واشنطن: يرى مراقبون أن الاتهامات بحصول تزوير انتخابي بدون أي أساس لم تصل الى المستوى الذي كان هناك تخوف منه بعد انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة، إذ إن العديد من أنصار دونالد ترامب كبحوا هذا الخطاب الذي أساء الى الجمهوريين.

كانت عدة مؤسسات أبحاث تخشى فترة اضطرابات ما بعد الانتخابات والتي كان يمكن ان تؤدي الى أعمال عنف في بلد لا يزال تحت وطأة صدمة الهجوم العنيف على الكابيتول من قبل أنصار الرئيس الجمهوري السابق في 06 كانون الثاني/يناير 2021 في واشنطن.

لا سيما وأن ترامب وبعض مؤيديه بدأوا في استغلال بعض الحوادث المعزولة في مراكز الاقتراع، خصوصاً في أريزونا، للتنديد مرة أخرى بدون دليل بحصول تزوير لصالح الديموقراطيين كما حصل بعد الانتخابات الرئاسية عام 2020.

لكن يبدو أن حملة المعلومات المضللة تلاشت بعد هزيمة العديد من المرشحين الذين ساندهم ترامب في الانتخابات.

تخفيف حدة الخطاب

وحسب "زيغنال لاب" الشركة التي تراقب نشاط الإنترنت، كان هناك 600 ألف إشارة الى تزوير انتخابي أو أفكار مماثلة على تويتر خلال الأسبوع الذي تلا اقتراع 08 تشرين الثاني/نوفمبر، أي أقل بست مرات مما كانت عليه خلال الفترة نفسها بعد انتخابات 2020.

ويبدو أن دونالد ترامب الذي يستخدم بشكل متكرر منصته "تروث سوشال" (Truth Social) للقول بأن انتخابات 2020 "سرقت" منه، هو أيضاً امتنع عن ذكر ذلك خلال خطابه الذي أعلن فيه الثلاثاء أنه سيكون مرشحاً للمرة الثالثة للانتخابات الرئاسية لعام 2024.

قال مايكل كولفيلد الباحث في مركز بجامعة ولاية واشنطن إن "قسماً من الحزب الجمهوري يعتبر ان اعتماد هذه الروايات قد أضعف معنويات القاعدة الناخبة وخفف من المشاركة وأدى الى وصول مرشحين أقل كفاءة"، مضيفاً لوكالة فرانس برس أن "هذا القسم من الحزب بحاجة للحديث عن هذه الخسائر لكي يعرض حججاً من أجل الوصول إلى قيادة جديدة للحزب".

في الواقع، فإن "المد الأحمر"، لون الحزب الجمهوري الذي توقعه المحافظون ومراقبون، لم يحصل خلال انتخابات منتصف الولاية، مع احتفاظ الديموقراطيين بفارق ضئيل بمجلس الشيوخ ولم يخسروا إلا بفارق طفيف مجلس النواب.

نكسة أخرى

في نكسة أخرى، فشل العديد من المرشحين المدعومين من دونالد ترامب في السباقات على مقاعد محلية كوزير دولة - وهي مناصب مهمة لانها تخولهم الإشراف على الانتخابات، خصوصا في ولايات حاول الرئيس السابق قلب النتيجة فيها في 2020.

وقالت باميلا سميث رئيسة منظمة "فيريفايد فوتينغ" (Verified Voting) غير المحازبة، لوكالة فرانس برس إن "الناس أوضحوا من خلال تصويتهم أنهم لا يريدون مرشحين يرفضون نتائج الانتخابات، للاشراف على عمليات الاقتراع، وخصوصاً في الولايات المتنازع عليها حيث كان ذلك ممكناً".

أدت النتائج المتفاوتة للجمهوريين الى مراجعة حتى في صفوف التيار المتشدد في الحزب في أريزونا حيث خسرت كاري ليك المرشحة المدعومة من ترامب السباق لمنصب حاكم الولاية.

وقالت ويندي روجرز السناتور الجمهورية عن الولاية "نتساءل الآن عما إذا كنا نضخم الأفكار" نفسها عبر التكرار، في إشارة كما يبدو الى رسالة حزبها.

وترى كيت ستاربيرد المتخصصة في المعلومات المضللة والأستاذة المساعدة في جامعة ولاية واشنطن أنه أمر "جيد" ان يكون بعض المؤثرين اليمينيين يبتعدون عن مزاعم لا أساس لها عن تزوير انتخابي.

وقالت إنهم "يشعرون ربما بانها ليست استراتيجية سياسية ناجحة".

لا تستحق العناء

لكن بحسب محللين فان أثر الخطابات التي ترفض نتائج الانتخابات لم يضعف رغم كل شيء ويمكن أن يأخذ زخماً جديداً قبل الانتخابات الرئاسية في 2024.

هم يعتبرون خصوصاً أنه خلال انتخابات منتصف الولاية، حرم ترامب من من جمهور يبلغ مجموعه مئة مليون شخص على وسائل التواصل الاجتماعي لانه لا يزال ممنوعاً من استخدام تويتر وفيسبوك.

والعدد على شبكته "تروث سوشال" أقل بكثير (4,5 ملايين شخص).

ويقول مايكل كولفيلد، "يستمر المحرك (التآمري) في العمل وإذا قرر المؤثرون الخوض فيه، فإننا سنعود على الفور الى نقطة البداية".

وأضاف "في الوقت الراهن قرر كثيرون أن اللعبة لا تستحق كل هذا العناء على الأمد الطويل. سنرى ما إذا كان ذلك سيصمد مع خوض ترامب حملة عام 2024".