إيلاف من بيروت: تقول إندبندنت البريطانية إن انتفاضة الحجاب في إيران "استثنائية". نعم، إنها استثنائية بكل المقاييس. فخلافًا لكا الانتفاضات الملونة في تاريخ إيران ما بعد ثورة الخميني الإسلامية في 1979، كان الشأن السياسي – الاقتصادي هو المحرّك.

اليوم.. إنهن النساء قد خرجن من بيوتهن، من تقاليدهن المفروضة من شرطة الأخلاق، من ثيابهن "المشودرة"، ومن حجابهن الإجباري. خرجن على ولاية الفقيه الذي لا يفقه معنى الحرية، وعلى آيات الله كلها لأن آيات الكرامة أولى من نظام الملالي كله.

قصصن شعرهن، كما فعلت شقيقة جواد حيدري الي قتله رصاص القمع، التي قصت شعرها فوق قبره، وكأنها تقول له: "يا أخي، أنا مكانك، رجلًا بوجه هذه الطغمة من القتلى". وخرجن، فخرج معهن جيل من الشباب لم يعد يعرف معنى الخضوع. فما يحصل غير عادي. تقول افتتاحية إندبندنت إنها "لحظة تطور سياسي واجتماعي تتجاوز الاحتجاجات نفسها، وقد يكون لها تأثير عميق على المجتمع والسياسة الإيرانية لسنوات تالية".

أما "واشنطن بوست" فوصفت ما يجري في مدن إيران بأنه "تمرد وطني تقوده النساء ضد أجداد حكموا البلاد منذ أربعة عقود". واضافت الصحيفة الأميركية: "على الرغم من أن قوات الأمن الإيرانية تبدو كأنها تسيطر على الوضع، فإن مؤشرات هشاشة النظام الإيراني أكبر كثيرًا مما شوهد في الأسابيع التي سبقت ثورات الربيع العربي في مصر وتونس في عام 2010".

إنه نظام شمولي.. بلغ من الهشاشة اليوم مبلغًا عظيمًا.. مبلغ أن يوقف شاب رجلًا معممًا في الشارع... ويصفعه، ويشتمه، وقول له: "خربتم البلاد وضيعتم العباد". ما كان هذا ليحصل اليوم لو لم يرَ هذا الشاب أخته أو أمه أو رفيقة دربه تخلع الحجاب وترميه في نار مستعرة... قد لا تنطفئ قريبًا.

يرجح المراقبون أن الاحتجاجات قد لا تتوقف قريبًا، ويرجحون أيضًا ألا تصل إلى مرحلة تغيير النظام الحاكم في إيران، لكنها من دون شك ستهز عرش الخامنئي الفقيه، وولايته كلها. المسلم به اليوم أن انتفاضة الحجاب هذه ستؤسس لما لا يمكن الباسيج وقفه، مهما بلغ القمع من مستويات قاتلة.

فالشعب الإيراني قد خرج من قمقم قُم.