ايلاف من لندن : حذر مدير مكتب الكاظمي رئيس جهاز المخابرات العراقي السابق من حملة سياسية واعلامية للتنمر ضد مسؤولي الحكومة السابقة، معتبرا ان الاتهامات التي توجه لهم خارج القضاء باطلة وغير اخلاقية.
وقال رائد جوحي، مدير مكتب مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء السابق ورئيس جهاز المخابرات سابقا، في بيان تسلمت "ايلاف" نسخة منه اليوم، ردا على اتهامات تضمنها برنامج تلفزيوني لقناة عراقية أمس ضد مقربين منه موجها اتهامات له بعمليات فساد خلال ترؤسه جهاز المحابرات وتلقيه رشوة بمائة مليون دولار، إن هذه الاتهامات تشكل حملات تجاوز مروعة على الثوابت القانونية والوطنية والأخلاقية.
وشدد جوحي على انه سيستخدم "حقه القانوني بمقاضاة شاملة" للقناة ومقدم البرنامج "أحمد ملا طلال" وفقاً للاليات الدستورية والقانونية.
وكان الكاظمي قد عين أحمد ملا طلال ناطقا باسمه لدى تسلمه رئاسة الحكومة العراقية الجديدة في يونيو 2020، الا انه استقال من منصبه في نوفمبر من العام نفسه، ودأب على مهاجمة الكاظمي وحكومته وكيل الاتهامات ضدهما.
في تغريدته التي اعلن فيها استقالته، قال ملا طلال: "كانت مَهمّةً دقيقةً وحسّاسة، كلّفني بالتصدّي لها رجلٌ وطنيّ، صادقُ النوايا، يسعى إلى تحقيقِ مشروعٍ طَموحٍ بمعيّة فريقٍ جريءٍ متحمّسٍ مخلص، له فهمه للواقع. فكانَ فَهمي مُغايرًا".
وأضاف "سأبقى مستمرًا في خدمةِ بلدي وقضيّتي، من مكانٍ وفي مجالٍ آخرَين".
خروقات وأفتراءات بالجملة
اشار جوحي في بيانه الى إنه "في إضافة جديدة لسلسلة الخروقات والتجاوزات المهنية والأخلاقية التي باتت سمة بعض البرامج التلفزيونية للأسف شهدت حلقة برنامج "مع ملا طلال" من قناة "UTV" أمس الاحد خروقات وأكاذيب وافتراءات بالجملة".
واضاف ان "القناة سمحت لنفسها من دون تدقيق (وهو واجب قانوني عليها) ان تسوق اكاذيب احد افراد عصابة نصب واحتيال معروفة، اعتقل معظم اعضائها في عام 2020 بعد اكتشاف عملية نصب تمت في مدينتي السليمانية واربيل طالت شخصيات هامة".
وأوضح "ان العصابة انتحلت صفات لشخصيات عالية المستوى وقيادات مهمة حالية وفي الحكومة السابقة كما استهدفت ضحايا من مختلف فئات المجتمع". ونوه الى ان "اعضاء العصابة المحترفة بعد القاء القبض عليهم اعترفوا بالجرائم المرتكبة امام السلطات القضائية المختصة وان التحقيقات معهم تمت بتعاون السلطات الاتحادية وسلطات اقليم كردستان كما استعيدت العديد من الاموال التي حصلوا عليها بطريق الاحتيال".
وأضاف ان المدعو المدان (دابان احمد كريم) وهو احد افراد العصابة الذين القي القبض عليهم وحكم بالسجن 11سنة في قضيتين والذي سوقت القناة المذكورة له ضاربة عرض الحائط بكل معايير المهنية لم يسبق له اجراء اي لقاء مع المدير السابق لمكتب رئيس الوزراء القاضي رائد جوحي الذي لم يزر اربيل في الفترة المشار اليها من الاساس، كما ان مكتب رئيس الوزراء ليس معنياً وظيفياً لا بقرارات رخص الهاتف النقال ولا بقضية اعتقال عصابة النصب والاحتيال الا من خلال الاطلاع.
وأكد المسؤول السابق ان "شركة اسيا سيل وحسب المعلومات المتوفرة قامت بتسديد كافة الديون المستحقة للدولة قبل الحصول على اجازة الرخصة الرابعة وحسب المراسلات الرسمية والقانونية لهيئة الاعلام والاتصالات وهي مدعوة بدورها وباقي المؤسسات المعنية الى توضيح الحقائق والتوقف عن الصمت امام الانحدار الاعلامي الحالي لبعض وسائل الاعلام للاسف الذي تقف خلفه في الغالب اغراض ابتزاز مالي وسياسي لاموال الدولة".
