كييف (أوكرانيا): أعلنت موسكو الأربعاء أنّ 89 من عسكرييها قُتلوا ليلة رأس السنة في ضربة صاروخية أوكرانية استهدفتهم في ماكيفكا في شرق أوكرانيا، مع تزايد الضغوط على القيادات العسكرية.

وأكدت هيئة الأركان العامة الأوكرانية أنها نفذت هذه الضربة وأعلن قسم الاتصالات الاستراتيجية في الجيش الأوكراني أن الحصيلة أكبر مما أعلن عنه في صفوف الروس، وتبلغ 400 قتيل و300 جريح. لكن هيئة الأركان لم تؤكد هذا العدد.

فجر الأربعاء بثّت وزارة الدفاع الروسية تسجيلاً مصوّراً قال فيه المتحدّث باسمها اللفتنانت جنرال سيرغي سيفريوكوف إنّ "عدد رفاقنا القتلى ارتفع إلى 89" بعد العثور على مزيد من الجثث تحت الأنقاض. في حين تحدثت الحصيلة السابقة عن 63 قتيلًا.

وأضاف سيفريوكوف "هناك حالياً لجنة تحقّق لجلاء ملابسات ما حدث، لكن من الواضح منذ الآن أنّ السبب الرئيس ... هو أنّ العسكريين شغّلوا واستخدموا على نطاق واسع هواتفهم المحمولة في منطقة تطالها أسلحة العدو، بما يتعارض مع حظر" استعمالها، ومن ثم نجحت القوات الأوكرانية في رصدهم واستهدافهم.

وهذه أكبر حصيلة في هجوم واحد اعترفت بها موسكو منذ بدء الهجوم في شباط/فبراير 2022 وتأتي بعد سلسلة من الانتكاسات العسكرية المحرجة التي منيت بها.

وذكرت وسائل الإعلام الروسية إن الضحايا جنود غير محترفين تمت تعبئتهم حديثًا.

وأثار الإعلان عن هذه الحصيلة الفادحة انتقادات جديدة للقيادة العسكرية الروسية على "عدم كفاءتها"، على لسان المراسلين الحربيين والمعلقين الروس.

"إفلات من العقاب"

دعت مارغريتا سيمونيان رئيسة قناة روسيا اليوم التي تتقدم وسائل الإعلام المروجة لسياسة الكرملين على الصعيد الدولي، إلى الإعلان عن أسماء الضباط الروس و"مدى مسؤوليتهم" في ما حصل.

وكتبت على تلغرام "حان الوقت لفهم أن الإفلات من العقاب لا يؤدي إلى اللحمة الاجتماعية. الإفلات من العقاب يؤدي إلى جرائم جديدة. وبالتالي، إلى الاستياء العام".

أشاد الزعيم الانفصالي الموالي لروسيا دينيس بوشلين "ببطولة" الجنود الذين نجوا من الضربة الأوكرانية و"خاطروا بحياتهم لإنقاذ رفاقهم" من تحت الأنقاض. وقال بوشلين إن نائب قائد الفوج قُتل في الهجوم الصاروخي.

طالب عدد كبير من الروس على مواقع التواصل الاجتماعي بتحقيق شفاف حول ملابسات الضربة. وكتبت فاليري بوتورين على شبكة "في كونتاكتي" الروسية "سيماطلون وفي أسوأ الأحوال، سيحمّلون مسؤولية ذلك إلى طرف ما".

وقالت مجموعة تابعة لأحد المحاربين القدامى تضمّ مئتي ألف مشترك، على تلغرام، "لا ينبغي إلقاء اللوم على الهواتف النقالة ولا على أصحابها، إنما على الإهمال التافه من جانب القادة، الذين لم يحاولوا بالتأكيد إعادة نشر الجنود" خارج المبنى.

وقال الجيش الروسي إن الهجوم نُفذ باستخدام أنظمة صواريخ هيمارس التي حصلت عليها أوكرانيا من الولايات المتحدة لتمكينها من توجيه ضربات في العمق، خلف خطوط الجبهة.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية إنه نظرًا لتدمير المبنى في ماكيفكا، "هناك احتمال أن الذخيرة كانت مخزنة بالقرب من أماكن إقامة القوات".

على نحو غير معهود في روسيا حيث تتكتم السلطات في أكثر الأحيان بشأن الخسائر العسكرية في أوكرانيا، تجمع حوالي 200 شخص يوم الثلاثاء في سامارا بوسط البلاد حدادًا على القتلى الذي يتحدر عدد منهم من المنطقة.

وقالت إيكاترينا كولوتوفكينا التي ترأس مجموعة من زوجات الجنود إن "الأمر صعب للغاية، إنه مخيف. لكن لا يمكن أن ننكسر. الحزن يوحدنا"، مع دعوتها إلى "الانتقام".

لم يعلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علنًا بعد على المأساة.

على الجبهة في أوكرانيا، استمر القتال الأربعاء. وقال سيرغي سيفريوكوف إن قواته دمرت عدة قاذفات صواريخ أوكرانية في دروجكيفكا بمنطقة دونيتسك، وأوقعت خسائر فادحة في الأرواح بعد الهجوم على ماكيفكا. من جهتها، تحدثت أوكرانيا عن وفاة شخص وتدمير حلبة للتزلج على الجليد.

وقال حاكم مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم ميخائيل رازفوجاييف إن الأسطول الروسي صد هجومًا بطائرات مسيرة أوكرانية، أسقطت اثنتان منها.

وقال المسؤول في سلطات الاحتلال الروسي في جنوب أوكرانيا فلاديمير روغوف عبر تلغرام إن مدنيين قتلا في قصف أوكراني بصواريخ هيمارس على فاسيليفكا في منطقة زابوريجيا.

على الجانب الأوكراني، أفادت هيئة الأركان العامة الأربعاء عن تعرض كراماتورسك في الشرق وزابوريجيا وخيرسون في الجنوب للقصف.

وأفادت الرئاسة عن وقوع خمسة قتلى و13 جريحًا في قصف روسي خلال 24 ساعة.