إيلاف من لندن: يترقب العراقيون نتائج معركة يتوقع ان يخوضها السوداني مع أكثر من 6 الاف من جيوش المستشاين وأصحاب الدرجات الخاصة فرضتهم الاحزاب السياسية خلال السنوات الماضية .
ومن المنتظر ان تتوزغ هذه المناصب وهي على مستويين الاول هم وكلاء الوزراء والمستشارون والثاني هم المدراء العامون على الاحزاب التي شاركت في الحكومة الحالية وفق معادلة محاصصية.
وتضم هذه المواقع رئاسة الهيئات المستقلة التي تفوق اعدادها هيئة والدرجات الرفيعة في الوزارات والمواقع الامنية مثل المخابرات والحشد الشعبي والامن الوطني حيث يشير تقرير لصحيفة المدى العراقية الليبرالية اليوم تابعته "ايلاف" الى ان اعداد هذه الدرجات الخاصة قد تضخمت عاما بعد اخر بسبب استخدامها كترضية للاحزابفيما تتناوب احيانا سيطرة الاحزاب عليها طبقا لقربها من رئيس الحكومة.

حزب المالكي متحفز والمليشيات طامعة

ووفق ذلك يحاول حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي هذه المرة اعادة سطوته على تلك المواقع الذي تراجع بسبب صعود حظوظ التيار الصدري في الاعوام الثلاثة الاخيرة.
كما تطمح بالمقابل الاحزاب الاخرى المنضوية في الاطار التنسيقي للقوى الشيعية الموالية لايران التي رشحت السوداني لمنصبه الحالي بالحصول على جزء من هذه الدرجات العليا.
ويتوقع التقرير حدوث انفجار بين تلك القوى من جهة والسوداني من جهة اخرى على اثر اشغال المناصب المهمة وخاصة الامنية التي تطمع بها فصائل مسلحة .

الدرجات الخاصة لكسب التأييد

وتعود جذور ازمة الهيئات المستقلة والدرجات الخاصة الى عهد حكومة نوري المالكي التي حكمت بين 2006 و2014 وحاول رئيس الحكومة خلالها ان يكسب التأييد الشعبي والحزبي عن طريق اختراع مناصب جديدة وتوسيع الهيئات لتكفي كل الطامحين بتلك المناصب.
وبسبب التقاطع بين الحكومة والبرلمان آنذاك فقد اضطر المالكي الى ان يسند تلك المناصب الى شخصيات بالوكالة ليتجنب الذهاب الى مجلس النواب.
وتحسب للمالكي براءة اختراع المناصب بالوكالة في كل جسد الدولة وهي مشكلة مزمنة حيث ماتزال هذه المواقع بنسبة تصل احيانا الى 100% تدار بالوكالة.

الدستور والدرجات الخاصة

وبحسب الدستور العراقي وخبراء القانون ان المواد 61 الفقرة 5 والمادة 80 الفقرة 5، تحدثتا عن آلية تعيين الدرجات الخاصة.
ووفق تلك المواد فانه يتم اشغال المناصب الخاصة عبر اقتراح من مجلس الوزراء على ان يصوت عليها مجلس النواب. اما التعيين بالوكالة فيمكن لرئيس الحكومة الجديد ان يلغي تلك التعيينات، بالمقابل يمكن للمتضرر اللجوء الى القضاء للطعن.
وحاول رئيسا الوزراء السابقَين حيدر العبادي وعادل عبد المهدي انهاء ملف ادارة الدولة بالوكالة لكنهما فشلا. فقد حل العبادي في 2015 "لجنة التوازن" التي كان يفترض ان توزع المناصب الخاصة على الاحزاب، واستبدلها بلجان اخرى لكنها في النهاية لم تنجح في حل المشكلة.
اما عادل عبد المهدي فقد اعلن في 2019 بانه توصل الى حسم "نصف اسماء الدرجات الخاصة بالوكالة" قبل ان يستقيل نهاية العام نفسه بسبب احتجاجات تشرين.
وبعد ذلك اعلن مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء السابق في حزيران يونيو 2020 لدى توليه رئاسة الحكومة عن تشكيل لجنة لانهاء ملف "الوكالات" على ان تنتهي في ايلول من نفس العام وقام خلال هذه الفترة بتعيين بدلاء في الهيئات المستقلة .

