إيلاف من الرباط: أجمعت شهادات فاعلين سياسيين ودبلوماسيين وإعلاميين، بالرباط، خلال حفل تكريم عبد الكريم بناني، رئيس جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة، نظمته المكتبة الوطنية للمملكة المغربية،في اطار فعاليات"الرباط عاصمة الثقافة الاسلامية"، بالخصال الفكرية والإنسانية التي يتحلى بها المحتفى به، وبالخدمات الجليلة التي قدمها لبلده على مستوى العمل التطوعي، الذي اختطه لنفسه وأرسى أسسه رفقة عدد من مجايليه، في ثمانينيات القرن الماضي.
ورأت شهادات المتدخلين في حفل التكريم أن الأمر يتعلق ب"تجربة متفردة في ثقافة التطوع والعطاء الإنساني اللامحدود للرجل"، باعتباره مناضلا جمعويا وفاعلا ميدانيا "كانت حياته مسارا متواصلا من العطاء"، فيما تكشف تجليات تجربته "المتفردة" أعماله وعلاقاته وموسوعيته الفكرية وجهوده وانفتاحه على الآخر، تماما مثلما تكشفها النتائج التي حققها في إطار جهوده لخدمة عاصمة المملكة، مدينة الأنوار.
وتوقفت الشهادات عند "الأيادي البيضاء الكثيرة" و"الخدمات الإنسانية" التي لم يكن بناني يتردد في الاستجابة لتقديمها كلما تم اللجوء إليه، كما قالت كريمة اليتربي، مديرة معهد كونفوشيوس التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، بحديثها عن رجل كرم لا يحب الأضواء، ويتميز بتواضع جم، وهدوء في الحوار، وجدية في التعامل، كما تميز بالأمانة وروح المسؤولية والالتزام ونكران الذات
وتوقف مصطفى الجوهري، نائب رئيس جمعية رباط الفتح، عند شخصية بناني، وقال إن خصوصيتها تنهل من الوسط الذي ترعرعت فيه، مشيرا إلى أن المحتفى به، الذي ولد بالرباط سنة 1940، تعلم القيم والوطنية على يد رواد الحركة الوطنية، حيث استفاد بشكل مبكر من تأطير شخصيات كان لها دور بارز في صناعة شخصية وطنية بحجمه. وزاد قائلا الجوهري إن الفضل في تكوين شخصية بناني يعود أيضا لوالده.


كما استعرضت الشهادات، التي ألقيت في حق المحتفى به، منجزاته الكبيرة، خصوصا في مجال التطوع الذي "عمل على تنزيل قيمه بالمملكة وشكل واحدا من رواده"، هو الذي انخرط مبكرا في تأسيس النوادي الجمعوية بالمملكة. وهو اليوم، إلى جانب رئاسته لجمعية رباط الفتح، يعد رئيس رابطة الجمعيات الجهوية التي تضم 21 جمعية، والتي جدد من خلالها مقاربة العمل الجمعوي من باب المساهمة في تقوية العمل التنموي المشترك والترافع لفائدة دور المجتمع المدني في التنمية العامة الشاملة.
وبحسب ما ورد في الشهادات المحتفية ببناني، فإن جمعية رباط الفتح تعد "قوة اقتراحية تفيد العمل الحكومي"، سيما في الدفاع عن القضايا الوطنية، وفي خدمة مدينة الرباط معماريا وثقافيا وبيئيا، مستفيدة في ذلك من القدرات التدبيرية لرئيسها، خريج كلية الحقوق، ولحكامته في إطار مختلف المسؤوليات التي تحملها.
وشكلت جمعية رباط الفتح التي أسسها بناني، تجربة رائدة في العمل التطوعي بالمغرب، تعكس من خلال غزارة ونوعية الأنشطة التي قدمتها طيلة سنوات من العمل الجاد والمثمر، القدرات القيادية المتميزة وخصال الكفاءة المهنية والإنسانية التي يتمتع بها بناني.
وعلى مستوى المسؤوليات التي تحملها، لا يتردد بناني في التأكيد على الفوائد الجمة التي جناها بفضل الثقة التي حظي بها من طرف الملك الراحل الحسن الثاني، والملك محمد السادس، ويقول إن الله أكرمه بخدمة ملكين عظيمين، وهي الخدمة التي قال إنها كانت مدرسة تعلم فيها شروط الحياة.
ولخص بناني لحياته وتجربته، وللخصال الإنسانية الرفيعة التي يتحلى بها، في شهادة مؤثرة، شدد فيها على أن التربية التي تلقاها لا تسمح له بالحديث عن نفسه، هو الذي ارتبط عاطفيا ووجدانيا بالرباط، بحكم النشأة والأصل، أولا، ثم بحكم البذل والعطاء، ثانيا، ولذلك جعل من همومها البيئية والاقتصادية جزءا من العمل اليومي لجمعية رباط الفتح، حسب الجوهري.
على نفس المنحى سارت باقي الشهادات، حيث قال الوزير الأسبق فتح الله ولعلو، إن بناني "الذي أحب أن أسميه ب (ولد الناس)"، كان "مدافعا قويا عن الرباط وخصوصياتها وعطاءاتها"، مشيرا إلى أنه سيكون سعيدا اليوم بما وصلت إليه سيما بفضل برنامج "الرباط مدينة الأنوار"، الذي أطلقه الملك محمد السادس.