اتصال مع مدان من داخل سجنه
اعتبر جوحي أن "اجراء البرنامج مقابلة هاتفية مع احد المدانين في قضية احتيال كبيرة من داخل السجن من دون اشعار وموافقة السلطات انما يعكس بدوره مستوى التجاوز على مؤسسات الدولة ويكشف الفساد الحقيقي الذي يسمح لقناة تلفزيونية بايصال هاتف نقال الى سجين مدان بتهم مخلة بالشرف واستقطابه للحديث في الفضاء العام وتزييف الحقائق من دون رادع، لمجرد تنفيس خصومة سياسية او شخصية او انتقام".
وأكد بالقول"إننا سنقوم باستخدام حقنا القانوني بمقاضاة شاملة لهذه القناة ومقدم البرنامج وفقا للاليات الدستورية والقانونية".
التنمر ضد مسؤولين سابقين
أضاف "أن العراق بلد مؤسسات وقوانين حاكمة وأن تعاظم ظاهرة التنمر في وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام على الدولة واستمراء توجيه الاتهامات الباطلة لأفراد أو مسؤولين سابقين يمثل طعناً في أسس العدالة ناهيك عن الطعون المهنية والأخلاقية التي باتت مستشرية على نطاق غير مسبوق، وأن كل ذلك يستدعي أن تكون مؤسسات الدولة القانونية حاضرة لوقف هذا الانهيار ووضع القانون في نصابه وإيقاف حملات التجاوز المروعة على الثوابت القانونية والوطنية والأخلاقية".
ولم ترد القناة العراقية ولا ملا طلال على بيان جوحي لحد الان كما لم يتسن بعد معرفة موقفهما من انهامات جوحي لهما بـ"الخروج عن الثوابت المهنية والاخلاقية".
كما رفض جهاز المخابرات الذي يتولى الاشراف عليه حاليا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني "تعرض قياداته وضباطه ومنتسبيه إلى استهداف عبر تقارير وأخبار كاذبة". وقال الجهاز في بيان مماثل تابعته "ايلاف" انه يواجه "حملات إعلامية مضللة تقودها وسائل اعلام ومحللون ومدونون في مواقع التواصل الاجتماعي استهدفت قياداته وضباطه ومنتسبيه وسوّقت تقارير وأخبار كاذبة وملفّقة ومفبركة وغير دقيقة تسعى للتشكيك بمهنيته وكفاءته وقدرته على تنفيذ مهامه الدستورية".
أضاف انه "في الوقت الذي يدين فيه الجهاز هذه الحملات المحمومة يؤكّد أنها تكشف عن جهل مركّب بمقتضيات المصلحة الوطنية أو خضوع لاجندات خبيثة لا تريد الاستقرار للعراق وأهله وتحاول تضليل الرأي العام وثني الجهاز عن مواصلة مسيرة عطائه وانجازاته الاستخبارية النوعية التي أطاحت بقيادات الخط الأول للجماعات الإرهابية وأحبطت الكثير من المخططات التخريبية والإجرامية وهو ما جعل الجهاز هدفاً للمتضررين من دوره الفعّال في حماية الأمن القومي العراقي".
وشدد جهاز المخابرات على ان "معالجة مواضع القصور أو التقصير في الأجهزة الأمنية والاستخبارية لا تتم من طريق وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بل من خلال اجراءات إدارية وقانونية وقضائية قائمة على أدلة وإثباتات وتقييمات موضوعية".
وقال جهاز المخابرات الوطني انه "إستناداً إلى ذلك فأنه يؤكد أنه سيتخذ جميع الاجراءات القانونية بحق من يحاول تشويه سمعته أو النيل من ضباطه ومنتسبيه"، داعيا جميع الجهات الاعلامية والنخب السياسية والثقافية والاعلامية "الى توخي الدقة وعدم الانجرار خلف معلومات مضللة هدفها إضعاف المؤسسة الأمنية عموماً وجهاز المخابرات على وجه الخصوص".