6 الاف وظيفة عليا

وفي ذلك الوقت كان الحديث عن 6 آلاف وظيفة فيما أكد مصدر سياسي رفيع لـ"المدى" ان "هذه الارقام تصاعدت الان بسبب التنافس على المناصب".. منوها الى انه لاتمكن معرفة الاعداد الدقيقة لموظفي الدرجات الخاصة لكنه اوضح انه في كل وزارة (عدد الوزارات في الحكومة الجديدة 23 وزارة) ما لايقل عن 500 درجة خاصة فضلا عن الهيئات المستقلة.
وبحسب موازنة 2021 وهي اخر موازنة اقرها البرلمان، فقد اظهرت الارقام وجود 511 موظفاً بدرجة (أ) وهي اعلى درجة وظيفية، و5030 بدرجة (ب) وهي ثاني اعلى درجة. اما الدرجات الخاصة وهم النواب والوزراء ومن هم بدرجتهم فلم تذكر اعدادهم الموازنة .

متحكمون بالدرجات الخاصة

وعن المتحكمين بهذه الوظائف يقول المصدر ان حزب الدعوة كان يسيطر بين عامي 2005 و 2018 على نحو 70% من تلك المواقع.
لكنه بين ان حظوظ حزب الدعوة قد تراجعت بعد تولي عبد المهدي رئاسة الحكومة في 2019 وبدأ التيار الصدري يأخذ مواقع جديدة حتى بات الان يسيطر على اكثر من نصفها مقابل اكثر من 30% للدعوة والـ10% المتبقية متفرقة للاحزاب الاخرى .

ابعاد التيار الصدري

وبحسب المصدر فان حزب الدعوة يحاول هذه المرة العودة الى الصدارة وابعاد التيار الصدري، لكنه تنافسه ايضا الفصائل التي اسست اجنحة سياسية بعد انتهاء الحرب ضد داعش أواخر عام 2017 .
وقد يتسبب هذا الامر في خلافات مع رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني الذي يطرح فكرة التريث 3 اشهر على الاقل وهي مرحلة تقييم قبل استبدال المواقع.
لكن بالمقابل هناك استعجال من الاحزاب فيما لاتوجد صيغة حتى الان في كيفية حساب توزيع الدرجات الخاصة: هل بطريقة التقسيم على غرار الوزارت (نظام النقاط)؟ ام أن هناك معادلة اخرى؟

تنافس

ويقول المصدر القريب من مكتب السوداني ان الاخير يُقلق الاحزاب فهو حتى الان لم يطرح معادلة للتقسيم ويبدو انه يريد كسر قيود الكتل المفروضة عليه ويختار بطريقة اكثر مهنية.
وكان التقسيم السابق للهيئات قد تضمن: 15 هيئة للشيعة، و11 بين السنة والكرد، وواحدة للمكون المسيحي.
وابرز الهيئات هي امانة مجلس الوزراء، النزاهة، المساءلة والعدالة (ويفترض ان تحل هذا العام بحسب اتفاق ين القوى السنية والسوداني)، الاوراق المالية وغيرها.
ويكشف المصدر ان فصائل مسلحة تطمع بموقع المخابرات والامن الوطني والحشد الشعبي.. مبينا ان فالح الفياض وهو رئيس الحشد ابدى اعتراضا شديدا على التنازل عن الموقع .

مخاوف

وبحسب نقاشات الاحزاب الشيعية وفق ما ينقله المصدر فهي تتجنب اعطاء هذه المناصب (الامنية) للفصائل المسلحة خوفا من تعكير العلاقة مع الدول الغربية التي يسعى الاطار مؤخرا الى تحسين صورته امامها .. لكنه يشير مستدركا الى ان "هناك التفاف على هذه المشكلة، فقد تتم تسمية اشخاص محسوبين على الفصائل المسلحة بهذه المواقع او يأتي الفياض برجل مقرب منه لادارة الحشد".
وكانت أكبر موجة للاستحواذ على تلك المناصب قد جرت في منتصف حزيران 2020، حين استبدلت احزاب 800 وظيفة خاصة بمؤيدين لها في وقت دخول قانون التقاعد الجديد آنذاك حيز التنفيذ.

جيوش المستشارين

ومن جهته يقول كمال كوجر عضو اللجنة المالية البرلمانية للمدى ان ارتفاع وانخفاض عدد الدرجات الخاصة يعتمد على طريقة عمل رئيس الحكومة .. موضحا ان رؤساء وزراء سابقين كانوا قد وضعوا جيوشا من المستشارين واخرون قرروا خفض تلك الاعداد بمجموعة صغيرة ومهنية والامر ينسحب ايضا على باقي الرئاسات في اعداد المستشارين وموظفي الدرجات الرفيعة».
ورأى النائب ان انهاء ادارة المناصب بالوكالة فشلت في حلها الحكومات السابقة.. مشيرا الى ان حل هذه المشكلة في الحكومة الحالية يتعلق بمدى قدرة السوداني والاحزاب على اعطاء الاخير مساحة حرية في إجراء تغييرات حقيقية.