كييف (أوكرانيا): تضيق القوات الروسية الخناق على مدينة سيفيرودونيتسك الاستراتيجية في دونباس في اليوم التاسع والتسعين من الحرب في أوكرانيا التي باتت موسكو تسيطر على "نحو 20%" من أراضيها بحسب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وبعد فشل هجوم خاطف لإسقاط النظام في كييف، يركز الجيش الروسي جهوده للسيطرة على منطقة دونباس التي تشهد حرب استنزاف بعد نزاع مستمر منذ ثلاثة أشهر تقريباً.
ويبدو أن تكتيك المحدلة الذي تعتمده موسكو لقضم أجزاء من منطقة دونباس تدريجاً، يؤتي ثماره.
وقال قائد القوات الأوكرانية فاليري زالوجني في بيان صادر عن الجيش ليل الأربعاء الخميس "يسجل الوضع الأصعب في منطقة لوغانسك حيث يحاول العدو السيطرة على مواقع قواتنا".
وأعلن حاكم منطقة لوغانسك الواقعة في حوض دونباس سيرغي غايداي ليل الأربعاء الخميس أن "القوات الروسية باتت تسيطر على 80% من سيفيرودونيتسك" فيما المعارك مستمرة.
بحسب كييف، فإن القوات الأوكرانية تحصّنت خصوصًا في منطقة صناعية تتعرض لقصف روسي، كما حصل في نهاية الحصار الطويل لمدينة ماريوبول الاستراتيجية (جنوب شرق)، التي دُمّر الجزء الأكبر منها وسيطر عليها الروس أواخر نيسان/أبريل.
"ماريوبول جديدة"
واتّهم القادة الأوكرانيون في الأيام الأخيرة موسكو بأنها تعتزم جعل سيفيرودونتيك "ماريوبول جديدة".
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن القوات الروسية باتت تسيطر على نحو خُمس أراضي بلاده، بما في ذلك شبه جزيرة القرم والأراضي الخاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لموسكو منذ 2014.
وقال أمام النواب في لوكسمبورغ "اليوم هناك نحو 20% من أراضينا تحت سيطرة المحتلّين، (أي) حوالى 125 ألف كيلومتر مربع، وهي أكثر بكثير من كل أراضي كل دول بينيلوكس" أي بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ.
وعلى سبيل المقارنة، كانت القوات الروسية تسيطر قبل غزو أوكرانيا في 24 شباط/فبراير على "أكثر من 43 ألف كيلومتر مربع" من البلاد، وفق زيلينسكي.
وقال زالوجني خلال اتصال هاتفي الأربعاء مع رئيس هيئة الأركان الفرنسية الجنرال تييري بورخارد "يتمتع العدو بتفوق عملاني على صعيد القصف المدفعي" على ما أفادت كييف.
وتنتظر أوكرانيا الحصول على راجمات صواريخ متطورة وعد بها الرئيس الأميركي جو بايدن ومن شأنها تغيير موازين القوى على الأرض.
معارك وقصف
وأكدت روسيا الخميس أنها أوقفت تدفق "مرتزقة" أجانب يريدون القتال إلى جانب جيش كييف في أوكرانيا بعدما ألحقت بهم خسائر فادحة في الأسابيع الأخيرة. وأشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إلى أن عدد المقاتلين الأجانب الموجودين في أوكرانيا "تراجع إلى النصف تقريبًا"، من 6600 إلى 3500، و"يفضّل عدد كبير منهم مغادرة أوكرانيا في أسرع وقت".
ليل الأربعاء الخميس، قصفت القوات الروسية خطوطاً عدة للسكك الحديد في لفيف (غرب)، وهي منطقة تصل إليها خصوصًا أسلحة تُسلّمها دول غربية لأوكرانيا، وهو ما تندد به موسكو.
وتخسر القوات الأوكرانية يومياً ما قد يصل إلى مئة جندي على ما أكد الرئيس الأوكراني في مقابلة مع الموقع الإخباري الأميركي "نيوزماكس" نشرت الأربعاء.
وقال الرئيس "الوضع في الشرق صعب للغاية (..) نخسر 60 إلى مئة جندي يوميا في القتال فيما يصاب نحو 500".
في جنوب البلاد، يقلق الأوكرانيون من احتمال ضم المناطق التي سيطرت عليها القوات الروسية إذ إن موسكو تتحدث عن إجراء استفتاءات اعتبارا من تموز/يوليو لضمها.
