منطقة دونيتسك (أوكرانيا): على الرغم من نقص المعدات والذخيرة، يقول فولوديمير ريغيشا الذي يقود ميليشيا من المقاتلين المتطوعين في شرق أوكرانيا، إنه مستعد "للقتال حتى النهاية" ضد الجيش الروسي ولا يخطط أبدًا "للاستسلام".

منذ 2014، كان زعيم "وحدة سانتا" يقاتل في حوض دونباس الأوكراني. في البداية ضد الانفصاليين الذين سلحتهم موسكو ثم منذ نهاية شباط/فبراير ضد الجيش الروسي.

يقول ريغيشا ذو اللحية الرمادية لوكالة فرانس برس إن "الدافع بسيط. جاء عدو إلى أراضينا ولم يعد هناك ضرورة لدوافع أخرى" للقتال.

واضاف وهو يدخن سيكارته بينما يسمع دوي الانفجارات من بعيد "بالنسبة لنا، النجاح يترجم في الواقع بأننا لم نضطر للتراجع. نحن ندافع عن مواقفنا بأسناننا".

ويؤكد ريغيشا الذي كان هاتفه يرن باستمرار ليتلقى رسائل من الجبهة للاستعلام عن الموقف، "ستهدأ الأمور"، قبل أن يلتزم صمتاً طويلاً.

وطنيون

كان هذا الجندي المتطوع البالغ من العمر 48 عامًا يقاتل في دونباس منذ ثماني سنوات، عندما تم تشكيل ميليشيات من المدنيين لمقاومة التمرد المسلح الموالي لموسكو في شرق البلاد.

ويوضح سيرغي زغوريتس المحلل المقيم في العاصمة الأوكرانية، أن "ظهور كتائب المتطوعين هذه كان له دور إيجابي" بالنسبة لكييف، معتبراً أن ذلك "كان رد فعل طبيعي من المجتمع على التهديد الذي نشأ".

ويرى عدد كبير من المقاتلين مثل ريغيشا ان هذه الميليشيات هي أسرع طريقة للقتال على الخطوط الأمامية، بالسلاح، من دون انتظار تجنيدهم رسميًا في الجيش النظامي.

ومنذ ذلك الحين، تم دمج العديد من هذه الكتائب تدريجياً في الحرس الوطني، تحت قيادة القوات المسلحة، في محاولة لإضفاء طابع احترافي على القوات. وتم استبعاد العناصر الذي يعتبرون الأكثر تطرفا من هذه الوحدات.

وفي البداية انضم ريغيشا الى صفوف كتيبة "برافي سيكتور" القومية المتطرفة، قبل أن ينسحب منها ويؤسس "وحدة سانتا" التي لا يزال يقودها حتى اليوم.

ومع ذلك، فقد طغت الخلافات على تاريخ المجموعة إذ اتهم البعض وحدة ريغيشا بأنها تضم عدداً كبيراً من أعضاء اليمين المتطرف.

وهذه التأكيدات كررها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي برر مرارًا غزو أوكرانيا بضرورة "تخليصها من النازيين".

وينفي ريغيشا رسمياً هذه الاتهامات، واصفًا نفسه - ومقاتليه - بالوطنيين.

وانتقد الخطاب الذي تستعمله موسكو ضدهم. وقال "إذا أحب الروس بلدهم، فهم +يحبون الوطن الأم+ لكن عندما يحب الأوكراني بلده، فإنه يُعتبر قوميًا أو حتى نازيًا".

لا يعملون معًا

وفي غياب لائحة رسمية لإحصاء المقاتلين، يصعب معرفة العدد الدقيق لأفراد هذه الميليشيا. وقال ببساطة إن لديه "عدداً كافياً" من المقاتلين، بما في ذلك أجانب ومن أصحاب الاحتياجات الخاصة وحتى كبار السن.

ويقول أحدهم ويلقب بـ"الجد" داخل المجموعة ويبلغ من العمر 71 عاماً، انه لم يتم قبوله في الجيش. ويضيف "لهذا التحقت بكتيبة المتطوعين هذه".

يعتبر ريغيشا جهود رجاله مفيدة للجيش الأوكراني، على الرغم من أنهم لا يعملون معًا.

في شباط/فبراير، عندما شنت موسكو هجوماً شرساً باتجاه كييف، توجه ريغيشا ورجاله بسرعة إلى العاصمة للدفاع عنها. لكن القيادة العسكرية طلبت منهم العودة إلى دونباس للدفاع عن المنطقة التي تطمح روسيا إلى انتزاعها، وهذا ما فعلوه.

ويصر على أن "الحرب مستمرة هنا منذ ثماني سنوات لهذا السبب لم تكن هناك صدمة أو ذعر. فقد كنا مستعدين للدخول فيها".

من جهة أخرى، يعني وجود الميليشيا بموازاة الجيش أن "وحدة سانتا" لا تستطيع الحصول سوى على القليل جداً من الأسلحة والذخيرة الثقيلة.

معاملة مماثلة

وتذكر قصة ريغيشا بكتيبة آزوف، وحدات المتطوعين التي تم دمجها بالجيش الأوكراني في 2014 ودافعت لأسابيع في الربيع عن مجمع الصلب في آزوفستال في ماريوبول (جنوب).

وهذه المقاومة التي لم يتكن تملك سوى القليل من الأسلحة والذخيرة، أكسبت عناصر "آزوف" ثناء العديد من الأوكرانيين الذين يفخرون بصمودهم أمام القوة النارية الروسية.

لكن ريغيشا يقول إنه تذكر شيئاً آخر هو شهادات مقاتلين أُسروا في الحرب وتحدثوا عن حرمان من الطعام وتعذيب أثناء احتجازهم في السجون الروسية.

ويقول "بات من الواضح أنه يجب ألا نسمح بأسرنا"، مؤكداً قناعته بأن معاملة مماثلة أو حتى أسوأ من ذلك، ستكون بانتظار المقاتلين إذا اعتقلوا.

وأكد ريغيشا "سيكون ذلك موتاً طويلاً ومؤلماً (...) لا أحد منا يستطيع الاستسلام. (...) علينا القتال حتى النهاية".