إيلاف من بيروت: يعتزم رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن طرد توفيق الطيراوي، عضو قيادة فتح، من الحركة بتهمة الفساد لتسهيل الأمر على حسين الشيخ في معركة خلافة الرئاسة. لكن الطيراوي الذي كان رئيساً للمخابرات الفلسطينية يملك أسراراً كثيرة منها قضية وفاة ياسر عرفات، فهل يفتح صندوق الأسرار؟

دخلت معركة الخلافة على رأس السلطة الفلسطينية ذروتها، ويعمل حسين الشيخ، الخليفة المعين لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، على القضاء سياسياً على خصومه السياسيين في قيادة فتح، وعلى رأسهم توفيق الطرافي ومروان البرغوثي، عضوا اللجنة المركزية لحركة فتح، ويعتبران نفسيهما خليفتين لأبي مازن. ويخطط الشيخ لتولي قيادة فتح من خلال عقد المؤتمر الثامن الذي ينتخب مؤسسات الحركة.

كان الطيراوي الرئيس السابق للمخابرات الفلسطينية في الضفة الغربية، وهو اليوم عضو في اللجنة المركزية، لكن تقريراً صادرًا عن لجنة التحقيق التابعة للسلطة الفلسطينية يتهمه بالفساد.

مثال لمن يجرؤ

مرشح آخر هو مروان البرغوثي، مهندس الانتفاضة الثانية الذي يقضي عقوبة بالسجن المؤبد في سجن إسرائيلي. والبرغوثي هو عضو في اللجنة المركزية لفتح ومنافس لدود لأبو مازن وحسين الشيخ، في استطلاعات الرأي العام الفلسطيني يكتسب شعبية كبيرة بصفته خليفةً محتملًا لأبو مازن. وخلال العام الماضي، أعلن البرغوثي نيته الترشح للانتخابات المقبلة في السلطة الفلسطينية، وعمل أبو مازن وحسين الشيخ مع إدارة جو بايدن وإسرائيل لضمان عدم إطلاق سراحه في إطار تبادل الأسرى الأخير، من خلال اتهامه بالتعامل مع حماس وتخريبه التنسيق الأمني الفلسطيني مع إسرائيل والولايات المتحدة.

يقول مسؤولو فتح إن الشيخ نجح في إقناع أبو مازن بالتعامل أولاً مع الطيراوي وجعله مثالاً لكبار مسؤولي فتح ولكل من يجرؤ على تحدي قيادة أبو مازن. والخطة هي أن معاملة الطيراوي كما عامل أبو مازن محمد دحلان في عام 2011: اتهمه بارتكاب بالفساد وعزله من فتح ومقاضاته. فر دحلان إلى الأردن ومن هناك إلى الإمارات العربية المتحدة حيث يستقر اليوم. وسبق أن اتخذ أبو مازن بعض الإجراءات في الأسبوع الماضي ضد الطيراوي، إذ أقاله من رئاسة مجلس أمناء جامعة "الاستقلال" وحرمه من حراسه الشخصيين.

لإضفاء الشرعية على تنحية الطيراوي من قيادة فتح في الرأي العام الفلسطيني، حرص شخص على رأس الحركة على تسريب تقرير التحقيق الخاص باللجنة الخاصة بالسلطة الفلسطينية المنشأة للتحقيق في شبهات فساد الطيراوي. ويتناول التقرير جامعة "الاستقلال" التي ترأس الطراوي مجلس أمنائها حتى عزله، وهي أكاديمية عسكرية وأمنية يتدرب فيها عناصر قوى الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، تأسست في عام 2007. ويشتبه في تورط الطيرفي في مخالفات مهنية ومالية ومحاباة الأقارب. وكانت توصيات اللجنة هي عزله من منصبه كرئيس لمجلس أمناء الجامعة وتعيين أبو مازن مجلس أمناء جديد بالتشاور مع حسين الشيخ وماجد فرج. وكشف التقرير أيضًا عن تورط الجامعة في شراء عقارات وبناء فيلات في منطقة أريحا وبناء مزرعة لخلايا النحل.

أنكر المقربون من الطيراوي جميع الاتهامات الموجهة إليه، وادعوا أن السلطة تحاول تلفيق ملف ضده من منطلق أن كل من يعارض حسين الشيخ يُعزل من منصبه.

هل يفتح الطيراوي صندوق أسراره؟

كان الطيراوي رئيسًا للجنة تحقق نيابة عن السلطة الفلسطينية في ملابسات وفاة ياسر عرفات، وهي تتلقى ميزانية شهرية منذ عام 2004 من دون أي نتائج.

وتحذر مصادر في فتح من أن إطاحة طيراوي ستؤدي إلى نتيجة معاكسة، فهو يعرف الكثير من أسرار أبو مازن، وقد ينتقم منه إذا تم إبعاده عن قيادة فتح بفتح صندوق الأسرار، ومن هذه الأسرار الجواب عن السؤال المحير: من هو المسؤول عن وفاة ياسر عرفات؟

في ذلك الوقت، تبادل أبو مازن ومحمد دحلان الاتهامات بالمسؤولية عن وفاة عرفات. الآن، يقول مسؤولون كبار في فتح إن المتهم الرئيسي في موت عرفات هو طبيب أسنانه الدكتور سعيد دارس الطريفي، الذي كان نقيب أطباء الأسنان الفلسطينيين. ويقول فريق التحقيق أنه سمم عرفات بحقن السم في جسده مباشرة من خلال معجون الأسنان الذي استخدمه. وعندما جاء رجال الأمن الفلسطيني إلى منزله لاعتقاله بعد أشهر قليلة من وفاة عرفات، قيل لهم إنه توفي في ظروف غامضة، فأغلقوا التحقيق.

تفاصيل حصرية

وقدم مسؤولون كبار في فتح تفاصيل حصرية من التحقيق في مقتل عرفات. وذكر عزام الأحمد، عضو قيادة فتح، أن طبيب أسنان عرفات كان يأتي كل يوم إلى رام الله ويجلس بجانب قبر عرفات باكيًا، وفي تقديره قتل الطبيب لإخفاء حقيقة وفاة عرفات. وقال شقيق طبيب أسنان عرفات إن شقيقه كان بصحة جيدة وإن سبب وفاته نزيف مفاجئ في دماغه، وللوفات علاقات وثيقة بحسين الشيخ وأبو مازن.

وقال منتظر متصف الحاج المعروف بـ "أبو الربيعة" الذي كان مسؤولاً عن حرس عرفات للجنة التحقيق إن أقرب الناس إلى عرفات كان رئيس أركانه رمزي خوري الذي كان يدخل إلى غرفة نوم عرفات من دون أن يوقفه أحد، وهو الذي أتى بطبيب الأسنان إلى عرفات. وبحسبه، خوري مقرب جدا من أبو مازن. وبعد وفاة عرفات، عينه أبو مازن رئيسًا للصندوق الوطني الفلسطيني.

فهل يعرف الطيراوي من أرسل طبيب الأسنان للقضاء على عرفات؟ أهو أبو مازن؟ أم محمد دحلان؟ لماذا قُتل طبيب الاسنان؟ تشير التقديرات إلى أن الطيراوي يملك معلومات شديدة الحساسية عن كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية، كما يملك تسجيلات قد يستخدمه التصفية الحسابات.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "مركز القدس للشؤون العامة وشؤون الدولة" العبري