سكروندا (لاتفيا): عندما اندلعت الحرب في أوكرانيا، لم تتردد رئيسة مركز لتصميم الأزياء في لاتفيا ديتا دانوسا في الانضمام إلى قوات الاحتياط التابعة للجيش، فاستعاضت عن ملابسها الأنيقة ببزة عسكرية.

وقالت المرأة البالغة 49 عاماً لوكالة فرانس برس في حقل ميزاين للتدريب العسكري في غرب لاتفيا "شعرت حقيقة أن لا يمكنني الوقوف متفرجة واكتفي بمشاهدة التلفزيون".

أضافت "اتخذت القرار بالمشاركة وكان الحرس الوطني المكان المناسب لي".

منذ غزو الجيش الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير، تشعر دول البلطيق مثل لاتفيا التي لها حدود مشتركة مع روسيا، بقلق إزاء ما يمكن أن تفعله موسكو لاحقاً.

أدى هذا الخوف إلى ازدياد عدد المتطوعين، مثل دانوسا، أربعة أضعاف في قوة الاحتياط المعروفة بالحرس الوطني.

وقالت دانوسا أثناء مشاركتها في التدريبات "عندما بدأت الحرب باتت جميع القيم الأوروبية في خطر".

وبينما طمأنتها عضوية لاتفيا في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، قالت إنها شعرت بالتهديد "لأن العدوان الروسي لا يمكن التنبؤ به ولا نعلم ما قد يحصل".

وقالت وهي ترتدي الزي العسكري وتحمل كامل لوازمها إن لاتفيا لديها "تاريخ من الاحتلال". والجمهورية السوفياتية السابقة استقلت عام 1991.

الحرس الوطني

وموقع حقل ميزاين يحمل أهمية رمزية. فخلال الحرب الباردة كان مقراً لمحطة الرادار سكروندا-1، والتي كان يتعين على منشآتها أن تحذر الجيش الأحمر السوفياتي في حال هجوم صاروخي من دول الغرب.

وتخصص المنطقة حالياً، من بين استخدامات أخرى، لتدريب المقاتلين.

تأسس الحرس الوطني في 1991 وهو أكبر مكون في القوات المسلحة في بلد يعد 1,85 مليون نسمة.

يضم الحرس في عديده 9600 متطوع في أربعة ألوية، فيما يبلغ عديد الجيش 6000 جندي نظامي.

ورحب قائد الحرس الوطني إيغلز ليشنسكيس ب"الازدياد الكبير" في اهتمام المتطوعين وقال إن قلة منهم ينسحبون.

وأكد أنه تلقى قرابة أربعة آلاف طلب منذ مطلع 2022، مقارنة بمعدل ألف متطوع سنوياً.

نساء متطوعات

وقرابة 20 بالمئة من المتطوعين هذا العام من النساء.

وينخرط المتطوعون في 21 يوماً من التدريبات الأساسية التي تجري على مدى سبعة أسابيع خلال نهاية الأسبوع، يصبحون بعدها جاهزين للخدمة عند استدعائهم.

في أحد أيام السبت تلك كان قرابة 30 متطوعاً مزودين ببنادق ويرتدون بزات عسكرية، ينتظرون في صمت مطبق عند طرف غابة كثيفة.

والتواصل الوحيد فيما بينهم أثناء تلك التدريبات على مهاجمة قافلة، كان من خلال الإيماءات بالأيادي أو شدّ شريط.

ولدى وصول الآلية دوى إطلاق نار كثيف. بعد ثوان علا صوت بوق سيارة.

وأرخى السائق رأسه على المقود وكأنه قتل.

قال المجند رودولفز أبولتينز إن التدريب يشمل "كل شيء، من أساسيات البقاء على قيد الحياة إلى فهم معنى الحرب".

وأضاف "كيف نحمل السلاح أو حتى كيف نعرّف عن أنفسنا أو نتحدث مع الآخرين، وكيفية التعامل مع مواقف غير متوقعة في المجتمع وكذلك في الميدان".

تدريبات أساسية

وعلى غرار دانوسا، أنضم ابولتينز إلى الحرس الوطني بعد الغزو.

ورغم أنه لم يشعر بتهديد مباشر على لاتفيا، فإن "الفظائع" في أوكرانيا تعني أن "ما أقوم به الآن يمكن أن يكون مهما في المستقبل".

وقال لوكالة فرانس برس "كثيرون منا مسالمون. حملنا السلاح وبدأنا نتدرب على إطلاق النار لأننا نريد أن نكون قادرين على حماية أحبائنا".

وبعد التدريب الأساسي سيشارك في دورة لتحسين التواصل بين المدنيين والعسكريين.

وقد يرغب آخرون في الالتحاق بدورات في مجالات مثل الحرب المضادة للدبابات أو المساعدة الطبية أو التدرب على إطلاق النار بدقة على الأهداف الصغيرة جداً أو البعيدة.

وقال رجل الأعمال البالغ 35 عاماً والأب لطفلين جوريس كوكوليس: "قالت زوجتي إن شخصاً واحداً على الأقل من العائلة ينبغي أن ينضم للتدريبات والحصول على بعض المهارات الأساسية. ... فإذا حدث شيء ما، نعرف ماذا نفعل".