هناك تشابه بشكل مريب بين أعمال الشغب التي شهدتها البرازيل، وأحداث اقتحام مبنى الكونغرس الأمريكي، منذ عامين. بل هناك صلات أعمق بينهما.

فقد جاء على لسان أحد ضيوف بودكاست ستيف بانون، أن "العملية برمتها مريبة". كان ذلك بعد الدور الأول من الانتخابات الرئاسية البرازيلية، في أكتوبر تشرين الأول، من العام الماضي.

وكان السباق الرئاسي متجها نحو الإعادة، ولم تكن النتيجة النهائية واضحة وقتها. ومع ذلك، فإن بانون شرع، مثلما كان يفعل منذ أسابيع، في نشر شائعات، لا أساس لها، عن تزوير الانتخابات.

فأخذ يغذي، رفقة ضيوفه في البودكاست وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، مزاعم عن "سرقة الانتخابات"، والقوى المجهولة. وروج لوسم "الربيع البرازيلي"، وواصل تشجيع المعارضة، حتى بعدما بدا بولسونارو نفسه أنه قبل بنتيجة الانتخابات.

ويعد بانون، الذي شغل منصب كبير خبراء الاستراتيجيا في البيت الأبيض، واحدا من حلفاء دونالد ترامب الرئيسيين، الذين انتهجوا الأسلوب نفسه، في التشكيك في نزاهة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في عام 2020.

ومثلما وقع في واشنطن يوم 6 يناير كانون الثاني 2021، ساعدت تلك التقارير الكاذبة، والشائعات غير المؤكدة، في تحريض الحشود على تكسير النوافذ واقتحام المباني الحكومية، في محاولة للدفاع عن قضيتها.

"افعلوا ما استطعتم"

وفي اليوم السابق لأحداث الكونغرس، قال بانون لمتابعيه على البودكاست: "كل شيء سينفجر غدا". وحكم عليه بالسجن أربعة أشهر، بسبب رفضه الامتثال لأمر بالإدلاء بشهادته أمام لجنة في الكونغرس، كانت تحقق في أحداث 6 يناير كانون الثاني، ولكن أفرج عنه في انتظار جلسة الطعن في الحكم.

وعلى غرار مستشارين بارزين آخرين، عملوا مع ترامب، ونشروا شائعات عن التزوير، فإن بانون بدا الأحد متمسكا بمواقفه، حتى بعد نشر صور الدمار الواسع في البرازيل.

وكتب مرارا على وسائل التواصل الاجتماعي: "لولا دا سيلفا سرق الانتخابات. والبرازيليون يعرفون ذلك". ووصف من اقتحموا المباني الحكومية بأنهم "مناضلون من أجل الحرية".

وحرض الناشط المتطرف، آلي ألكسندر، الذي برز في 2020 ضمن حركة "أوقفوا السرقة" المساندة لترامب، الحشود الغاضبة في البرازيل، وكتب "أفعلوا ما استطعتم"، مدعيا أن له علاقات داخل البلاد.

البرازيل
Getty Images
أعمال شغب ومواجهات

وتحدث أنصار بولسونارو على الانترنت عن أزمة وجودية في البلاد، وعن "استيلاء الشيوعية" عليها، وهو الخطاب نفسه الذي حرض على أعمال الشغب في واشنطن، منذ عامين.

التشكيك في الأنظمة الانتخابية

وتبرز علاقة بولسونارو بحركة ترامب في اجتماع، عقد في نوفمبر تشرين الثاني، بين الرئيس السابق، ونجل بولسونارو، في منتجع ترامب، في فلوريدا.

وحسب تقارير نشرتها صحيفة واشنطن بوست، ووسائل إعلامية أخرى، فإن إدواردو بولسونارو تحدث، في تلك الزيارة أيضا، إلى بانون ومستشار ترامب، جيسون ميلر.

ومثلما وقع في الولايات المتحدة 2020، فإن الرافضين للانتخابات يركزون على آلية التصويت، وفي البرازيل شككوا في أجهزة الاقتراع الالكتروني.

لولا دا سيلفا يؤدي اليمين رئيسا للبرازيل وبولسونارو يغادر إلى الولايات المتحدة

أنصار الرئيس بولسونارو يغلقون الطرق في البرازيل بعد هزيمته أمام دا سيلفا

ورفع المحتجون لافتة كتب عليها "نريد الرمز المصدري"، باللغتين الانجليزية والبرتغالية، في إشارة إلى شائعة مفادها بأن أجهزة الاقتراع الالكترونية تعرضت للبرمجة بشكل معين أو تعرضت للقرصنة من أجل إفشال بولسونارو.

البرازيل
Getty Images
المباني الحكومية تعرضت للتخريب

وأعيدت حسابات برازيلية، مشهورة بإشاعة رفض الانتاخبات، إلى النشاط بعد الانتخابات، وبعد حيازة إيلون ماسك للشركة، حسب تحليل بي بي سي. وكانت هذه الحسابات محظورة.

وزعم ماسك نفسه أن بعض موظفي تويتر في البرازيل "منحازون سياسيا"، دون أن يقدم تفاصيل أو أدلة على تصريحه.

وسارع عدد من معارضي ترامب في الولايات المتحدة إلى إلقاء اللوم على الرئيس السابق، ومستشاريه، لتشجيعهم الاضطرابات في البرازيل.

ووصف الديمقراطي، جيمي راسكين، الذين كان عضوا في لجنة التحقيق في أحداث الكونغرس، المحتجين البرازيليين بأنهم "فاشيون يقلدون أنصار ترامب يوم 6 يناير كانون الثاني".