طهران: وجهت صحف إيرانية الخميس انتقادات نادرة الى "الشرطة الأخلاقية" المكلّفة التحقق من تطبيق القواعد الإسلامية، بعد تداول شريط مصوّر يظهر سيدة تناشد عناصرها ترك ابنتها.
وأتت هذه الانتقادات في وقت يتجدد النقاش العام بشأن إلزامية وضع الحجاب، في ظل تقارير إعلامية محلية تؤشر الى أن الضوابط بشأن هذه المسألة تصبح أكثر صرامة من ذي قبل.
غطاء الرأس
وفي أعقاب انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، يلزم القانون النساء في إيران أيا تكن جنسيتهن أو انتمائهن الديني، تغطية الرأس والعنق.
لكن الهوامش بشأن هذه القواعد اتسعت بشكل تدريجي خلال العقدين الماضيين. وتعمد العديد من النساء الى وضع غطاء الرأس بشكل متراخٍ يكشف جزءا من الشعر، خصوصا في طهران ومدن كبرى.
وتراجع حضور أفراد "الشرطة الأخلاقية" بعيد وصول المعتدل حسن روحاني الى الرئاسة في 2013. لكن الأسابيع الأخيرة تشهد حضورا متجددا في عهد خلفه المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي.
ويظهر الشريط المصوّر الذي تم تداوله على نطاق واسع هذا الأسبوع على مواقع التواصل في إيران، سيدة محجبة تقف أمام حافلة صغيرة (فان) بيضاء اللون مخططة باللون الأخضر، تعود لـ"شرطة الأخلاق" (رسميا "شرطة الأمن الأخلاقي")، وهي تصرخ بأن ابنتها التي يعتقد أنها أوقفت داخل الحافلة، مريضة.
وبقيت السيدة متشبثة بالحافلة الصغيرة وتحاول وقفها بعدما بدأت التحرك بشكل بطيء، قبل أن يتم إبعادها في نهاية المطاف وتمضي الحافلة من المكان بشكل أسرع.
أوقفوا الشرطة الأخلاقية
ونشرت صحيفة "سازند" الإصلاحية رسما للمشهد على صفحتها الأولى، مرفقا بعنوان "أوقفوا الشرطة الأخلاقية".
وعكست صحف إصلاحية أخرى توجها مشابها، فقد دعت صحيفة "آرمان ملي" هذه الشرطة الى أن تكون "لطيفة"، بينما حذّرت صحيفة "شرق" من أن "السلام المدني هو في نقطة حرجة".
وانتشر الشريط المصوّر مطلع الأسبوع الحالي. ولا يمكن لوكالة فرانس برس التحقق من صحته بشكل مستقل.
الا أن شرطة طهران أكدت أن الحادثة حصلت في إحدى الساحات بغرب المدينة.
وقال مدير التفتيش في الشرطة حميد خروش "بعد الحادثة (...) تم التحقيق بالمسألة على الفور"، وفق وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" الخميس.
وأضاف "تم اتخاذ التدبير المسلكي بحق المسؤول عن هذه الدورية لسوء الإدارة"، متابعا "اليوم، تمت مواساة والدة هذه المواطنة، والمواطنة بدورها أعربت عن تقديرها للتعامل السريع مع هذه المسألة ومتابعتها".
ووجد النقاش حول المسألة والحجاب عموما، طريقه للساحة السياسية.
الخميني
ونشر حسن الخميني، أحد الوجوه الإصلاحية وحفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني، صورة المواجهة بين السيدة وحافلة الشرطة عبر حسابه على انستغرام الثلاثاء.
وأرفق الصورة بتعليق "أيا يكن هذا، هذا ليس توجيها، هذا ليس إسلاميا، هذا ليس حكيما ولا فائدة منه".
في المقابل، ركزت شخصيات محسوبة على التيار المحافظ، على ضرورة احترام القوانين المرتبطة بوضع الحجاب.
وشدد أحمد خاتمي، عضو مجلس خبراء القيادة المكلف انتخاب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، على أن "القانون يجب أن يطبّق".
وأضاف وفق ما أوردت وكالة "إيسنا" الخميس "للأسف، البعض لا يحترمن الحجاب وينزعن حتى الأغطية في الأماكن العامة، وهذا مخالف للقانون".
القوانين الإسلامية
وتتولى "الشرطة الأخلاقية" مهمة تطبيق القوانين الاسلامية في إيران. ويتواجد عناصرها في الشوارع ولديهم صلاحية دخول الأماكن العامة للتأكد مما اذا كانت هذه القوانين مطبّقة.
وتراجع حضور القوة الأمنية بعيد وصول روحاني للحكم في عام 2013، ووعدِه بضمان جانب أكبر من الحريات العامة.
وفي 2018، أكد روحاني أن "تعزيز القيم لن يتمّ من خلال العنف"، وذلك بعد انتشار شريط يظهر تعاملا شديدا من شرطة الأخلاق مع إحدى السيدات.
في وقت سابق من هذا الشهر، دعا رئيسي الذي خلف روحاني صيف العام الماضي، الى تطبيق قوانين وقواعد الحجاب في إيران "بشكل كامل".
وشدد على أن "أعداء إيران والإسلام" يستهدفون "الأسس الدينية وقيم المجتمع"، وفق ما نقلت عنه وكالة "إرنا" في الخامس من تموز/يوليو.
واعتبر أن "الاجراءات الضرورية والاحترازية يجب أن يتم اتخاذها"، داعيا المؤسسات المعنية الى "اتخاذ خطوات ممنهجة ومدمجة في هذا الشأن".
التزام الحجاب
ومطلع تموز/يوليو، أفادت وسائل إعلام محلية أن النساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب سيُمنعن من استخدام المترو في مشهد (شمال شرق)، ثاني كبرى مدن إيران والمقدسة لدى المسلمين الشيعة لاحتضانها مرقد الإمام الرضا.
كما أغلقت السلطات ثلاثة مقاهٍ في مدينة قم المقدسة جنوب طهران، لأن النساء لم يلتزمن بوضع الحجاب فيها، وفق ما أوردت صحيفة "همشهري".
التعليقات