ولعل من أبرز ما يشهد على الدور الذي يضطلع به بناني على رأس جمعية رباط الفتح، اختياره من طرف مجلة (ذي نيوز أفريكا) كواحد من 100 شخصية رائدة في إفريقيا لسنة 2022. ولذلك، ليس غريبا أن يتم الاحتفاء به، تزامنا مع الاحتفاء بالرباط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي، حيث أن النتائج التي حققها في إطار عمله الجمعوي الموصول "تتحدث عن نفسها، وتحكي قصة طويلة لرجل دولة كبير في جلباب فاعل مدني متطوع".
وفضلا عن الشهادات التي ألقيت في حق المحتفى بها، تحدث عدد من الفاعلين السياسيين والدبلوماسيين والإعلاميين، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن الجهود المتميزة التي بذلها ويبذلها بناني، سواء من خلال ترؤسه لجمعية رباط الفتح، أو من خلال الوظائف التي عهد له بها في ظل عهد الملك الراحل الحسن الثاني والملك محمد السادس، منوهين على الخصوص بحسه الوطني العالي وإبداعه الثقافي الغني، وعطائه التضامني المتميز.
‎بدوره ، قال محمد الفران، مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، إن هذا الحفل الذي ينظم في إطار فعاليات الرباط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي "يكرم واحدا من رجالات مدينة الرباط، بالنظر إلى العمل التطوعي الذي يقوم وتميز به في عاصمة المملكة". ‎وأضاف أن المحتفى به، من خلال ترؤسه لعدد من جمعيات المجتمع المدني، أشرف على مجموعة من مشاريع التنمية المستديمة التي تدخل في إطار الحفاظ على جمالية هذه المدينة وتاريخها الحافل بالصفحات المشرقة.
من جانبه، قال الكاتب والصحفي عبد الحميد اجماهري، إن بناني "يتميز بوطنيته العميقة، وانشغاله الكبير بالهوية الوطنية، وبالفكر والثقافة"، مضيفا أن ما يثيره شخصيا في المحتفى به "سعة علمه وفهمه العميق لمهام المثقف ومهام الثقافة"، كما أنه "مناضل ثقافي" ذو حضور مستمر ومنتج في هذا المجال. ‎وزاد اجماهري قائلا إن بناني "شخصية وطنية ذات أخلاق عالية، ولا يتردد في النصح وفي التفاعل مع القراء"، مبرزا أن "التعرف عليه هو أمر يسعدني، فأنا من القراء المخلصين لكل ما يكتب في المجال الإعلامي في المغرب".
‎وقال ادريس الكراوي، رئيس الجامعة المفتوحة للداخلة، إن المحتفى به "من الوطنيين البررة، ومن رجالات الدولة، الذين بصموا على معالم كبيرة للمغرب الحديث، على صعيد هذا الجيل، الذي استطاع بصفة مبكرة تأسيس اللبنات الأولى لمجتمع مدني يواكب التحولات النوعية التي تعرفها المملكة خصوصا في قضايا التنمية المستدامة والتنمية البشرية والاقتصاد التضامني".
‎واستحضر الكراوي ما يتميز به المحتفى به من "حضور بارز في كل المحطات الرئيسية التي مرت بها المملكة، سواء في مجال العمل الاجتماعي والتضامني، أو على صعيد بناء التنمية البشرية المستدامة، التي كان سباقا لها"، وكذا دوره في تأطير الشباب على صعيد منتدى الشباب المغربي في الألفية الثالثة، و"جعل الشباب في خدمة التنمية المستدامة، وكذا جعل القضية الوطنية في صلب تحركات المجتمع المدني".
‎وخلص الكراوي إلى أن بناني "يعتبر مدرسة في حد ذاته، وسيكون بكل تأكيد مصدر إلهام لأجيال كثيرة في المستقبل".
‎من جانبه، قال الإعلامي والكاتب محمد الصديق معنينو، إن بناني "كان رجل ثقة للملك الراحل الحسن الثاني، وهو رجل ثقة الآن لجلالة الملك محمد السادس".
‎وأضاف أن المحتفى به يعد فاعلا جمعويا حقيقيا بالنظر للعطاء الكبير لجمعية رباط الفتح التي يترأسها، وما قدمته في مجال التنمية المستديمة والثقافة.
وقال جمال الشوبكي، السفير الفلسطيني بالمغرب، إن بناني رجل ذو هامة كبيرة، ومفكر وشاعر وأديب، يستحق كل الاحترام والتقدير، واصفا إياه بـ"الرجل المعطاء الذي يتوفر على الكثير من المواهب، في الشعر والأدب والموسيقى". فيما قال مصطفى الجوهري، نائب رئيس جمعية رباط الفتح، إن بناني "شخصية رباطية ومغربية، تتميز بالوفاء والعطاء اللامحدود، والروح الإنسانية والإخلاص"، أعطى الكثير لمدينة الرباط وللمغرب عامة، معتبرا أنه "إنسان يتميز بالتواضع والعطاء الإنساني، ورجل دولة ذو هوية وطنية ومجتمعية". ‎وأضاف الجوهري أن المهام الإدارية التي تقلدها بناني لم تصرفه عن العمل الثقافي والاجتماعي، بحكم أنه شارك منذ شبابه الأول في تأسيس مجموعة من الجمعيات، خصوصا جمعية رباط الفتح التي خدمها كثيرا واعتبرها المهتمون بالشأن الجمعوي قوة اقتراحية أعطت الكثير وما زالت.