروسية باستثناء بعض المنتجات الأساسية التي يحتاج إليها العالم".
تعرقل المعارك تصدير إنتاج أوكرانيا للحبوب، كما لا يمكن بيع إنتاج روسيا، وهي دولة مصدرة كبيرة للحبوب أيضًا، بسبب العقوبات التي تؤثر على قطاعيها المالي واللوجستي.
وخلال النزاع المسلح المستمر منذ ثلاثة أشهر، قتل 234 طفلا وأصيب 433 بحسب ما أعلن مكتب المدعية العامة في أوكرانيا إيرينا فينيديكتوفا.
كذلك، قتل آلاف المدنيين والعسكريين بدون أن تكون هناك حصيلة مفصلة. في مدينة ماريوبول فقط، تحدثت السلطات الأوكرانية عن 20 ألف قتيل.
وتفقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جنودا جرحى أصيبوا في الحرب على ما أظهرت مشاهد بثها التلفزيون، في خطوة هي الأولى من نوعها من بدء الغزو.
ونزح أكثر من ثمانية ملايين أوكراني داخليا بحسب الأمم المتحدة. يضاف إليهم 6,5 ملايين شخص فروا إلى الخارج، أكثر من نصفهم أي 3,4 ملايين الى بولندا.
التعليقات