وأعلنت الإدارة الموالية لروسيا والتي أقامتها موسكو في الأراضي التي تحتلها في منطقة زابوريجيا في جنوب شرق أوكرانيا، أنها استولت على أملاك تابعة للدولة الأوكرانية.
وأعلن نائب رئيس الإدراة أندري تروفيموف حسبما نقلت عنه وكالات روسية "اليوم، وقّع رئيس الإدارة العسكرية والمدنية لمنطقة زابوريجيا ايفغيني باليتسكي مرسومًا بتأميم ممتلكات لأوكرانيا من تاريخ 24 شباط/فبراير 2022".
وتتواصل المعارك والقصف خصوصًا في منطقة خيرسون التي سيطر الروس على جزء منها وحيث يعاني السكان نقصاً في الأدوية ويحتاجون مساعدة إنسانية، وفق كييف.
وتحاول الدول الغربية تشغيل الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود ولا سيما مرفأ اوديسا (جنوب) المنفذ الرئيسي لتصدير الإنتاج الزراعي الأوكراني، من أجل تنشيط صادرات الحبوب التي تعتبر أوكرانيا أحد المنتجين الرئيسيين لها في العالم.
ويتعذر تصدير ما لا يقل عن 20 مليون طن من الحبوب الأوكرانية بسبب حصار روسي ما يزيد احتمال حصول أزمة غذائية عالمية.
مواقف
في سياق المواقف حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الخميس من أن على الغرب الاستعداد لـ"حرب استنزاف طويلة المدى" في أوكرانيا، متحدثاً في واشنطن بعد لقاء مع الرئيس الأميركي جو بايدن.
وأكد مرة جديدة أن الحلف الأطلسي لا يريد الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا، لكنه أشار في المقابل إلى "مسؤولية" الحلف في تقديم الدعم لأوكرانيا.
توجه الرئيس السنغالي ماكي سال، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، الخميس الى روسيا للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي الجمعة، وفق ما أعلن مكتبه.
وأوضح أن هذه الزيارة "تندرج في إطار الجهود التي تبذلها رئاسة الاتحاد للمساهمة في تهدئة الحرب في أوكرانيا وفتح الطريق امام مخزونات الحبوب والأسمدة التي تؤثر عرقلة مرورها على الدول الإفريقية خصوصا".
وستكون إقامة "ممرات آمنة" لنقل هذه الحبوب في صلب زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى تركيا في الثامن من حزيران/يونيو على ما أفادت أنقرة.
حزمة عقوبات جديدة
تتواصل تداعيات الغزو الجيوستراتيجية. فقد صوّت الدنماركيون بغالبية كبيرة الأربعاء في استفتاء لانضمام بلدهم إلى سياسة الاتحاد الأوروبي الدفاعية بعدما رفضوا ذلك لثلاثة عقود.
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي لشؤون الطاقة ألكسندر نوفاك الخميس إن المستهلكين الأوروبيين سيكونون أول من "يعاني" تداعيات الحظر على النفط الروسي المقرر ضمن حزمة جديدة من العقوبات الأوروبية ضد روسيا على خلفية غزوها أوكرانيا.
وأعلنت الولايات المتحدة الخميس فرض سلسلة جديدة من العقوبات لدفع بوتين إلى وقف حربه على أوكرانيا ، مستهدفة خصوصاً صديقه المقرب و"الممول" سيرغي بافلوفيتش رولدوغين وشركة سمسرة في اليخوت العملاقة للأثرياء الروس.
وأعلنت الشركة التركية المصنّعة لطائرات "بيرقدار" المسيّرة الخميس أنها ستقدّم إحدى طائراتها القتالية لليتوانيا مجانًا بعدما جمع ليتوانيون أكثر من خمسة ملايين يورو لشراء واحدة لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن أراضيها في مواجهة الغزو الروسي.
من جهتها، أعلنت السويد تقديم دعم اقتصادي وعسكري لكييف بقيمة 102 مليون دولار.
وقال وزير الدفاع السويدي بيتر هولتكفيست "نرى حاليًا مرحلة جديدة في الغزو الروسي تجمع فيها (روسيا) قواتها في شرق أوكرانيا وجنوبها، وطلب الجانب الأوكراني مساعدة في مناطق عدة".
ووافق ممثلو دول الاتحاد الأوروبي الـ27 الخميس على حزمة عقوبات سادسة بحق موسكو تشمل حظراً نفطياً مع استثناءات، لكنهم تراجعوا عن إدراج اسم رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية البطريرك كيريل على اللائحة السوداء، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية.
التعليقات