المنامة: يخصّص البابا فرنسيس الجزء الأكبر من يومه الثاني في البحرين لتعزيز الحوار مع الإسلام، غداة دعوته إلى احترام حقوق الإنسان والعمال والحرية الدينية، ومطالبته بإنهاء عقوبة الإعدام المطبقة في المملكة الخليجية.

وجاءت الزيارة، وهي الثانية للبابا إلى شبه الجزيرة العربية منذ رحلته التاريخية إلى الإمارات عام 2019، على وقع انتقادات منظمات حقوقية لسياسة التمييز التي تطال ناشطين ومعارضين سياسيين في البلاد التي شهدت اضطرابات في أعقاب تظاهرات مطالبة بتغيير نظام الحكم في 2011.

ويلقي الحبر الأعظم صباح الجمعة كلمة في الجلسة الختامية لملتقى البحرين للحوار "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"، الذي افتتح أعماله الخميس، بحضور مسؤولين وشخصيات دينية بارزة من الشرق الأوسط.

وقال وزير شؤون الإعلام رامز بن عبدالله النعيمي إن بلاده "اختبرت الخميس لحظة تاريخية"، بدءاً من ملتقى الحوار الذي يحضره أكثر من مئتي رجل دين وصولاً الى زيارة البابا.

برنامج الزيارة

ويلتقي البابا بعد الظهر شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب الذي كان في استقباله الخميس الى جانب العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة في قاعدة الصخير الجوية. ووقع المرجعان الدينيان عام 2019 في أبوظبي وثيقة تاريخية حول الأخوة الإنسانية.

وعند الرابعة والنصف عصراً (13,30 ت غ)، يتحدّث البابا أمام "مجلس الحكماء المسلمين" في مسجد القصر الملكي، ثم خلال صلاة مسكونية في كاتدرائية سيدة العرب، أكبر كنيسة كاثوليكية في الخليج، افتتحت في نهاية عام 2021.

وقال الملك البحريني في كلمة ألقاها خلال استقبال البابا في باحة قصر الصخير الملكي "يطيب لنا بهذه المناسبة أن نسجل تقديرنا الكبير لدوركم المؤثر والمشهود له على صعيد تقريب الشعوب لإحياء حضارتنا الإنسانية التي نتحمل جميعاً مسؤولية حمايتها وتنميتها، عبر ترسيخ قيم العدالة والمحبة والسماحة والاحترام المتبادل من أجل هدف نشر السلام في أرجاء العالم".

إلغاء عقوبة الإعدام

وكانت تسع منظمات حقوقية بينها هيومن رايتس ووتش قالت قي بيان مشترك الثلاثاء إنه يتعيّن على البابا فرنسيس "مطالبة البحرين علناً بوقف تنفيذ جميع الإعدامات، وإلغاء عقوبة الإعدام، والتحقيق بجدية في مزاعم التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة". كما حثّته على المطالبة بـ"الإفراج عن كل من سُجن جرّاء ممارسة حقه في حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي والتعبير".

في خطابه الأول الذي ألقاه أمام كبار المسؤولين ودبلوماسيين، دعا البابا الى ترجمة الالتزامات بقضايا الاحترام والتسامح والحرية الدينية المنصوص عليها في الدستور البحريني. وشدد على أهمية "الاعتراف، لكل جماعة ولكل شخص، بكرامة متساوية، وفرص متكافئة وحتى لا يكون تمييز ولا تُنتهك حقوق الإنسان الأساسية، بل يتم تعزيزها".

وأضاف "أفكر قبل كل شيء في الحق في الحياة، ضرورة ضمانه دائماً، حتى عند فرض العقوبات على البعض، حتى هؤلاء لا يمكن القضاء على حياتهم"، في إشارة ضمنية الى عقوبة الإعدام.

الزيارة التاسعة والثلاثين

ويخصّص البابا الذي يعاني من آلام مزمنة في الركبة تجبره على التنقل على كرسي متحرك، يوم السبت للقاء أتباع الطائفة المسيحية الكاثوليكية الذين يُقدّر عددهم بنحو 80 ألف شخص، يتحدرون بشكل رئيسي من جنوب شرق آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط ومن دول غربية.

وهذه الزيارة التاسعة والثلاثين للبابا الى الخارج منذ انتخابه على سدّة الكرسي الرسولي عام 2013، إذ شملت جولاته أكثر من عشر دول ذات غالبية مسلمة، بينها الأردن وتركيا والبوسنة والهرسك ومصر وبنغلادش والمغرب والعراق.

وقالت ريما رجا وهي سيدة أعمال بحرينية شاركت في استقبال البابا في القصر الملكي لوكالة فرانس برس "كبحرينية، إنه لأمر مشرف. تشرّفنا بهذه الزيارة. بلدنا بلد تسامح وتعايش ونحن سعداء للغاية باستضافة البابا".