وكان رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي قد ترأس جهاز المخابرات في عام 2016 واحتفظ برئاسته بعد توليه رئاسة الحكومة في يونيو 2020، ثم كلف مدير مكتبه رائد جوحي برئاسة الجهاز في يوليو 2022، إلى أن اعفاه السوداني من منصبه خلال الشهر الحالي ووضع الجهاز تحت اشرافه شخصيا.
حملة لتحميل الكاظمي مسؤولية اخفاقات الحكومات السابقة
يشار الى أن الجيوش الالكترونية والاعلامية اضافة الى البرلمانيين والسياسيين التابعين لقوى الاطار التنسيقي المولية لايران تشن منذ اخفاقاتها المدوية في الانتخابات المبكرة التي جرت في اكتوبر 2021 حملة شعواء ضد الكاظمي وكبار مساعديه، في محاولة لتحميلهم اخطاء جميع الحكومات السابقة التي تشكلت بعد سقوط النظام السابق وترأستها شخصيات من تلك القوى.
في الوقت نفسه، تتجاهل تلك الاطراف موجة الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية الواسعة التي انطلقت في العاصمة العراقية بغداد ومحافظات في وسط وجنوب البلاد اواخر عام 2019 للمطالبة بمحاربة الفساد وتوفير الخدمات وفرص العمل أوقعت حوالي 600 قتيلا من المتظاهرين و20 الفا من الجرحى وارغمت رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي على الاستقالة وتشكيل الكاظمي للحكومة في الثامن من مايو 2020 مكلفا باجراء انتخابات مبكرة استجابة لمطالب المحتجين وهي الانتخابات التي اكدت وقوق العراقيين ضد ممارسات القوى السياسية التي هيمنت على شؤون البلاد وأوصلتها الى الحال المزري الذي آلت اليه.
وبعد الانتكاسة الكبيرة التي منيت بها تلك القوى الموالية لايران والمتهمة بزرع بذور الفساد ونهب الاموال خلال الانتخابات المبكرة فأنها قد باشرت حملة واسعة للتهرب من مسؤوليتها عن الاوضاع التي انحدرت اليها البلاد بتعليق جميع اخطائها على شماعة الحكومة التي ترأسها الكاظمي وقادت الى انتخابات اشادت بنزاهتها الامم المتحدة وهو امر لم يرض تلك القوى التي رفضت نتائجها وبدأت بكيل الاتهامات للحكومة السابقة بشكل تجاوز جميع الاعراف الرسمية والقانونية وسط صمت من حكومة السوداني التي كلفه الاطار التنسيقي برئاستها.
موالو ايران يهاجمون "الحضن العربي"
وصلت محاولات شيطنة الكاظمي الى حد مهاجمته بحجة قيادته انفتاح العراق على شقيقاته من الدول العراقية، وهو امر دفع النائبة سهيلة السلطاني عن كتلة الصادقون النيابية الجناح السياسي لمليشيا عصائب اهل الحق بزعامة قيس الخزعلي في 3 يونيو 2022 الى القول ان "انحياز" الكاظمي إلى "الحضن العربي" أتاح "لدول الخليج التدخل السافر بشأن العراق الداخلي".
الكاظمي والى يمينه الشيخ محمد بن زايد والملك عبد الله الثاني والرئيس عبدالفتاح السيسي خلال قمتهم في العقبة الاردنية في 25 مارس 2022
وهددت النائبة باللجوء الى المحكمة الاتحادية، اعلى سلطة قضائية في البلاد، فور انتهاء ولاية الكاظمي "لإلغاء كل الاتفاقيات التي قام بها مع دول الخليج".
وكان الكاظمي، وفور توليه رئاسة الحكومة العراقية في مايو 2020، قد انتهج سياسة التهدئة في المنطقة وعمل على جعل بغداد حاضنة للقاءات عربية واقليمية عملت على تهدئة الاوضاع فيها وخاصة احتضان بغداد لحوار سعودي - ايراني في خمس جولات ساعدت على نزع فتيل النزاع بينهما واسست لامكانية اعادة العلاقات بين البلدين وفتح سفارتيهما في عاصمتيهما.
كما حقق انفتاح العراق على الدول العربية تأمين حدود البلاد ضد الجماعات الارهابية، والدخول مع دول الجوار في اتفاقات سياسية وتنموية واقتصادية عملت على استعادة دور العراق الريادي في المنطقة ثم انخرط في مجلس تعاون مع كل من مصر والاردن.
التعليقات