طهران: أعلنت إيران الأربعاء وقف العمل بكاميرتَين على الأقل تابعتَين للوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة نشاطاتها النووية، بعد طرح دول غربية مشروع قرار يدينها أمام مجلس محافظي الوكالة التابعة للأمم المتحدة.

ويرجح أن يزيد هذا الاجراء من التجاذب الراهن بين إيران والوكالة الدولية، بعد تقرير للأخيرة اعتبرت فيه أن طهران لم تقدم ايضاحات كافية بشأن العثور على آثار لمواد نووية في ثلاث مواقع غير مصرّح عنها.

ولقي التقرير انتقادات من الجمهورية الإسلامية التي اعتبرته غير عادل. الا أنه دفع الولايات المتحدة وثلاث دول أوروبية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) الى طرح مشروع قرار على مجلس محافظي الوكالة الدولية، يدعو طهران للتعاون الكامل. ومن المتوقع أن يتم التصويت عليه خلال اجتماع مجلس المحافظين المستمر حتى الجمعة.

ويأتي ذلك في ظل تعثر مباحثات إيران والقوى الكبرى لإحياء اتفاق العام 2015 بشأن برنامج طهران النووي الذي انسحبت واشنطن منه في 2018.

وأفادت المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في بيان أن "جمهورية إيران الإسلامية تواصل تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى اليوم على نطاق واسع ولسوء الحظ، فإن الوكالة لم تتجاهل هذا التعاون الذي يعود الى حسن نية إيران فحسب بل اعتبرته أيضًا واجباً على إيران"، بحسب وكالة "ارنا" الرسمية للأنباء.

ورأت أن الوكالة، ومقرها فيينا، "لم تقدّر (...) حتى الآن تعاون إيران المكثف فحسب، بل اعتبرته أيضا واجبا"، وعليه "صدرت أوامر للمسؤولين المعنيين بفصل كاميرات قياس خط السطح OLEM ومقياس التدفق الخاص بالوكالة" بدءا من اليوم.

وأعلنت المنظمة "قطع كاميرات المراقبة التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في احدى المنشآت النووية الإيرانية"، دون تحديدها.

وبينما لم يحدد البيان عدد الكاميرات التي تم فصلها، أوضح "بالطبع، أكثر من 80 % من الكاميرات الحالية للوكالة هي كاميرات حماية، والتي ستستمر في العمل كما كانت من قبل" بموجب اتفاق الضمانات المرتبط بمعاهدة الحد من الانتشار النووي التي تلتزم بها إيران منذ عقود.

وأكدت المنظمة أن الناطق باسمها بهروز كمالوندي "راقب عملية إغلاق كاميرتين تابعتين للوكالة الدولية للطاقة الذرية في منشأة نووية".

وأكد الأخير في تصريحات متلفزة أن طهران "أوقفت التعاون في ما يخص بعض المجالات التي تتجاوز أطر اتفاق الضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك بعد تعاوننا معها انطلاقا من مبدأ حسن النية".

وأكد أنه "تم لحد الآن إلغاء كاميرتين اثنتين من مجموع كاميرات المراقبة التي وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية داخل البلاد"، وأن طهران "تدرس إجراءات أخرى"، آملا في عودة الغربيين والوكالة "الى رشدهم وأن يردوا على تعاون طهران بالتعاون".

أبرمت طهران مع القوى الكبرى اتفاقا بشأن برنامجها النووي في 2015، أتاح رفع عقوبات مقابل تقييد أنشطتها وضمان سلمية البرنامج.

الا أن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب وأعادت فرض عقوبات على طهران في إطار سياسة "ضغوط قصوى". وردت إيران بعد عام ببدء التراجع عن العديد من التزاماتها الأساسية، أبرزها مستويات تخصيب اليورانيوم.

ومنذ مطلع 2021، فرضت إيران قيودا على عمل مفتشي الوكالة، واتخذت اجراءات شملت خصوصا عدم تزويد الوكالة بتسجيلات كاميرات المراقبة.

وأكد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي الأربعاء أنه "ليس لدى إيران اي انشطة نووية سرية وغير مدونة ومواقع أو أنشطة مجهولة الهوية... الوثائق التي تم تقديمها مزورة وهي خطوة سياسية للضغط الأقصى على طهران"، وفق وكالة "إرنا".

ورأى أن "التحرك الأخير للدول الاوروبية الثلاث وأميركا وتقديم مسودة قرار ضد إيران هو في الواقع خطوة سياسية تتماشى مع سياسة الضغط الأقصى".

ويحض مشروع القرار الغربي إيران على التعاون التام مع الوكالة، وهو الأول من نوعه منذ تم تبني إجراء مشابه ضد طهران في حزيران/يونيو 2020.

ويشجع البيان المشترك "إيران على وقف تعزيز برنامجها النووي وابرام الاتفاق الموجود على الطاولة بشكل عاجل"، في إشارة الى ما تم التفاهم عليه في مفاوضات إحياء اتفاق 2015.

وأبدت الدول الغربية امتعاضها جراء الجمود الذي طرأ على محادثات إحياء اتفاق 2015 منذ آذار/مارس، لاسيما مع مواصلة إيران أنشطتها النووية وعدم توضيح مسألة المواقع غير المعلنة.

وأتى مشروع القرار الغربي بعد تقرير للوكالة الدولية الشهر الماضي، أكدت فيه عدم الحصول على "توضيحات" بشأن آثار يورانيوم مخصب عثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة في إيران.

وتوقع دبلوماسيون أن يصوّت مجلس محافظي الوكالة الدولية على النص في وقت لاحق الأربعاء أو الخميس.

وفي تقرير منفصل، أكدت الوكالة أن إيران باتت تملك مخزونات كبيرة من اليورانيوم المخصب، بكميّات ونسب تخصيب أعلى بكثير من تلك المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015.

وحذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي الإثنين من أن "مجرد أسابيع قليلة فقط" تفصل إيران عن الحصول على مواد كافية لصنع سلاح نووي اذا استمرت على هذا المنوال في تخصيب اليورانيوم، وهو ما تنفي إيران باستمرار سعيها إليه.

وقالت الحكومات الغربية الأربع في بيان مشترك ليل الثلاثاء إن برنامج ايران النووي الآن "أكثر تقدما من أي وقت مضى"، وأن مراكمة إيران لليورانيوم المخصب ليس "مبررًا على نحو موثوق للاستخدامات المدنية".

وانطلقت المحادثات الرامية إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي في نيسان/أبريل 2021، وحققت تقدما كبيرا قبل أن يطالها الجمود في آذار/مارس، مع تبقي نقاط تباين بين الطرفين الأساسيين طهران وواشنطن.

وحذّر مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي يتولى تنسيق المحادثات في تغريدة نهاية الأسبوع الماضي من أن فرص العودة إلى الاتفاق "تتقلّص".